من هي (إليزابيث بلاكويل – Elizabeth Blackwell)؟

هي أوّل امرأة مارست الطبّ بشكلٍ قانونيّ، وهي ناشطة اجتماعيّة مدافعة عن حقوق المرأة، أرادت تحقيق حلم دراسة الطبّ وممارسته، فخاضت معركةً لإثبات ذاتها وتخطّت كلّ العقبات التي واجهتها في ذلك العصر، ونجحت، بل تفوّقت في المنافسة التي فُرِضَت عليها في سبيل تحقيق حلمها وطموحها، وأصبحت الطبيبة الأولى في العالم.

وُلِدَت إليزابيث في 3 فبراير/شباط عام 1821، قرب مدينة بريستول في إنجلترا لـِ(صامويل وهانا بلاكويل – Samuel & Hannah Blackwell).

كان والدها صامويل ناشطًا اجتماعيًا آمن بحقوق المرأة وضرورة الاعتدال في تناول المشروبات الكحوليّة، وإلغاء العبوديّة.

كما آمن بأهميّة تقديم تعليمٍ متكافئ لأطفاله إناثًا وذكورًا، فحرص على تدريسهم نفس المواد والمواضيع على يَدَي معلّمين خاصّين.

ثمّ انتقلت العائلة إلى مدينة نيويورك في الولايات المتّحدة الأمريكيّة عام 1832 بعد أن التهمت النيران مصنع السكر الذي عمل فيه والدها، الذي توفي لاحقًا في عام 1838.

اضطرّت حينها هي ووالدتها وأخواتها إلى العمل لافتتاح مدرسةٍ خاصةٍ صغيرة، والعمل فيها كمدرّساتٍ ليعتشن.

ًخلال تلك الفترة، اشتركت إليزابيث في حركاتٍ إصلاحيّة على نحوٍ متزايد، وقررت أن تصبح طبيبة بعدما أخبرتها صديقة العائلة بأنّها تمنّت لو كانت لديها طبيبة أنثى بدلًا من طبيبها قاسي القلب، عندها كانت ستتلقى معالجةً مراعيةً للشعور أكثر.

لذلك أثناء فترة عملها كمدرِّسة قامت إليزابيث بدراسة الطبّ بشكلٍ خاص مع الطبيب (جون ديكسون – John Dickson) ثمّ مع أخيه (صامويل – Samuel)، حتّى عام 1847، وبدأت بتقديم طلبات التحاقٍ لأكثر من مدرسةٍ للطبّ ولكنّها رُفِضَت من جميعها، بسبب غرابة قرارها وخروجه عن المألوف -فقد اقتصرت دراسة الطب وممارسته آنذاك على الرجال فقط- حتّى قُبلت أخيرًا في (كلية جنيف – Geneva College) التي أصبحت تدعى لاحقًا بـِ(كليّات هوبارت وويليام سميث -Hobart and William Smith Colleges) في مدينة جنيف-نيويورك، وقد اعتبر طلاب الكليّة هذا القبول بمثابة مزحة بعد أن قررت الإدارة ترك القرار النهائيّ لقبولها بين أيديهم، وبعد الحصول على موافقتهم جميعًا.

عند بداية دراستها، اعتبروها عديمة الأخلاق وشريرة أو حتّى مجنونة، وتلّقت العديد من المضايقات والسخرية الكبيرة منهم، لكنّهم سرعان ما توقّفوا بعد فترة.

وبالرغم من هذا، تخرّجت إليزابيث واحتلّت المركز الأوّل في صفّها في عام 1849.

سافرت فور تخرجها إلى إنجلترا، لتتدرب في مستشفيات برمنغهام ولندن، ثمّ انتقلت إلى باريس في فرنسا، واضطُرَّت أن تسجّل في دورة القابلات (بمعنى داية للتوليد) في كليّة التوليد فقط، لأنّ باقي المستشفيات رفضت تدريبها.

خلال دراستها هناك، التقطت عدوى من طفلٍ مريضٍ وأصيبت بالتهابٍ أفقدها البصر في عينها اليسرى.

نتيجة لهذا ضاعت جميع فرصها في تحقيق حلمها في أن تصبح جرّاحة.

عادت إلى نيويورك عام 1851، حيث توقّعت تلقّي فرصٍ أفضل في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.

ولكن، ولكونها امرأة، مُنِعَت من ممارسة المهنة في الصيدليات ومستشفيات المدينة، كما لم يوافق أحد على تأجيرها مكانًا لتستقبل المرضى فيه.

لكنّ شيئًا لم يستطع كبح إصرار هذه المرأة الطموحة، ففي عام 1853 افتتحت عيادةً للنساء والأطفال الفقراء، ثمّ بعد ذلك ببضع سنوات انضمت إليها أختها الطبيبة (إيميلي – Emily) وطبيبة أخرى –(ماري إي. زاكرزيوسكا – Marie E. Zakrzewska)- وأقمن معًا (مستشفى نيويورك للنساء والأطفال – New York Infirmary for Women and Children)، والذي لا يزال قائمًا حتّى يومنا هذا.

أثناء تواجدها في نيويورك، تبنّت طفلةً يتيمةً تدعى (كاثرين باري – Katherine Barry) والتي بقيَت معها طوال فترة حياتها.

في إنجلترا عام 1859، أُدرِجَ اسمها ضمن قائمة الأطباء الإنجليز، وكانت هي أوّل امرأة في هذه القائمة، كما أنّها نالت وسام الشرف الملكيّ.

خلال الحرب الأهليّة، ساعدت على تشكيل الجمعيّة المركزيّة لإغاثة المرأة في مدينة نيويورك، كان لهذه الجمعيّة دورٌ فعّالٌ في تأسيس اللجنة الصحيّة الأمريكيّة في عام 1861 -والتي ساعدت الجنود من خلال تزويدهم بالغذاء واللباس والدواء-.

بعد الحرب الأهليّة في عام 1868، حقّقت حلمها بافتتاح كليّةٍ طبيّةٍ للنساء بجانب المستشفى.

وفي إنجلترا بين عامي 1875 و1907، درّسَت الطبّ النسائيّ في مدرسة لندن الطبيّة للنساء، وساعدت على تشكيل مجتمع الصحة الوطنيّ الذي هَدَف بشكلٍ رئيسيّ إلى تعليم الناس وتوعيتهم بفوائد النظافة وأساليب الحياة الصحيّة.

أمّا خلال الثلاثين سنة التالية، فقد قامت إليزابيث بنشر عدّة مؤلّفاتٍ ومقالاتٍ في المجالات الطبيّة والاجتماعيّة والإنسانيّة.

وانتُخِبَت بصفتها أوّل امرأةٍ رائدةٍ في المجال الطبيّ.

توفِّيت إليزابيث في 31 مايو/آيار عام 1910 -أيّ عن عمرٍ يناهز الـ89 سنة-، في مدينة هايستينجز-إنجلترا.

مع وفاتها، كان هنالك ما لا يقلّ عن سبعة آلاف طبيبةٍ معتمدة.

أثبتت إليزابيث أنّه لا فرق بين رجلٍ وامرأة طالما تواجدت الرغبة في تحقيق الحلم، وفتحت مجال الطبّ أمام العديد من الفتيات بفضل إنجازاتها وتحدّياتها وعدم تخلّيها عن حلمها أبدًا.

إليكم بعض أجمل وأشهر أقوالها:

  1.  «تفترض فكرة الحصول على شهادة الطبّ -تدريجيًا- جانبًا من الكفاح الأخلاقيّ العظيم، وجذبتني المعركة الأخلاقيّة بشكلٍ هائل».
  2.  «ليس من السهل أن تكون رائدًا – لكنّه يا للهول، شيء رائع! أنا لن أستبدل لحظةً واحدةً، ولا حتّى أسوأ اللحظات، بكلّ ثروات العالم».
  3.  «إذا لم يعترف المجتمع بالتنميّة الحرّة للمرأة، يجب إعادة تشكيله».
  4.  «يجابه الطبيبةَ جدارٌ فارغ من العداوة الاجتماعيّة والمهنيّة، إذ يشكّل حالةً من الوحدة المفردة والمؤلمة، ما يتركها دون دعمٍ أو احترامٍ أو مشورة مهنيّة».
  5.  «يتجاهل تعليمنا المدرسيّ، بآلاف الطرق، قواعد التنميّة الصحيّة».
  6.  «يجب أن أمتلك شيئاً يعبّر عن أفكاري، شيئًا ما في هذه الحياة يملأ هذا الفراغ، شيئًا يمنع لباس الحزن من الوصول إلى القلب».

  • إعداد: ليلى خالد.
  • تدقيق: آية فحماوي.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر