تمثل الجسيمات والإضاءة الأكثر نشاطًا في الكون لغزًا مستمرًا، إذ إننا لا نعرف من أين أتت. يمكننا تعقب البعض بالطبع، إلا أن كمية أشعة غاما والنيوترينوات التي تتدفق عبر الكون أكبر بكثير مما يمكننا تفسيره.

وجد علماء الفلك للتو أن الثقوب السوداء شبه الخاملة تفسر بعضًا منها. يقول علماء الفلك أن ذلك قد يفسر فائض «أشعة غاما الخافتة» في الكون دون الاعتماد على الإلكترونات الباردة غير الحرارية، الأمر الذي لطالما كان تفسيرًا إشكاليًا، لأن الإلكترونات تصبح مزودة بالحرارة في جداول زمنية يُعتقد أنها أقصر من أن تولد جسيمات عالية الطاقة.

أشعة غاما والنيوترينوات ليست نادرة تمامًا. أشعة غاما هي الشكل ذو الطاقة الأعلى للضوء في الكون، واكتُشفت عند طاقات عالية للغاية. النيوترينوات -أو الجسيمات الخفية- جسيمات عديمة الكتلة تقريبًا تتدفق عبر الكون، بالكاد تتفاعل مع أي شيء على الإطلاق، واكتُشفت عند طاقات عالية. تتطلب الفوتونات والجسيمات الموجودة في داخلها وجود مسرع كوني من أجل الحصول على هذه الطاقات، وينبغي أن تكون أجسامًا عالية الطاقة مثل بقايا المستعر الأعظم أو ثقب أسود يلتهم المواد بنشاط.

لكن حتى مع تفسير مصادر الطاقة العالية هذه، ما يزال لدينا فائض من أشعة غاما الخافتة، إضافة إلى فائض من النيوترينوات، وتفسير الأمر صعب. قد يكون مصدر الفائض غير متوقع، ألا وهو ثقوب سوداء هائلة خاملة تقريبًا لكن ليس بالكامل، وفي الوقت ذاته ليست نشطة بالكامل، ذلك وفقا لفريق من الباحثين بقيادة عالم الفلك شيجيو كيمورا من جامعة توهوكو في اليابان.

عندما يكون الثقب الأسود الضخم نشطًا، يحاط بقرص هائل من الغبار والغاز يُسحب إليه ببطء. تسخن القوى الهائلة في الفضاء حول الثقب الأسود المواد الموجودة في القرص، ما يجعله يشتعل عبر مجموعة من الأطوال الموجية الكهرومغناطيسية، بما في ذلك أشعة غاما. إضافة إلى أن بعض المواد تُسحب حول الجزء الخارجي من الثقب الأسود على طول خطوط حقله المغناطيسي التي تؤدي دور المسرع نحو القطبين، لتُطلق في الفضاء بسرعة تعادل نسبة مئوية كبيرة من سرعة الضوء.

يُعتقد أن كل مجرة تتضمن ثقبًا أسود هائلًا في منتصفها، لكن ليس جميعها نشطًا. فمثلًا، ثقب مجرتنا الأسود الهائل كسول جدًا. قد ينتج فائض أشعة غاما في نطاق طاقة منخفضة -ميغا إلكترون فولت بدلًا من غيغا أو تيرا إلكترون فولت- عن الثقوب السوداء الهائلة التي تتراكم عند مستوى منخفض فتكون باهتة بالنسبة لتلسكوباتنا هنا على الأرض. أجرى الفريق حسابات واكتشف كيفية عملها. ما تزال هناك بعض المواد التي ما تزال تسخن رغم وجود عدد أقل من المواد تحوم حول هذه الثقوب السوداء غير النشطة.

في الواقع، قد تصل حرارة هذه البلازما إلى مليارات الدرجات المئوية، أي أنها ساخنة كفايةً لتوليد أشعة غاما في نطاق الميغا إلكترون فولط، أو ما يسمى بأشعة غاما الخافتة. يمكن تسريع البروتونات بشدة داخل هذه البلازما، ويمكن أن تولد هذه البروتونات عالية الطاقة النيوترينوات عندما تتفاعل مع الإشعاع أو المادة، من ثم تفسر فائض النيوترينوات أيضًا. هناك ما يكفي من هذه الثقوب السوداء الضخمة الهادئة في الكون لتفسير نسبة كبيرة من إشارات الفائض هذه على الأقل.

ما يزال الأمر فرضيةً حتى الآن، لكن تحققنا من ذلك رياضيًا. متسلحين بهذه المعلومات، ينبغي أن يكون لدى علماء الفلك فكرة أفضل عما يجب البحث عنه في عمليات الرصد المستقبلية، وسوف يكون لغز أشعة غاما التي لا تفسير لها أقرب إلى الحل.

اقرأ أيضًا:

على الأقل نحو ربع النجوم الشبيهة بالشمس التهمت أحد كواكبها

اكتشاف جديد عن الأقزام البيضاء قد يساهم في التنبؤ بنهاية الكون

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: طارق طويل

المصدر