مضى أكثر من 2300 عامٍ على انتشار فلسفتهِ، ولكنَّ أفكاره لا تزال موضعَ نقاشٍ وجدلٍ، وعناوينَ لرسائل دكتوراه (Ph.D.) حتّى اللحظة!

حتّى بعد الثورات الفكريّة لعصر النهضة، الإصلاح، والتنوير، بقيت مفاهيمه جزءًا لا يتجزّأ من التفكير الغربيّ.

كان يُعرف باسم “المعلّم الأولّ” في الفلسفة العربيّة و”الفيلسوف” في الفلسفة الغربيّة، فمنْ هوَ؟

إنَّه أرسطو.

فيلسوفٌ يونانيّ، تلميذُ أفلاطون والذي تتلمذ بدوره لدى سُقراط. يُعتَبَر أرسطو مِنْ عظماء المفكّرين، وُلِدَ في مدينة أسطاغيرا – مقدونيا سنة 384 ق.م، وكان والده نيكوماخوس طبيب الملك أمينتاس الثالث المقدونيّ جَدُّ الاسكندر الأكبر.

في السابعة عشرة من عمره، سافرَ أرسطو من مقدونيا إلى أثينا ليتلقّى تعليمه، والتحق في أثينا بأكاديميّة أفلاطون، واستمرَّ في تلك الأكاديميّة نحوَ عشرينَ سنة.

جُمّعَتْ كلُّ مؤلفات أرسطو في المنطق تحتَ اسم (الأورجانون – organon) وتعني كلمة “أورجانون” الأداة، إذ بحثت تلك المؤلَّفات عن موضوعِ الفكر بحدِّ ذاته والفكر هو الأداة أو الوسيلة للمعرفة. كتبَ أرسطو مئَتَي أطروحةٍ نجا منها 31 فقط.

أثّرَ أرسطو كثيرًا في مفكري العالم بعلمِ المنطق الصوريّ الذي جاءَ به، والذي يُعتَبَر أولى القواعد التي عرفتها البشريّة.

تُغطّي كتاباته مجالاتٍ عِدّة، يشمل الفيزياء، والميتافيزيقيا، والشِعر، والمسرح والموسيقى، والمنطق، والبلاغة، واللغويات، والسّياسة، والحكومة، والأخلاقيّات وعلم الأحياء، والزراعة، وعلم النبات، والطبّ، و(علم الحيوان – zoology).

كان أرسطو رائدًا في دراسته، سواءً من الناحية العمليّة أو النظريّة، لم يتفوّق أحدٌ على بعض أعماله حتّى القرن التاسع عشر. كما أنّه واحدٌ من أهمّ مؤسّسي الفلسفة الغربيّة.

فهو ثاني فلاسفة الغرب قدرًا بعد أفلاطون. هو مؤسّس علم المنطق، وصاحب الفضل الأوّل في دراستنا اليوم للعلوم الطبيعيّة، والفيزياء الحديثة.

أفكارهُ حولَ الميتافيزيقيا ما زالَتْ محورَ النقاش الأوّل في النقاشات الفلسفيّة بمُختلَف العصور، وهو مُبتدع علم الأخلاق الّذي لا زالَ من المواضيع التي لم يكفّ البشر عن مناقشتها حتّى الآن.

يمتدُّ تأثير أرسطو لأكثر من النظريّات الفلسفيّة، فهو مؤسّس البيولوجيا (علم الأحياء) بشهادة داروين نفسه، وهو المَرجع الأكبر في هذا المجال.

كما أنّ شِعره يُعتَبَر أوّل أنواع النقد الدراميّ في التاريخ، إذ أنّ تأثيرهُ واضحٌ على جميع الأعمالِ الشِعريّةِ الكلاسيكيّة في الثقافة الغربيّة، ورّبما غيرها أيضًا.

يَرجعُ سببُ هذا التأثير إلى أنَّ أعمالَ أرسطو كانت شاملةً ومحيطةً بجميع الجوانب الحياتيّة، وتروق لكلِّ البشر بمختلف الثقافات.

وإليكم عشرةً من أشهر أقواله:

  • «الإنسان في أفضل حالاته أنبل من جميع الحيوانات؛ لكنّه بمعزلٍ عن القانون والعدالة، أسوؤها».
  • «يمكن لأيّ شخصٍ أن يغضب فهذا سهل، ولكن أن يكون غاضبًا من الشخص المناسب بدرجةٍ مناسبة، وفي اللحظة المناسبة، وللغرض المناسب، وبالطريقة المُثلى؛ فهذه قوّةٌ لا يمتلكها الجميع لأنّها ليستْ بالأمر السهل».
  • «العادات الجيّدة المكتسبة في الصِبا تُحدِث الفرق الكبير».
  • «لا توجد عبقريّة عظيمة دون مسٍّ من الجنون».
  • «أسوأ شكلٍ من أشكال عدم المساواة هو محاولة المساواة بين الأمور غير المتساوية».
  • «المتعة في العمل تضفي له الكمال».
  • «الجودة ليست فعلًا، بل هي عادة».
  • «علامة العقل المتعلّم قدرته على تداول فكرة دون قبولها».
  • «جذور التعليم مريرة، ولكنَّ ثمارهُ حلوة».
  • «خلال أكثر أوقاتنا ظلمة يجب أنّ نركّز لكي نبصر النور».