اشتُهرت الكيميائية البريطانية روزاليند فرانكلين لدورها في اكتشاف بنية الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA)، وتوظيفها الرائد لانعراج الأشعة السينية (X-ray) وسنستعرض في هذه المقالة سيرة حياتها و اشهر اقوال لها

ملخص

وُلدت روزاليند فرانكلين عام 1920 في لندن في إنكلترا، وحصلت على درجة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية من جامعة كامبريدج، درست أيضًا علم البلورات وانعراج الأشعة السينية، وهما تقنيتان طبقتهما على ألياف الـ (DNA). فقد قدمت إحدى صورها تبصرات رئيسية لبنية (DNA) واستخدمها علماء آخرون كدليل لدعم نموذج الـ DNA الخاص بهم فاستحوذوا على شرف هذا الاكتشاف. تُوفيت فرانكلين عام 1958 إثر إصابتها بسرطان في المبيض، وكان عمرها 37 عامًا.

بدايات حياتها

وُلدت روزاليند فرانكلين لعائلة يهودية غنية وذات سلطة وتميزت بذكائها منذ الصغر، وبدأت عام 1938 بدراسة الكيمياء في كلية نيونهام في كامبريدج، وتابعت لتعمل كباحثة مساعدة في الجمعية البحثية البريطانية لاستغلال الفحم، إذ درست مسامية الفحم، وهو ما بنَت عليه رسالة الدكتوراه الخاصة بها عام 1945 بعنوان «الكيمياء الفيزيائية للمواد الغروانية العضوية الصلبة مع الإشارة بشكل خاص إلى الفحم». وفي عام 1946، درست انعراج الأشعة السينية على يد باحث البلورات جاك ميرينغ (Jacques Mering)، ما ساهم بدور هام تباعًا في بحثها الذي أدى إلى اكتشاف سر الحياة (بنية الـ (DNA. كانت فرانكلين أيضًا الرائدة في استخدام الأشعة السينية لإنشاء صور عن الأجسام الصلبة البلورية في تحليل المواد المعقدة غير المنظمة، وليس البلورات البسيطة فقط.

هل سرق واتسون و كريك جائزة نوبل من روزاليند فرانكلين ؟

بدأت فرانكلين عام 1951 بالعمل كباحثة مساعدة في كلية الملك في لندن ضمن وحدة الفيزياء الحيوية، إذ وظف المدير خبراتها وتقنيات انعراج الأشعة السينية (معظمها على بروتينات وشحوم ضمن محاليل) في ألياف الـ DNA، فحققت إلى جانب طالبها ريموند غوسلين (Raymond Gosling) اكتشافًا رائعًا أثناء دراسة بنية الـ DNA بتلك التقنيات، إذ التقطا صورًا للـ DNA واكتشفا وجود هيئتين له؛ الهيئة (A) الجافة والهيئة (B) الرطبة.
وأصبحت إحدى صور انعراج الأشعة السينية التي التقطاها للهيئة (B) -والمعروفة بالصورة 51- مشهورة كدليل حاسم في تحديد بنية الـ DNA، وقد أُثني على جودة صور فرانكلين كثيرًا بشكل عام.

رغم أخلاقيتها الحذرة والمواظبة في العمل، كانت فرانكلين على خلاف شخصي مع زميلها موريس ويلكينز (Maurice Wilkins)؛ الشخص الذي غيّر مسار تاريخ الحمض النووي عندما أفصح عام 1953 عن الصورة 51 دون علمها أو إذن منها للعالِم المنافس جيمس واتسون (James Watson) الذي كان يعمل على نموذجه الخاص للـDNA مع فرانسيس كريك (Francis Crick) في كامبريدج.

استخدم هذان العالمان بالفعل ما شاهداه في الصورة 51 كأساس لنموذجهما الشهير للـ DNA الذي نشراه في السابع من آذار/ مارس عام 1953 في دورية (Nature) ونالا على إثره جائزة نوبل عام 1962. ورغم نشر بحثي ويلكينز وفرانكلين في الإصدار ذاته من هذه الدورية، فإنه بدا مجرد دعم لنتائج كريك وواتسون. لم تعلم فرانكلين أن تلك النتائج كانت مبنية على بحثها ولم تشتكِ، لكنها توجهت تباعًا في عام 1953 لدراسة بنيتي فيروس فسيفساء التبغ والـ RNA، ونشرت 17 ورقة بحثية عن الفيروسات، ووضعت مجموعتها أساسات علم الفيروسات البنيوي.

مرضها وموتها

اكتشفت فرانكلين إصابتها بسرطان المبيض في خريف عام 1956، ولكنها تابعت العمل خلال السنتين التاليتين رغم خضوعها لثلاث عمليات جراحية ومعالجة كيميائية تجريبية قبل وفاتها في السادس عشر من نيسان/أبريل عام 1958.

من أهم اقوال روزاليند فرانكلين:

1. النتيجة (بالحديث عن الـ DNA): حلزون كبير بعدة سلاسل تتوضع فيه مجموعات الفوسفات من الخارج، وتتخرب الروابط فوسفات – فوسفات بين الحلزونية بالماء، وتتوفر روابط فوسفاتية لارتباط البروتينات.

2. (في رسالة إلى أبيها إيليس فرانكلين): لا أجد أي سبب للاعتقاد أن خالقًا للجبلة أو المادة البدائية -إن وُجد- يملك أي سبب للاهتمام بعرقنا التافه في زاوية صغيرة من العالم، أو دونًا عن ذلك بنا نحن؛ كأفراد عديمي الأهمية أكثر فأكثر. ولا أجد أي سبب ينبغي بموجبه أن يقلل الاعتقادُ بأننا عديمو الأهمية أو تصادفيون من إيماننا.

3. يقدم العلم -برأيي- تفسيرًا جزئيًا للحياة؛ إذ يستند في مسيرته حتى الآن إلى الحقائق والخبرة والتجربة.

4. تعطي ألياف ثيمونوكليات الصوديوم نمطين مختلفين من مخططات الأشعة السينية، هما البنيتان A وB. ويُظهر مخطط الأشعة السينية للبنية B خواصًا نوعية للبنى الحلزونية بشكل مدهش. وقد عمل عليها بداية في هذا المخبر ستوكس (لم يُنشر بحثه)، وكذلك كريك، وكوكران، وفاند، فكان ستوكس وويلكينز أول من اقترح بنى كهذه للحمض النووي كنتيجة لدراسات مباشرة على أليافه، رغم أن فربيرغ كان قد اقترح البنية الحلزونية مسبقًا (في أطروحته في لندن عام 1949) بناء على دراسات النيكليوزيدات والنيكلوتيدات باستخدام الأشعة السينية. وعلى الرغم من عدم إمكانية اعتبار دليل الأشعة السينية إثباتًا مباشرًا على أن البنية حلزونية في الوقت الحالي؛ فإن الاعتبارات المناقشة في البحث تجعل وجود البنية الحلزونية عالي الاحتمالية.

5. تقترح النتائج بنية حلزونية لا بد أنها مكدسة على نحو متراص، محتوية غالبًا سلسلتين أو 3 أو 4 سلاسل من الأحماض الأمينية متشاركة بالمحور في كل وحدة حلزونية، وتتوضع مجموعات الفوسفات فيها غالبًا بالقرب من الخارج.

6. (في رسالة إلى أبيها إيليس فرانكلين قالت روزاليند فرانكلين ): إنك تشير باستمرار في رسالتك إلى أنني طورت وجهة نظر متحيزة، وأني أنظر إلى كل شيء وأفكر فيه بمنحى علمي، من الواضح أن منهجيتي في التفكير والمحاكمة متأثرة بتدريب علمي؛ وإلا لكان هذا التدريب قد باء بالفشل والضياع.

7. (في رسالة إلى أبيها إيليس فرانكلين): إنك تنظر للعلم (أو تتحدث عنه على الأقل) كاختراع بشري مفسد للأخلاق، أو شيء بعيد عن الحياة الواقعية وتنبغي حمايته بحذر وإبقاؤه منفصلًا عن الوجود اليومي، لكن لا يمكن ولا ينبغي فصل العلم عن الحياة اليومية.

8. (في رسالة إلى أبيها إيليس فرانكلين): إن نظرياتك هي تلك التي تجدها أنت وآخرون كثيرون الأسهل والأكثر إرضاء للتصديق، لكنها -وكما أراها- لا تمتلك أي أساس سوى أنها تؤدي إلى نظرة مرضية عن الحياة. ورغم أني أتفق مع ضرورة الإيمان للنجاح في الحياة، فإنني لا أقبل تعريفك للإيمان كالاعتقاد بالحياة بعد الموت، فمن وجهة نظري فإن جُل ما يتطلبه الإيمان هو الاعتقاد بأننا ببذل قصارى جهدنا سنقترب من النجاح، وأن نجاح أهدافنا (تحسين البشرية بمجملها) يستحق الإحراز، وأُصر على أن الإيمان بهذا العالم دون الإيمان بعالم آخر متاح تمامًا.

المصدر

تدقيق سلام طالب