تمثل الألواح الصخریة الآشوریة القدیمة أقدم تقاریر معروفة عن ظاهرة الشفق القطبي ، إذ یعود تاریخها إلى ما قبل 2500 عام، وقد وُجد هذا الوصف المكتوب بالمسماریة على ثلاثة ألواح حجریة یعود تاریخها إلى الفترة بین 679 إلى 655 قبل المیلاد. كما أعلن الباحثون في دراسة جدیدة اكتشافهم مصادر تاریخیة معروفة أخرى للشفق قبل نحو قرن.

والشفق هو ظاهرة توهج الضوء التي تحدث بسبب اتحاد موجات من الجزیئات المشحونة القادمة من الشمس، مع المجال المغناطیسي للأرض.

كتب مؤلفو هذه الدراسة في السابع من شهر أكتوبر بأن الأرض قد تعرضت لنشاط شمسي هائل في القرن السابع قبل المیلاد، وقد تكون ظواهر الشفق التي وُصفت في الألواح نتیجةً لهذا النشاط الشمسي القوي.

ساعدت حسابات الرصد القدیمة -كتلك التي في الألواح الآشوریة- العلماء على تشكیل صورة كاملة عن الهیئة الكونیة للأرض بالاشتراك مع الشمس.

قال مُعد هذه الدراسة هیساشي هایاكاوا Hisashi Hayakawa، وهو عالم فلكي في جامعة أوساكا الیابانیة، والباحث الزائر لدى مختبر رذرفورد أبلیتون – Rutherford Appleton Laboratory في المملكة المتحدة: «وفرت التلسكوبات في أفضل حالاتها عددًا بسیطًا جدًا من اللقطات التي توضح سلوك الشمس، لأن هذه المراصد توفرت فقط قبل 400 سنة».

ألواح آشوریة تحتوي أقدم سجل مكتوب عن ظاهرة توهج السماء المسماة الشفق القطبي مصادر تاریخیة معروفة للشفق ظاهرة الشفق القطبي

اكتشف فریق آخر من الباحثین مؤخرًا في هذا العام عاصفةً شمسیةً هائلةً أكبر بعشرة أضعاف من أي عاصفة نعرفها في تاریخنا الحدیث، وقد اجتاحت العاصفة الأرض قبل حوالي 2600 عام. ترك هذا القصف الجیومغناطیسي الشدید خلفه آثار ذرات مشعة محتجزة داخل جلید غرینلاند.

تساءل مؤلفو هذه الدراسة فیما إذا كان علماء الفلك الآشوریون قد سجلوا في تلك الحقبة أي أحداث غیر مألوفة لها ارتباط بالعاصفة الشمسیة.

تحقق الباحثون من 389 تقریر في الألواح المسماریة الموجودة في تشكیلة المتحف البریطاني، إذ وَصفت معظم هذه التقاریر نشاطات قمریة وكوكبیة، لكن سجلت ثلاثة تقاریر منها ظاهرةً مرشحة لتمثل الشفق القطبي بوصفها بالـ «التوهج الأحمر والغیمة الحمراء والسماء الحمراء»، وفقًا لهذه التقاریر.

قال هایاكاوا: «تتطابق هذه الأوصاف تمامًا مع الوصف الحدیث لظاهرة الشفق».

یقول الباحثون إن اللون الأحمر یتشكل في الشفق الذي یحصل على ارتفاعات منخفضة، وكذلك الشفق الذي یحدث بسبب الإلكترونات منخفضة الطاقة. يرتبط الیوم الشفق في نصف الكرة الشمالي بالمناطق القریبة من القطب الشمالي.

لكن المجال المغناطیسي الأرضي دینامیكي متغیر، فقبل آلاف السنین كان المجال المغناطیسي الشمالي أقرب بعشرة درجات للشرق الأوسط مما هو علیه الیوم، ليزید ذلك من احتمالیة حدوث ظاهرة الشفق الفریدة من نوعها في هذا الجزء من العالم.

أضاف هایاكاوا بأنه حتى خلال نهایة القرن التاسع عشر كانت ظاهرة الشفق ما تزال تحدث في القاهرة وبغداد والإسكندریة.

یقول هایاكاوا: «عندما تكون لديك عواصف مغناطیسیة بهذه القوة، فلیس من الغریب أن تشاهد ظاهرة الشفق في الشرق الأوسط حتى خلال فترة العصر الحدیث».

مضیفًا أن ندرة وجود هذه الأوصاف في السجلات الآشوریة یعود لكون ما شاهده كُتّاب هذه السجلات شیئًا خارج المألوف، ولم یكن على سبیل المثال مجرد سماء حمراء قد تصاحب غروب الشمس.

قبل هذا الاكتشاف، وُجد أقدم ذكر لهذه الظاهرة في لوح طیني یعود للحضارة البابلیة یُعرف باسم (مذكرات فلكیة – Astronomical Diaries) یعود تاریخه للعام 567 قبل المیلاد.

ووفقًا للدراسة، فإن الألواح الآشوریة سمحت لنا بتتبع تاریخ النشاط الشمسي لفترة أبعد بمقدار قرن كامل عن أقرب تقریر معروف لبیانات تخص وجود ظاهرة الشفق القطبي.

اقرأ أيضًا:

الشفق القطبي

هل تساءلت من قبل؟ كيف ولماذا يتشكل الشفق القطبي؟

ترجمة: ریاض شهاب

تدقيق: عبد الرحمن عبد

مراجعة: رزان حميدة

المصدر