إحدى العقبات التي تحول دون تحقيق حلم السيارات الطائرة هي الضوضاء التي يمكن أن تسببها، ولن يكون من الممكن التغاضي عنها. إنها ليست محض سيارات طائرة، بل إنها طائرات دون طيار أيضًا. يمكن أن تؤدي الضوضاء الناتجة عن عمل المراوح إلى فرض قيود أو لوائح يمكن أن تعرقل مسار نمو صناعة الطائرات دون طيار التجارية.

يدرس طلاب هندسة الطيران في جامعة سينسيناتي؛ حلولًا لإخماد الضجيج في السيارات الطائرة في مختبر الأستاذ المساعد دانيال كوبوليتي في كلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة كاليفورنيا. قال كوبوليتي : «إذا أرادت السيارات الطائرة أن تنجح، فعليها أن تلتزم الصمت».

قدم طلاب هندسة الطيران في جامعة كاليفورنيا ناتالي ريد وماثيو ووكر وبيتر سورنسن؛ أوراقًا مع كوبوليتي في منتدى العلوم والتكنولوجيا هذا الشهر في سان دييغو كاليفورنيا، الذي يستضيفه المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والملاحة الفضائية، وهو أكبر مؤتمر لهندسة الطيران في العالم.

قال كوبوليتي: «إنني أنظر إلى الضوضاء من ناحية مجتمعية. يجب أن تكون هذه المراكب غير محسوسة في البيئة التي تطير فيها وإلا سيتعين على الناس تحمل أعباء وجود هذه السيارات الطائرة».

تُقدّم عشرات آلاف الشكاوى سنويًا ضد المطارات في جميع أنحاء البلاد حول الضوضاء. في استطلاع للرأي نشرته إدارة الطيران الفيدرالية العام الماضي، قال ثلثا المستطلعين إنهم «منزعجون بشدة» من ضجيج الطائرات. وأوضحت الاستطلاعات أن ضوضاء الطائرات والمروحيات كانت مصدر إزعاج أكبر بكثير من السيارات أو الشاحنات أو الجيران.

في السياق ذاته، تعد ضوضاء المحرك مصدر قلق كبير للطيران العسكري والتجاري، وإن فقدان السمع وطنين الأذن من الأسباب الرئيسية للمطالبة بمنع الضوضاء وقد قُدمت الكثير من المطالب إلى وزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية في هذا الشأن.

لا تشكل الطائرات دون طيار والسيارات الطائرة خطرًا يسبب فقدان السمع مثل الطائرات الكبيرة؛ لأن الضجيج الناتج عنها لا يتعدى ضجيج أجهزة المطبخ، لكن صخبها يبرز في الطنين والصدى الناجم عن تحليقها، ما يجعلها مزعجة ومشتتة للانتباه.

قال كوبوليتي: «طائرة هليكوبتر واحدة تحلق فوق سطحك ستبقيك مستيقظًا. مع 1000 طائرة دون طيار تحلق في المراكز الحضرية، ستكون الضوضاء مشكلة كبيرة».

العامل الأكثر تأثيرًا هو العدد الهائل، فبينما تشهد الولايات المتحدة حوالي 5700 رحلة طيران تجارية كل يوم، فإن الطائرات دون طيار بتطبيقاتها المتنوعة لديها القدرة على القيام بآلاف الرحلات في المناطق الحضرية الكبرى كل يوم.

قال كوبوليتي إن مجموعة متنوعة من العوامل تؤثر على طريقة إدراك الناس للصوت. ضجيج الطائرات أقل وضوحًا في المدن المزدحمة منه في الضواحي أو الأرياف. والوقت من اليوم مهم أيضًا، إذ تميل الأمسيات إلى أن تكون أكثر هدوءًا، ما يجعل صوت الطائرات أكثر وضوحًا.

«لقد أثبتت الدراسات أن مجرد رؤية طائرة يمكن أن يجعل الناس يستشعرون وجود صوت عالٍ»، هكذا قال كوبوليتي، وأضاف: «توجد عوامل بشرية ذاتية لا يمكنك السيطرة عليها».

يدرس كوبوليتي كيفية التلاعب بالصوت الصادر عن الطائرات دون طيار بالتصميم الهندسي. يُختبر الصوت في غرفة مبطنة ممتصة للصوت وعازلة للصدى.

باستخدام غرفة عديمة الصدى، وهي غرفة مغطاة من جميع الجوانب بمواد مانعة للصوت ومجهزة بمجموعة من ثمانية ميكروفونات، يختبر كوبوليتي التردد وطول الموجة ومدى انتشار الصوت، من بين عوامل أخرى تؤثر على إدراكنا للضوضاء. يعمل هو وطلابه في جامعة كاليفورنيا على تطوير دليل مبني على تجارب الهندسة والفيزياء يساعد مصنعي الطائرات دون طيار والسيارات الطائرة على توقع كيف ستبدو تصاميمهم الجديدة.

«لكل قطعة وقع ضوضائي مختلف»، هكذا عبّر أحد طلاب جامعة كاليفورنيا، و أوضح أن بتغيير تكوين بعض القطع يمكن تقليل الصوت بمقدار ليس بالهيّن.
درس سورنسن -الطالب في جامعة كاليفورنيا- الاختلافات في الصوت في الدوارات (rotors) التي تدور في نفس الاتجاه مقابل التي تدور في الاتجاهين المتعاكسين. وحتى الآن، النتائج غير حاسمة.

مع السيارات الطائرة التي تأخذ أشكالًا تفوق الخيال على ألواح الرسم؛ يأمل مهندسو جامعة كاليفورنيا إنشاء تصاميم أكثر هدوءًا.

قال كوبوليتي: «هذا وقت مثير للغاية بالنسبة إلى الطيران» .«تصاميم الطائرات الجديدة ما تزال في مراحلها الأولى، وبإمكاننا الآن التأثير على شكلها بناءً على القرارات التي يتخذها المصممون».

هذه التجارب لجامعة كاليفورنيا ستساعد الشركات المصنعة على اتخاذ قرارات تصميم أكثر استنارة.

اقرأ أيضًا:

مستقبل السيارات الطائرة: حقيقة أم خيال علمي؟

هل تصبح السيارات الطائرة متوفرة خلال العام الحالي؟

ترجمة: آدم العابد

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر