تعد الصودا من أكثر المشروبات رواجًا وشعبية، ولكن ما يجعله مشروبًا فريدًا وممتعًا لدى الكثيرين هي المكونات التي يُصنع منها، إذ تعد مكوناته (مثل السكر والكافيين) قابلةً للإدمان، وتؤدي إلى رغبة شديدة ومستمرة في شرب المزيد منه.

لكن إذا تحولت هذه الرغبة الشديدة إلى اعتمادية، وحاجة مستمرة وملحة، فسيتبعها بالتأكيد العديد من المشكلات الجسدية والعقلية، لأن اعتيادية الصودا أو إدمان الصودا تؤدي إلى العديد من الأمراض غير المرغوبة، مثل السكري من النمط الثاني، ومشكلات في الأسنان، وزيادة الوزن غير المرغوبة، وأمراض كبدية، وضعفًا في العظام وأمراض القلب، والاكتئاب.

نستعرض في هذا المقال الأعراض والآثار الجانبية لاعتمادية الصودا، وكيفية الوقاية منها، وإيقافها.

ما هو الإدمان؟

يُعرف الإدمان على أنه اضطراب عقلي وفيزيولوجي، يتسم باستمرار استخدام مادة ما مع أن تأثيرها سلبي. توجد مجموعة متنوعة من المواد والسلوكيات التي قد تسبب الإدمان، ومنها: المخدرات، والأدوية التي يصفها الأطباء، والجنس، واستخدام الهواتف الذكية. مع ذلك، لا يوجد تصنيف رسمي لإدمان الصودا، لأنه لا توجد أي أدلة تشير إلى أن الصودا تسبب اضطرابًا حقيقيًا حتى الآن.

لكن لإيصال غرضنا من هذا المقال، قد نعرِّف إدمان الصودا على أنه شرب كميات كبيرة من الصودا دون أن تكون قادرًا على الإقلاع أو التوقف عن تناولها أو تخفيفها، حتى إن عانيت أثارًا سلبيةً بسببها. إضافةً إلى ذلك، إن إدمان الطعام -متضمنًا إدمان الصودا- مشابه للعديد من الأعراض السلوكية لإدمان المخدرات. ولأن الصودا تحتوي على العديد من المواد التي يُحتمل تسببها بالإدمان، مثل الكافيين والصوديوم والسكر أو المحليات الصناعية، لذلك فإن قابلية تسببها بالاعتمادية أكبر مما تتصور.

الأعراض:

ترتبط أعراض الاعتماد على الصودا كثيرًا بوظائف الدماغ والجهاز العصبي، لذلك تشمل الأعراض التي قد تواجهها ما يلي:

  •  الرغبة الشديدة في تناول الصودا.
  •  الشعور بعطش لا يرتوي إلا بالصودا.
  •  انشغال العقل بشرب الصودا.
  •  عدم القدرة على الاعتدال في شرب الصودا.

إضافةً إلى أعراض الانسحاب في حال عدم شرب الصودا، أو الرغبة في الإقلاع عنها، مثل: الصداع والتهيج والمزاج الكئيب والترنح.

الآثار الجانبية:

قد يكون لاعتياد الصودا عدة آثار جانبية تتضمن:

  •  طبيعة الصودا الحمضية تسبب بمرور الوقت تغيرًا في لون الأسنان وتلفًا في طبقة المينا، ومن ثم تضعف الأسنان وتعرضها أكثر للتسوس ولمشكلات الأسنان الأخرى. وإن شرب الصودا كاملة السكر بدل الصودا الدايت، يعني مشكلةً أكبر، بسبب زيادة كمية السكر التي تتغذى منها البكتيريا المشكلة للبلاك، ومن ثم تسريع عملية تسوس الأسنان. وقد يؤدي حمض الفوسفوريك الموجود في الأنواع الداكنة من الصودا إلى هشاشة العظام.
  •  يؤدي شرب كميات كبيرة من الصودا العادية أو قليلة السكر إلى زيادة الوزن، لأن الصودا كاملة السكر تحتوي على نحو 100سعرة حرارية لكل 240 مل، وهذا يعني أنه عند شرب 480 مل مع كل وجبة، تُضاف 600 سعرة حرارية أو أكثر إلى الوارد اليومي للشخص بسهولة. إضافةً إلى ذلك، ربطت الدراسات بين شرب الصودا الدايت وزيادة الوزن، فقد يكون ذلك مرتبطًا بتأثير المحليات الصناعية في صحة الأمعاء والرغبة الشديدة في الأطعمة والمشروبات الحلوة. بصرف النظر عن السبب، يؤدي تناول السكر بكثرة إلى زيادة الوزن بوجه غير مرغوب به، ويزيد خطورة الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني وأمراض القلب.
  •  رُبط شرب الصودا المليئة بالسكر أيضًا بتطور مرض الكبد الدهني غير الكحولي عند البالغين والأطفال.

ما الآلية التي يحدث فيها إدمان الصودا؟

قد يبدأ اعتماد الصودا ببطء أو بسرعة، ومن المحددات الرئيسية لكيفية تطور الإدمان الكيمياء الخاصة بدماغ الشخص وتاريخه الشخصي والعائلي في سلوكيات الإدمان.

ولأن شرب الصودا -خاصةً الصودا التي تحوي الكافيين- قد يتسبب بإفراز الدماغ للدوبامين (المعروف أيضًا باسم هرمون السعادة)، تقل المتعة التي يحصل عليها الشخص من استجابة الدوبامين كلما ازدادت كمية الصودا التي يشربها، ما يشعره برغبة دائمة ومستمرة في شرب المزيد للتمتع باستجابة الدوبامين، ما قد يؤدي لاحقًا إلى إدمان الصودا.

تختلف كيمياء الدماغ من شخص إلى آخر فهي خاصة بالفرد، ولا يحصل بعض الأشخاص على كميات كبيرة من استجابة الدوبامين عند شرب الصودا، وقد يؤثر ذلك في قابليتهم للاعتماد على الصودا.

كيف تمنع إدمان الصودا؟

بما أن الإدمان يعد فرديًا، ويختلف من شخص لآخر، من الصعب تقديم نصيحة واحدة تناسب الجميع حول كيفية منع إدمان الصودا، ولكن سنذكر بعض الإرشادات العامة المفيدة في هذا السياق:

  •  لا تستخدم الصودا مثل مكافأة: فهذا سيعزز حدوث استجابة عالية للدوبامين، ومن ثم الوصول إلى الإدمان.
  •  لا تلجأ إلى الصودا عند اضطراب عواطفك: أي عندما تكون حزينًا أو محبطًا أو غاضبًا، عندها ستعزز طرائق الإدمان في عقلك.
  •  اشرب الكثير من الماء: ذلك سيساعدك في الحفاظ على رطوبة جسمك، لأن الماء لا يحتوي على سعرات حرارية أو سكر أو إضافات أخرى، ومن ثم سيساعدك في الابتعاد عن الصودا.
  •  لا تشرب الصودا كل يوم: ضع حدًا لتناول الصودا حتى لا يتحول إلى إدمان، يمكنك مثلًا شرب الصودا فقط عندما تذهب إلى المطعم أو في عطلة نهاية الأسبوع.

مع أن هذه الخطوات ليست مضمونةً لمنع الإدمان، ولكنها تقلل من خطر الإصابة به.

كيف تتغلب على اعتماد الصودا؟

يوجد طريقتان لتتغلب على اعتماد الصودا:

  1.  الإقلاع عن شرب الصودا فجأةً: بهذه الطريقة تتوقف عن شرب الصودا كليًا دفعةً واحدةً، قد يؤدي ذلك إلى ظهور أعراض الانسحاب، ولكنه يساعد جسمك في الإقلاع بنحو أسرع من التناقص التدريجي.
  2.  التقليل من شرب الصودا تدريجيًا حتى الإقلاع التام عن شربها: للقيام بذلك، قلل من شرب الصودا ببطء منهجيًا وتدريجيًا إلى أن تتمكن من الإقلاع تمامًا. تستغرق هذه الطريقة وقتًا أطول، ولكنها تساعدك في تجنب أعراض الانسحاب.

يرجع الخيار الأفضل دائمًا إلى الشخص نفسه، مثل الإقلاع عن التدخين. ولكلتا الطريقتين الكفاءة نفسها، ولكن كل شخص يفضل طريقةً محددةً لاتباعها.

يمتلك إدمان الصودا تأثيرًا عقليًا كبيرًا، لذلك من الأفضل أن تحصل على عناية متخصصة إذا كنت تواجه صعوبةً في الإقلاع عن شرب الصودا.

معالجة أعراض الانسحاب:

ترتبط العديد من الآثار الجانبية السلبية باعتماد الصودا، وقد لا تظهر هذه الآثار إلا عند امتناعك أو عدم قدرتك على شرب الصودا، وخاصة إذا حاولت الإقلاع عن شرب الصودا فجأةً.

تشمل أعراض الانسحاب: التهيج والتعب، والصداع، وأحيانًا الشعور بالاكتئاب.

تكون أعراض الانسحاب عادةً مرافقة للإقلاع عن الكافيين، وتستمر عمومًا من يومين إلى 9 أيام.

عند عدم قدرتك على معالجة هذه الأعراض، فيجب عليك طلب المساعدة من أخصائي رعاية صحية.

بدائل الصودا:

لضمان عدم عودتك إلى اعتياد الصودا مرةً أخرى، اختر مجموعةً متنوعةً من المشروبات البديلة التي تفضلها، وكن حريصًا على ألا تسبب لك استجابة الدوبامين نفسها التي تسببها الصودا.

نقدم لك بعض المشروبات الخالية أو قليلة الكافيين أو السكر أو المحليات الصناعية:

  •  الماء المنكَّه بالفواكه.
  •  الشاي المثلج غير المحلى.
  •  الشاي الأخضر أو الأسود أو الشاي العشبي.
  •  الشاي المُخَمّر.
  •  القهوة الساخنة أو المثلجة، ويفضل أن تكون منزوعة الكافيين.
  •  الماء الفوّار غير المحلى.

تتيح لك هذه البدائل مجموعةً متنوعةً من المشروبات دون الحاجة إلى شرب الصودا المليئة بالسكر أو حتى الصودا دايت.

اقرأ أيضًا:

الادمان على الادوية الطبية

هل يمكن اكتشاف اثار الادمان في الدماغ بعد الموت ؟

ترجمة: ميس الفالوجي

تدقيق: ميرفت الضاهر

مراجعة: حسين جرود

المصدر