يحتل الحصان في الولايات المتحدة الأمريكية مكانة مميزة -بصفته شريكًا في رياضة الفروسية- أكثر من مكانته في العمل. ولكن رياضة ركوب الخيل، وما يرافقها من متعة وتمضية أوقات الفراغ، ليست خاليةً من المخاطر. بل ينبغي على الكثير من الرياضيين التعامل مع ممارستها بجدية أكبر.

كشفت دراسة على مجموعة بيانات جُمِعت على مدى عقد من بنك البيانات الوطني الأمريكي للرضوض عن الحجم الهائل لعدد الأشخاص الذين أصيبوا نتيجة حوادث ركوب الخيل. فإذا كنت من الأشخاص الذين لا يفضلون التزلج على المنحدرات الجليدية تجنبًا لخطر حادث مؤذٍ أو كسر في الساق، ينبغي عليك للسبب ذاته البقاء بعيدًا عن أسرجة الأحصنة.

وفي الحقيقة، تسبب رياضة ركوب الخيل إصابات تستدعي دخول المشفى أكثر من تلك الناتجة عن حوادث التزلج. وبمقارنة المتعة المقدمة، ستكون بأمان أكثر عند لعبك كرة القدم أو قيادة الدراجة عوضًا عن ركوب الخيل.

وجدت أيضًا دراسة سابقة أجرِيت في المملكة المتحدة أن معدل الإصابات الناتجة عن قيادة الدراجة النارية بلغ 0.14 لكل 1000 ساعة قيادة، بينما يبلغ معدل الاصابات الناتجة عن ركوب الخيل 0.49 للمدة لذاتها.

لا تهدف هذه الدراسة إلى ثني أي شخص عن الاستمتاع بممارسة رياضة الفروسية، إنما يهدف فريق الباحثين من ولاية تكساس إلى حضّ الناس على التكلم أكثر عن مخاطر هذه الرياضة وتطبيق وسائل حماية عامة أفضل.

وكتب الفريق في تقريرهم المنشور في مجلة: «في الآونة الأخيرة، أوصت بعض وكالات رياضة الفروسية باستخدام بعض وسائل الحماية تجنبًا للحوادث، وخاصة تلك المتعلقة بارتجاج الدماغ وأذياته. ومع ذلك، فإن عددًا قليلًا جدًا من حملات الصحة العامة قد ركزت على منع الإصابات في صفوف الفرسان الذين يستخدمون الخيول لقضاء وقت الفراغ والعمل».

لا تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تنبه إلى نوع الأذيات التي يتعرض لها الأمريكيون نتيجة ركوب الخيل. إذ اقتصرت معظم البحوث السابقة على مناطق جغرافية معينة، مصعبة الاستنتاج؛ هل الأمريكيون جميعًا يعانون من هذه المشكلة أم لا؟.

إضافةً إلى ذلك، بحث عدد قليل من الدراسات في الآثار الصحية طويلة الأمد لهذه الرياضة، والتي ركزت فقط على أساليب رعاية أذية معينة وعلاجها، ومع هذا لن تكون النتائج -نظرًا لما نعرفه حاليًا- مفاجئةً جدًا.

إذ تشير الإحصاءات أن نحو 10% فقط من راكبي الخيل الذين دخلوا المستشفى نتيجة حادث في أثناء ركوب الخيل خرجوا بحالة شفاء تام، بينما راجع 37% من راكبي الخيل المصابين المشفى نتيجة تعرضهم لإصابات في المنطقة الصدرية (الصدر والجذع العلوي) لتكون هذه المنطقة من الجسد الأكثر تعرضًا للأذية.

ومن جهةٍ أخرى، اقتصرت ربع الحالات على أذيات الأطراف، وتقريبًا أكثر من خمس الحالات بقليل كانت أذيات في الرأس. بينما عانت نسبة ضئيلة من الحالات (أقل من 4%) من مشاكل مقلقة في الوعي، والتي تُنبئ بأذية عصبية شديدة.

في نصف الحالات، كان أسوأ ما تحمّله المصابون من أذيات ركوب الخيل هو البقاء فترة من الوقت في أسرّة المشفى، بينما دخل أكثر من ربع الحالات غرفة العناية المشددة. واستدعت حالة عُشر المصابين اللجوء إلى عمل جراحي.

غادر معظم راكبي الخيل المشفى بعد انتهاء العلاج دون الحاجة إلى أية خدمات متابعة، بينما احتاج نحو 7% منهم إلى فترة إعادة التأهيل ومراجعة مؤسسات الرعاية الصحية بعد خروجهم من المشفى.

للأسف، سجلت خلال أعوام جمع بيانات الدراسة (من 2006 وحتى 2017) وفاة 320 مصابًا من إجمالي 250 ألف مصابًا شملتهم الدراسة نتيجة حوادث ركوب الخيل.

إن ما ذكر أعلاه ما هو إلا مجموعةٌ من الإحصائيات التي لا تحتاج إلى كل ذلك التفصيل لتوصل رسالةً مفادها ضرورة تطبيق المزيد من وسائل الحماية في أثناء ركوب الخيل. إذ ومع ما تحمله رياضة كرة القدم مقارنة بركوب الخيل من القليل من المخاطر، فقد كثفت مؤسسات كرة القدم من حملاتها الهادفة لزيادة الحماية من أذيات الرأس، وأتبعتها بتركيز شديد على مخاطر إصابات الدماغ.

سواءً أكان الهدف هو تجربة الحالة الفروسية الرومانسية الهوليوودية المتحررة من السترات الواقية والخوذ، أم الانغماس بإحساس الحرية والشعر يتطاير في الهواء الطلق؛ فذلك يدل على أن رسالة تطبيق وسائل حماية أكثر ليست ذات صدى مسموع بما فيه الكفاية.

لذا خذ الحكمة من الخبراء، نستطيع الاستمرار بالاستمتاع بهذه الرياضة الشعبية وتخفيض تعداد الأذيات الخطرة عندما نطلق حملات توعية بمخاطر الأذية والتشجيع على ارتداء اللباس الواقي أكثر.

اقرأ أيضًا:

هل ممارسة الرياضة آمنة خلال جائحة كوفيد-19؟

ما هي أنواع الإصابات التي قد تتعرض لها الركبة عن ممارسة الرياضة؟

ماذا يمكن أن تفعل رياضة رفع الأثقال لمدة ٢٠ دقيقة بدماغك؟

ترجمة: يونس الجنيدي

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: حسين جرود

المصدر