قال ليبرتي فيترت Liberty Vittert بروفسور علم البيانات في جامعة واشنطن: «تم اختياري هذا العام لأكون ضمن لجنة التحكيم في المجتمع الإحصائي الملكي لوضع الإحصائيات الدولية لهذا العقد».

فكما هو الحال في مسابقة قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية المعروفة بكلمة العام، يهدف الإحصاء الدولي هذا لاختيار أهم أحداث هذا العقد.

استقبلت لجنة التحكيم ترشيحات من المجتمع الإحصائي والجمهور على نطاق واسع لإنشاء إحصائية تسلط الضوء على المواضيع الأهم في هذا العقد.

وأُعلِن الحدث الفائز في الثالث والعشرين من ديسمبر متمثلًا بمساحة من الأرض تعادل مساحة 8.4 مليون ملعب لكرة القدم أزيلت منها الغابات في الأمازون في العقد الماضي، وهذا يعادل 24 ألف ميل مربع أو حوالي مساحة 10.3 مليون ملعب لكرة القدم الأمريكية مجتمعة.

غطاء غابات الأمازون

تشكل مساحة غابات الأمازون البرازيلية في عام 2018 نحو 82.7 % مما كانت عليه عام 1970.

أعلن العلماء للتو إحصائيات هذا العقد وهي مفجعة - لجنة التحكيم في المجتمع الإحصائي الملكي - المواضيع الأهم في هذا العقد - غابات الأمازون

وفرت لنا هذه الإحصائية -التي أعطت نبذة فقط عن طبيعة القضية- رؤيةً للتغير الدرامي الذي طرأ على هذه المساحات الطبيعية خلال السنوات العشر الماضية.

منذ عام 2010 تعرض الميل بعد الميل من هذه الغابات إلى نطاق واسع من الممارسات ذات الطابع التجاري مثل إنشاء مزارع لتربية المواشي، و قطع الأشجار ونقلها، وازدهار صناعة زيت النخيل أيضًا.

استندت الحسابات التي جاءت بها هذه اللجنة على نتائج مراقبة إزالة الغابات القادمة من الوكالة الوطنية لأبحاث الفضاء في البرازيل وعلى أرقام منظمة الفيفا أيضًا؛ لمعرفة أبعاد ملاعب كرة القدم.

حساب التكلفة

هناك العديد من الأسباب التي توضح أهمية عمليات الإزالة هذه اقتصاديًا وبيئيًا واجتماعيًا.

أولها هو أن 20 إلى 30 مليون نسمة يعيشون في غابات الأمازون ويعتمدون عليها لمواصلة العيش، وعلاوة على ذلك فهي موطن لآلاف الأنواع من النباتات والحيوانات والعديد منها معرض لخطر الانقراض.

ثانيًا، يمتلك حوض الأمازون خُمس مياه العالم العذبة موفرًا الماء للعالم عبر إطلاق بخار الماء في الغلاف الجوي الذي يمكنه أن ينتقل لآلاف الأميال، لكن مع ذلك ضرب البرازيلَ جفاف غير مسبوق هذا العقد ويعتقد أن هذا الجفاف كان نتيجة تجريف الغابات.

خلال حادثة الجفاف هذه قال مزارعو مدينة ساوباولو إنهم خسروا ثلث محاصيلهم جراء هذا الجفاف؛ فوعدت حكومة البرازيل العاملين في قطاع صناعة القهوة بتعويضات تصل 300 مليون دولار أمريكي بسبب خسائرهم.

أخيرًا، تخزن غابات الأمازون أكثر من 180 مليار طن من الكربون وحدها، لذلك فإن إزالة أشجارها أو حرقها يؤدي إلى توجه هذه النسبة من الكربون نحو الغلاف الجوي.

أظهرت الدراسات أن التكاليف الاجتماعية لانبعاثات الكربون تبلغ 417 دولار لكل طن. أظهرت دراسة أجريت في نوفمبر من عام 2018 أن غابات الأمازون يمكن أن تدر أرباحًا مقدارها 8 مليار دولار كل عام إذا ما تُرِكت دون إزالة أو حرق، وذلك عبر الصناعات المستدامة مثل زراعة الجوز والمطاط، ناهيك عن تأثيراتها البيئية.

الفائدة المادية

قد يدعي البعض أن هناك استفادة مادية من عمليات التجريف هذه، وأنها ليست بالأمر السيئ. وقد وصل الأمر بالرئيس البرازيلي جار بولسونارو Jair Bolsonaro بالقول إن إنقاذ غابات الأمازون يعَد عائقًا أمام النمو الاقتصادي وأن كل الأراضي التي يسكنها السكان الأصليون تخفي تحتها ثروة.

إذا ما حاولنا التفكير بمنطقهم هذا لنفترض أن كل فدان من الغابات المطرية يحوَّل إلى مزرعة يقدر ثمنه بنحو 1000 دولار، وهذا يعادل تقريبًا ما أنفقه المزارعون الأمريكيون لشراء مزارع إنتاجية في البرازيل، لذلك فإن ما حوِّل من غابات إلى مزارع في الأمازون يقدر بنحو مليار دولار.

استُخدمت الأراضي المحولة بشكل رئيس في تربية المواشي لذبحها وبيعها، وهناك أكثر من 200 مليون رأس ماشية في البرازيل، فإذا افترضنا أن كل فدان من هذه الأراضي يملك رأسان من الماشية، فهذا يعني أن هذه الأراضي الإضافية ستدر على البرازيل أرباحًا مقدارها 20 مليار دولار. لهذا تعَد هذه الإزالة تغييرًا أحمقًا مقارنة بالخسائر الناجمة عنها.

يمتلك الفلاحون والشركات التجارية المستفيدة (وغيرهم ممن يبحث عن أراضٍ قليلة الكلفة) مصلحةً واضحة في عمليات الإزالة هذه، لكن أي أرباح آنية سيحصلون عليها جراء هذه الإزالة، ستتفوق عليها خسائر طويلة الأمد على الجميع.

إنعاش الغابات

في الوقت الحالي تُزال أراضٍ بمساحة أكثر من ثلاثة ملاعب لكرة القدم كل دقيقة.

ماذا لو أراد أحدهم أن يعيد زراعة هذه المناطق من جديد؟ وبالفعل هناك الكثير من المنظمات الخيرية تجمع الأموال لفعل ذلك.

نحتاج لإعادة زراعة فدان واحد من هذه الأراضي نحو 2000 دولار وهي أقل كلفة ممكنة، هذا يعني أننا نحتاج أكثر من 30 مليار دولار لإعادة زراعة المناطق التي أُزيلت خلال هذا العقد.

يقول البروفسور ليبرتي: «تشير الدراسات التي شاهدتها والحسابات التي قمت بها إلى أن الخسائر نتيجة هذه الإزالة تقدر بتريليونات الدولارات خلال هذا العقد ليس إلا».

اقرأ أيضًا:

ما هي قرارات الرئيس البرازيلي الجديد بخصوصِ غابات الأمازون؟

أكثر من 11000 عالم يعلنون عن أزمة مناخية عالمية

ترجمة: رياض شهاب

تدقيق: زيد الخطيب

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر