يكشف لنا بحث جديد الأشكال التي يتخذها الثلج عند ذوبانه، وهذا يعتمد على درجة حرارة الماء المحيط به، أتاح الاكتشاف رؤيةً جديدةً للفيزياء المعقدة التي تقف وراء هذا التحول المعقد والغامض.

لإجراء التجربة، جهز الفريق المشرف على البحث ثلجًا فائق النقاء، خاليًا من الشوائب والفقاعات. أُنزل الثلج في خزانات ماء موجودة في غرف باردة مصممة خصوصًا للتجربة ثم بدأت عمليّة مراقبة الثلج. سجل الفريق التغيرات التي حصلت في شكل الثلج بتصويره بفواصل زمنية، واستخدام نماذج رياضية لتحديد العمليات الأساسية التي غيّرت شكل الثلج عند تفاعله مع الماء المحيط به.

يقول الفيزيائي التجريبي ليف ريستروف من جامعة نيويورك: «إن شكل الثلج والزخارف التي تتشكل على محيطه ما هي إلا مؤشرات حساسة تعتمد على ظروف البيئة التي يذوب فيها».

وأضاف: «كان التركيز على درجات الحرارة المنخفضة بشكل أكبر؛ من 0 إلى 10 درجات مئوية، أي الدرجة الاعتيادية التي يذوب عندها الثلج في الماء. كانت النتيجة مذهلة؛ تنوّعٌ كبير في الأشكال التي تكوّنت».

يأخذ الثلج شكل مسمار مدبب نحو الأسفل في درجات الحرارة المنخفضة جدًا، أقل من 5 درجات مئوية، ويتحوّل إلى مسمار مدبب نحو الأعلى عندما تصبح درجة الحرارة فوق 7 درجات مئوية، ويصبح الثلج متموجًا عند درجات الحرارة بين 5 و 7 درجات مئوية.

أنماط ذوبان الثلج بهذا الشكل موجودة في الطبيعة ويُطلق عليها الأنماط المتموجة، وتعود هذه الاختلافات إلى تغيرات تدفق الماء الذي ينجم عن تغير درجة الحرارة، إذ يزداد التدفق بازدياد تسرب الثلج إلى الماء.

قال الباحثون: «عند ذوبان الثلج تصبح درجة حرارة الماء المحيط به متفاوتةً، بمعنى آخر كثافة متغيرة في الماء المحيط. وهبوط السائل الأثقل وارتفاع السائل الأخف بسبب الجاذبية يُنتج الذوبان بمعدلات ومناطق مختلفة ما يسبب اختلافًا في الشكل».

يتناسب تشكل المسامير المدببة نحو الأسفل مع تدفق الماء نحو الأعلى، ويتناسب تشكل المسامير المدببة نحو الأعلى مع تدفق الماء نحو الأسفل.

صرح عالم التطبيقات الرياضية سكوت ويدي من جامعة نيويورك: «كثافة الماء تعتمد بشكل كبير على درجة الحرارة، إذ يُبدي الماء كثافة عالية عند 4 درجات مئوية، وهذه الميزة جعلت الماء مختلفًا عن باقي السوائل».

تقنيًا، ما حدث في التجربة يشبه قانون اضطراب كلفن-هيلمهولتز (اختلاف سرعة السوائل التي تتحرك عكس بعضها)، وقد شوهدت هذه الحالة في العديد من الظواهر الطبيعية، مثل: الغيوم في الأرض والعديد من الكواكب الأُخرى.

وبالنتيجة أصبح العلماء على دراية واسعة حول تشكيل ذوبان الثلج أنماط التدفق العديدة، وأنماط التدفق هذه بدورها تؤثر لاحقًا في الذوبان مثل جبل من الثلج في منتصف المحيط.

مستقبلًا، من الممكن معرفة كيفيّة ذوبان الثلج فقط من خلال شكله، وهذا مهم اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب اختفاء مخزون الجليد على الأرض بمعدل ثابت.

يقول ريستروف: «ساعد الاكتشاف الذي توصلنا إليه على شرح خصائص أشكال الجليد الموجود في الطبيعة، خصوصًا قمم الجبال التي تشبه المسمار أو الأبراج -ما يطلق عليه مورفولوجيا قمة الجبال الجليدية- وأيضًا جبال الشكل المتموج المكونة من حفر مموّجة».

«المغزى الأساسي من هذا البحث يتعلق بتغير مناخ الأرض وازدياد معدل ذوبان الثلج في أنحاء الكوكب جميعها. من المهم أن يتكون لدينا فهم أعمق للفيزياء والرياضيات التفصيلية لعملية الذوبان بمقاييس مصغّرة، لأنها انعكاس لأنماط المناخ الكبرى».

اقرأ أيضًا:

في حال ذوبان القمم الجليدية في القطبين ..كم سيرتفع منسوب مياه المحيطات

أنواع البنى الجليدية

ترجمة: رهف ابراهيم

تدقيق: عبد المنعم الحسين

المصدر