أعمال شكسبير تكتبها القرود بفضل تقنية استشعار دماغيّ جديدة


توجد نظرية قديمة عن القرود والآلات الكاتبة وشكسبير تشير إلى أنه خلال وقت غير محدود، يمكن لأي قرد ينقر عشوائيًّا على الآلة الكاتبة إعادة كتابة الأعمال الكاملة لذلك الكاتب المسرحيّ.

وقد جمع العلماء الآن بين هذه العناصر الثلاثة بالفعل. لكن ليس بغرض دراسة العشوائية، وإنما لطرح طرق جديدة لترجمة أفكارنا إلى كلمات مكتوبة عن طريق قراءة إشارات الدماغ وتحويلها إلى حركة على لوحة المفاتيح.

فطوّر باحثون في جامعة ستانفورد النظام المسؤول بشكل أساسيّ عن الكتابة بالعقل. وأجرى هذا الفريق من الباحثين تجارب على مجموعة من القرود، التي راقبوها وهي تكتب نصًا بمعدل يصل إلى 12 كلمة في الدقيقة.

ويقول “بول نيوجوكيان”، وهو أحد هؤلاء الباحثين: “تثبت نتائجنا أن هذه الواجهة تحمل إمكانات عظيمة عند استخدامها مع البشر.
فهي تسمح بمعدل كتابة كافٍ لإجراء محادثة ذات معنى”.

لم “يتعلم” القرود المشاركون في هذه الدراسة القراءة وفهم الإنجليزية فجأة، وإنما تدرّبوا على كتابة الحروف بناءً على ما كان يظهر أمامهم على شاشة. وبالإضافة إلى كتابة مسرحية “هاملت” لشكسبير، أعاد هؤلاء القرود كتابة فقرات من صحيفة “نيويورك تايمز”.

على الرغم من الإعلان عن استخدام تقنية مماثلة من قبل، يقول باحثو جامعة “ستانفورد” إن النظام الجديد الذي طوّروه أسرع وأكثر دقة بكثير من أي شيء آخر موجود حاليًا. وهذا هو السبب وراء أهمية معدل الكتابة.

وترجع هذه الزيادة في السرعة إلى التحسينات في اللوغاريتم الذي يحوّل التفكير إلى حركة.

في هذه التجربة الجديدة، تُقرَأ الموجات الدماغية باستخدام مصفوفة متعددة الإلكترودات تُزرَع في مخ القرد لتسجيل الإشارات العصبية.

لكن النظام لا يبحث عن حروف أو كلمات كاملة، وإنما يراقب الجزء بالمخ الذي يتحكم فيما تفعله اليدان، مثل تحريك فأرة الحاسب الآلي.

ومن خلال اعتراض أوامر الدماغ بتحريك الفأرة على المكتب، تترجم التقنية هذه الأفكار مباشرةً إلى حركات لمؤشر الفأرة على الشاشة، وبذلك يمكن انتقاء الأحرف واحدًا تلو الآخر.

ومع إضافة بعض خصائص التصحيح التلقائيّ مثل تلك الموجودة على الهاتف، يقول الباحثون إن النظام يمكن أن يكون أسرع من ذلك أيضًا.

للاستشعار الدماغيّ مزايا عديدة مقارنةً بتقنية الكتابة بتعقب العين: فهو ليس بالقدر نفسه من الإرهاق للكاتب، بالإضافة إلى كوّنه أكثر عملية لمَن لا يمكنهم دائمًا التحكم في حركات الوجه والعينين.
وقد يتمكن النظام من العمل أيضًا على المدى الطويل.

فمرّت عدة سنوات الآن على وجود زارعات مراقبة الدماغ في القرود الخاضعة للاختبارات، ويقول الباحثون إنه لم توجد أي اختلافات ملحوظة في نشاط المخ أو أي آثار جانبية غير مرغوب فيها.

ويقول “نيوجوكيان” إن: “الواجهة التي اختبرناها هي بالضبط ما سيستخدمه البشر.
فما لم نقدّره من قبل أبدًا هو معدل الكتابة الذي يمكن تحقيقه”.

وعلى الرغم من أننا لن نرى في أي وقت قريب أية قرود تكتب أعمالًا أصلية بجودة أعمال شكسبير، يمكن أن تساعد كثيرًا التقنية محل الدراسة الناس الذين يواجهون صعوبة في الكتابة أو التحدث.

ويبدو أننا لن ننتظر طويلًا حتى نكتشف مدى إمكانية تطبيق النظام محل الدراسة، إذ تُجرَى حاليًا تجربة سريرية على هذا النظام يشارك فيها بشر.
نُشِرت النتائج في مجلة جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات.


ترجمة: أميرة علي عبد الصادق
تدقيق بدر الفراك
المصدر الاول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدرالرابع