لا تحدث أعنف الانفجارات البركانية في المجموعة الشمسية على كوكبنا، بل على قمر آيو الكبريتي التابع لكوكب المشتري.

لاحظ باحثون من معهد علم الكواكب في أمريكا مؤخرًا حدوث انفجار سبب انبعاث كبيرة على نحو مفاجئ حتى بالنسبة إلى مكان مليء بالبراكين مثل آيو.

شهد الفضاء المحيط بكوكب المشتري زيادة كثافة حلقة البلازما الناتجة عن الانبعاثات البركانية من قمر آيو في الفترة بين شهري يوليو وسبتمبر 2022 واستمرت كذلك حتى ديسمبر من العام نفسه، ما يُظهر أن آيو تعرض لنشاط بركاني غزير أطلق كميات ضخمة من الانبعاثات.

يُعد آيو جرمًا ذا نشاط بركاني شديد مقارنة بحجمه الذي يفوق حجم قمرنا بقليل. فهو يزخر بالبراكين التي يصل عددها إلى 400 بركان معروف يثور 150 منها في أي لحظة مفترضة، ما يخلق بحيرات ضخمة من الحمم المنصهرة.

يعود كل ذلك إلى علاقة آيو مع المشتري، إذ يدور حوله في مدار إهليلجي ينتج عنه تغيرات في الجاذبية تغير شكل القمر في أثناء دورانه حول المشتري.

تُسمى الأقمار الأربعة الكبرى للمشتري بالأقمار الغاليلية، يتعرض آيو، وهو أحد هذه الأقمار، للجذب من قبل الأقمار الثلاثة الأخرى ما يسبب ارتفاع حرارته الباطنية نتيجة الاحتكاك، لينفث بعدها المواد المنصهرة من باطنه.

تؤثر الانبعاثات البركانية الصادرة من آيو في المشتري بسبب عدم امتلاك آيو غلافًا مغناطيسيًّا خاصًّا به، فيتسرب ثاني أكسيد الكبريت مشكلًا حلقة من البلازما تحيط بالمشتري.

تلك الانبعاثات هي ما تغذي الشفق فوق البنفسجي الذي يتلألأ فوق قطبي المشتري، الشفق الأقوى في المجموعة الشمسية.

هذا التفاعل المعقد مذهل بحد ذاته. لكنه أيضًا قد يساعدنا في التعرف على التفاعلات الأخرى المشابهة التي ربما تحدث في المجرة.

لذا فإن جيف مورغنثالر، عالم الفلك في معهد علم الكواكب، يراقب قمر آيو باستعمال مرصد معطيات ومخرجات آيو (IoIO) منذ عام 2017.

كوكب المشتري ضخم ومتوهج جدًّا، لذا يستعمل مرصد آيو آنف الذكر تقنية رصد إكليلي تخفف الضوء المنعكس عن المشتري ليتمكن مورغنثالر من رؤية الضوء الصادر عن بقية الأجرام المحيطة به، بما في ذلك حلقة البلازما.

هكذا تمكن مورغنثالر من أن يرى أن آيو يشهد انفجارًا بركانيًّا ضخمًا كل سنة، واستطاع أن يرى أن الكبريت والصوديوم كانا يُضخان إلى حلقة البلازما في خريف 2022.

لكن رغم ضخامة الكميات التي ضُخت، كانت الحلقة خافتة أكثر من السنوات السابقة. لا نعرف معنى ذلك بعد، لكن اكتشافه قد يخبرنا شيئًا جديدًا عن التفاعل المحتدم بين المشتري وآيو.

يقول مورغنثالر: «قد يخبرنا ذلك شيئًا ما عن تركيبة النشاط البركاني الذي أنتج الانفجار أو قد يخبرنا أن الحلقة أكثر فعالية في تخليص نفسها من المواد عندما يدخل إليها المزيد من المواد».

علينا أن ننتظر لنتعلم المزيد، لكننا سنحصل على المزيد من المعلومات بوجود مرصد آيو على الأرض ومركبة جونو التي تدور حول المشتري في الوقت الراهن، خاصة أن جونو قادرة على قياس التغيرات في بيئة البلازما الخاصة بالمشتري.

إضافة إلى أن جونو ستحلق مقتربة من آيو في ديسمبر 2023، لذا فإننا نتطلع للحصول على معلومات وافرة عن هذا القمر الأصفر الذي يعبق برائحة الكبريت.

يقول مورغنثالر: « قد تخبرنا قياسات جونو إن كان لهذا الانفجار البركاني تركيب مختلف عن سابقيه».

اقرأ أيضًا:

رصد تغير كبير في الحرارة داخل غيوم كوكب المشتري

الصورة الأقرب لقمر المشتري «أوروبا»، التقطتها مركبة جونو من بُعد 350 كيلومترًا

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: نغم رابي

المصدر