توجد طرق كثيرة لمنع الحمل غير المرغوب فيه. إحدى الطرق هي عملية قطع القناة المنوية؛ إذ تُجرى عملية جراحية على الجهاز التناسلي للذكور لمنع إطلاق الحيوانات المنوية في أثناء القذف. بينما ينغلق المخرج فعليًا، تستمر الخصيتان في إنتاج الحيوانات المنوية، ما يجعلنا نتساءل: أين تذهب الحيوانات المنوية بعد عملية قطع القناة المنوية؟

إن الإجابة تتلخص في فسيولوجيا الخصية (العضو داخل جسم الإنسان الأكثر تشابهًا مع الدماغ، ألم تعلم ذلك؟) التي تعمل كنوع من إعادة تدوير الحيوانات المنوية.

تُنتَج الخلايا الجنسية أولاً بوساطة الخلايا الجذعية التي تسطر هياكل صغيرة شبيهة بالخرطوم تُسمى النبيبات المنوية، ومن الممكن وجود نحو 900 منها في كل خصية، ولكل منها جدار وفضاء مركزي يسمى لُمعَة (جوف الأنبوب).

عند تشكيل الخلايا الجذعية خليةً منويةً -وهي عملية تسمى الإنطاف (تكوُّن الحيوانات المنويّة)- فإنها تحتاج إلى نحو 65-75 يومًا لكي تنضج في جدار النبيبات المنوية. وعند الانتقال إلى المرحلة التالية، فإنها تدخل اللُمعة وتنتقل إلى البَرْبَخ.

وهنا توجد خلايا الحيوانات المنوية في أنبوب صغير لكنه طويل جدًا (البربخ)، وقد يمتد حتى 20 قدمًا خارج الجسم، إذ تنضج هذه الخلايا تمامًا وتتقن مهاراتها في السباحة. وعندما تجهز، تنتقل الحيوانات المنوية خلال الأسهر، الذي يُعد النفق القاذف للخصية.

يربط هذا الأنبوب العضلي (الأسهر) الخصيتين بالإحليل (مجرى البول)، فيمكنهم الخروج من الجسم عند حدوث عملية القذف، والرحلة تجري بسلاسة بواسطة خليط من الإفرازات من غدة البروستاتا والحويصلات المنوية لعمل سائل تسهل حركة الحيوانات المنوية فيه.

ماذا يحدث في عملية قطع القناة المنوية؟

فيما يتعلق بمكان حدوث عملية قطع القناة المنوية، تتضمّن العملية قطع الأنبوب العضلي الذي يسمى الأسهر، الذي تحتاج إليه الحيوانات المنوية للخروج من الخصيتين والانضمام إلى السائل المنوي ثم الخروج من الجسم.

بعد نحو 12 أسبوعًا من عملية قطع القناة المنوية، كل الحيوانات المنوية سوف تزال من هذا الأنبوب؛ ما يعني أن القذف في المستقبل سيتكون من سائل عقيم (بالمعنى التناسلي للكلمة). الشخص الذي يقوم بالعملية على الأرجح لن يكون قادرًا على اكتشاف أي تغيرات في المني، إذ إن طول المكون المفقود يمتد من 4 إلى 5 ميكرومترات وعرضه من 2 إلى 3 ميكرومترات.

أين تذهب الحيوانات المنوية بعد قطع القناة المنوية؟

إن خضوع الشخص لعملية قطع القناة المنوية وعدم حدوث القذف هو الشيء نفسه.

الخصيتان مثل مصانع إعادة التدوير؛ إن لم تُقذف الحيوانات المنوية، سوف تُقطّع إلى أجزاء ويُعاد امتصاصها. تُعد عملية إزالة الحيوانات المنوية التي انتهت صلاحيتها وفاعليتها عمليةً حيويةً، فهي تضمن مغادرتها الجسم في أفضل حال ممكنة إذا احتاجت إلى الشروع في سباق طويل إلى البويضة.

ولهذا السبب فإن مصطلح (الكرات الزرقاء) المعروف طبيًا باسم (فرط ضغط الدم البربخي) لا علاقة له بالحيوانات المنوية. صحيح أن الخصية تُنتج كميةً لا تصدق من الحيوانات المنوية؛ ما يقارب 300 مليون خلية منوية يوميًا، ما يعادل 12.5 مليون في الساعة أو 3500 في الثانية، مع ذلك، فإن غير المستعملة منها تُقطّع وتُزال، ما يعني أن الحيوانات المنوية لا يمكن أن تتجاوز حدًا معينًا داخل الخصية.

في حين أن الخصية لن تنتفخ بسبب الحمل الزائد للحيوانات المنوية، يمكن أن تتراكم الإفرازات الأخرى من غدة البروستاتا والحويصلات المنوية التي تشكل وصفة السائل المنوي، الأمر الذي يسبب الضيق إن لم تنته الإثارة الجنسية بالقذف. ومع ذلك، فإن هذه الحالة ليست سببًا يدعو لممارسة الضغط على الإيلاج الجنسي لأنه يمكن للشخص أن يحلها بسهولة بنفسه.

بعد قطع الأسهر الذي ينقل الحيوانات المنويّة من الخصية إلى مجرى البول، سوف تستمر الخصيتان في إنتاج الحيوانات المنويّة لكنها لن تستطيع الانضمام إلى السائل المنوي.

الخلاصة: إن الشخص الذي يخضع لعملية قطع القناة المنوية قادر على القذف لكن سائله المنوي لا يحتوي على حيوانات منوية.

هل تحصل أية تغييرات للشخص بعد إجراء عملية قطع القناة المنوية؟ لا توجد أي تغييرات في مستوى هرمون التستوستيرون ولا في الصفات الجنسية للذكور.

هذه العملية هي وسيلة دائمة لمنع الحمل لمن يريد ذلك.

اقرأ أيضًا:

هل نودّع الواقيات الذكرية قريبًا؟

تطوير وسيلة جديدة في مجال موانع الحمل الذكرية

ترجمة: حميد جمعة

تدقيق: عبد المنعم الحسين

مراجعة: عون حدّاد

المصادر: iflscience, hopkinsmedicine