يؤدي اضطراب الآلية المسؤولة عن تنظيم توزع سوائل الجسم والحفاظ على مستوى محدد إلى تراكمها في النسج واحتباس الماء الذي يتظاهر بعدة أعراض أهمها: الوذمات (التورم) وهي تراكم السوائل حول النسج، والشعور بعدم الارتياح.

تساهم عدة أعضاء في تنظيم حجم سوائل الجسم، وأهمها:

الجهاز الكلوي والدموي واللمفاوي، إضافةً إلى الهرمونات وغيرها، لذا يؤدي أي خلل في عمل أي من هذه الأعضاء إلى احتباس الماء وحدوث الوذمات، التي قد تصيب أي منطقة في الجسم.

الأعراض

من الشائع احتباس الماء في الساقين والقدمين واليدين، ومن أهم أعراض احتباس الماء:

  •  التورم.
  •  تغيرات لونية في جلد المنطقة المتوذمة.
  •  جلد لامع ومنتفخ.
  •  وذمة انطباعية: يترك فيها إصبع الفاحص أثرًا لفترة بعد الضغط على منطقة الوذمة.
  •  تقرحات وآلام في الساقين.
  •  تصلب المفاصل.
  •  زيادة الوزن.

يؤدي احتباس الماء في عضو معين إلى حدوث تظاهرات تختلف حسب وظيفة هذا العضو.

 الدماغ:

تعرف حالة احتباس الماء في الأحياز الدماغية باستسقاء الدماغ، وتؤدي إلى حدوث علامات سريرية صريحة مثل الإقياءات وتشوش الرؤية والصداع واضطراب التوازن، وتعد هذه الحالة من الحالات المهددة للحياة.

 الرئتين:

يسبب احتباس الماء في الأسناخ الرئوية حالةً تعرف بوذمة الرئة، التي تشير إلى أذية شديدة على مستوى القلب أو الجهاز التنفسي، ويعاني المريض سعالًا وألمًا صدريًا وصعوبةً في التنفس وتعبًا شديدًا وإنهاكًا، وذلك بسبب عدم قدرة الرئتين على تزويد الدم بالأكسجين اللازم.

أسباب احتباس الماء

1. أذية الشعيرات الدموية:

الشعيرات الدموية هي أوعية دقيقة لها دور في ضبط حجم السوائل الموجودة في الجسم، تنقل الشعيرات الدم والسوائل إلى النسج المحيطة وتسمى هذه السوائل بالسوائل الخلالية التي توفر وصول العناصر الغذائية والأكسجين للخلايا.

قد تخضع جدران هذه الأوعية لبعض التغيرات الناجمة عن عوامل مرضية أو دوائية أو فسيولوجية، فيؤدي ذلك إلى تغير الضغط داخل الأوعية ويؤثر بدوره في حركة السوائل وخروجها إلى المسافات الخلوية وتراكمها حول النسج وحدوث الوذمة والتورم. تظهر الوذمات بنفس الآلية عند أصحاب متلازمة الشعيرات الهشة.

2. قصور القلب الاحتقاني:

يضخ القلب الدم إلى أنحاء الجسم المختلفة وتساهم وظيفته الانقباضية في الحفاظ على ضغط طبيعي داخل الأوعية الدموية، لذا يؤدي حدوث أي اضطراب في الوظيفة القلوصية للعضلة القلبية إلى تراكم السوائل وعدم وصولها بالشكل اللازم إلى بقية أعضاء الجسد نتيجة انخفاض الضغط داخل الأوعية، ومن أكثر التظاهرات شيوعًا:

وذمات الطرفين السفليين وخاصةً في القدمين والكاحلين، إضافةً إلى حدوث الزلة التنفسية والسعال المزمن، ويعد قصور القلب الاحتقاني في مراحله المتقدمة حالةً مهددة للحياة.

3. الجهاز اللمفاوي:

يتألف الجهاز اللمفاوي من شبكة من الأوعية والعقد والأعضاء اللمفية مثل الطحال وغدة التيموس، تفرز هذه الأعضاء اللمف، وهو سائل يحتوي على كريات دم بيضاء له دور في تقوية الوظيفة الدفاعية للجسم ضد العوامل الممرضة المختلفة. يزداد حجم السائل اللمفي المفرز عند حدوث أي خلل في هذه الأعضاء ما يؤدي إلى ظهور الوذمات في مناطق مختلفة من الجسم مثل البطن والقدمين والكاحلين والساقين.

4. الكليتين:

تتمثل وظيفة الكلية بتصفية الدم من الفضلات والمواد السامة، وتؤثر في تنظيم سوائل الجسم المختلفة من خلال طرح البول، وتعبر الفضلات والسوائل المختلفة من خلال ثقوب دقيقة جدًا ليعاد امتصاص ما يحتاجه الجسم منها وطرح ما تبقى، لذا تسبب الأذية الكلوية تراكم السوائل وعدم القدرة على طرحها بنحو كافٍ مع حدوث اضطرابات شاردية وتراكم المواد الضارة، لذا يعاني مرضى القصور الكلوي المزمن وذماتٍ في الطرفين السفليين، والوجه واليدين.

5. الحمل:

يحدث احتباس الماء في أثناء فترة الحمل نتيجة التغيرات الهرمونية المرافقة، والوزن الزائد المكتسب، وتتراجع هذه الحالة في أغلب الأحيان بعد الولادة.

قد تساهم بعض الممارسات الخاطئة في زيادة السوائل المحتبسة داخل الجسم.

تعاني بعض الحوامل حدوث وذمات شديدة ومفاجئة مع أعراض مرافقة مثل صداع شديد وإقياء وألم ضلعي واضطرابات في الرؤية، إذ تشير هذه الأعراض إلى حالة مرضية خطيرة تعرف بالانسمام الحملي وهي ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل، ويكون أحيانًا قابلًا للتراجع بعد الولادة.

6. قلة الحركة:

يكثر حدوث الوذمات عند المرضى المقعدين العاجزين عن الحركة، وتتركز السوائل لديهم في الطرفين السفليين، إضافةً إلى وجود ضعف عضلي ما يزيد من تراكم السوائل، لكن توجد بعض التدابير الوقائية لمنع تطور الوذمات أو تخفيفها مثل:

  •  الحفاظ على القدمين بوضعية مرتفعة فوق مستوى القلب.
  •  ارتداء الجوارب الضاغطة التي تساعد على تعزيز الدورة الدموية في الطرفين السفليين.
  •  ممارسة بعض التمارين الرياضية مثل رفع الساقين وخفضهما وأيضًا تدوير الكاحلين.

7. البدانة:

تحدث الوذمات عند البدينين نتيجة الوزن الزائد، إضافةً إلى زيادة احتمال إصابتهم بأمراض الكلية وارتفاع الضغط والأمراض القلبية والمتلازمة الاستقلابية والسكري من النوع الثاني، التي تعد من أسباب تراكم السوائل في الجسم.

8. سوء التغذية:

يعد نقص الوارد الغذائي وخاصةً وارد البروتينات سببًا مهمًا في تراكم السوائل داخل الجسم، إذ يعدل البروتين من الضغط داخل الأوعية فيسبب نقصه صعوبةً في دخول السوائل إلى الأوعية ما يسبب تراكمها حول النسج وحدوث الوذمات.

يؤدي نقص الوارد الغذائي الشديد إلى الإصابة بمرض كواشيوركور وهو أحد اضطرابات التغذية التي يحدث فيها ضياع في الكتلة العضلية وزيادة حجم منطقة البطن بسبب تراكم السوائل فيها بسبب عوز البروتين.

9. العدوى والحساسية:

عند دخول العامل الممرض إلى الجسم يبدأ رد فعل الجهاز المناعي ضده وتحدث تغيرات عدة، فمثلًا عند بدء العملية الالتهابية، يفرز الجسم الهيستامين الذي يشكل فجوات بين الخلايا ما يسبب توسع الشعريات الدموية ويسمح بزيادة وصول الكريات البيضاء إلى موقع الالتهاب، ونزوح السوائل إلى النسج المجاورة وظهور الوذمات.

10. الأدوية:

تُحدث بعض الأدوية وذمات في مناطق مختلفة من الجسم وخاصةً القدمين، نذكر منها:

  •  حاصرات قنوات الكالسيوم.
  •  مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
  •  بعض الأدوية الهرمونية مثل موانع الحمل.
  •  الكورتيزونات وخاصةً البريدنيزون.
  •  بعض أدوية السكري.

لذا يُنصح أي مريض ملتزم بدواء مزمن ولاحظ حدوث وذمات لديه، أن يراجع طبيبه لتخفيض جرعة الدواء أو إضافة بديل أكثر أمانًا.

11. العوامل الهرمونية:

قد يؤدي اختلال التوازن الهرموني إلى احتباس الماء، مثل:

  •  الحيض: يحدث احتباس للسوائل في الفترة التي تسبق الحيض، وقد تسبب انتفاخًا وألمًا في الثديين.
  •  اضطرابات الغدة الدرقية: يسبب قصور الغدة الدرقية أو فرط نشاطها خللًا في توزع سوائل الجسم، إذ تؤدي الهرمونات الدرقية دورًا مهمًا في ضبط السوائل.
  •  متلازمة كوشينغ: يضطرب فيها عمل الغدة الكظرية، فيزداد إفراز الستيرويدات (الكورتيزول)، التي تسبب احتباس الماء في الجسم.

علاج احتباس الماء

يعتمد نوع العلاج على السبب الكامن، وتوجد حالات عديدة ذات شفاء عفوي، وتعد المدرات العلاج الأمثل والأكثر شيوعًا في كثير من الحالات، لكن يكون استخدامها قصير الأمد لأنها قد تسبب أعراضًا جانبية مثل: التجفاف والأذية الكلوية وزيادة حبس السوائل وغيرها.

توجد أيضًا بعض العلاجات المنزلية التي تقي من حدوث الوذمات أو تخفف منها، أهمها:

  •  العلاج بالأعشاب: ذكر أنواع عديدة من الأعشاب التي تفيد في طرح السوائل الزائدة من الجسم مثل عشبة الهندباء، إذ أشار باحثون في المركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية إلى وجود آثار مدرّة للبول لعشبة الهندباء، وأكدوا على اعتبارها عشبة آمنة، لكن لم يتم تقديم أي دليل علمي يثبت ذلك وأيضًا قد تكون ضارة عند بعض المرضى مثل مرضى القصور الكلوي.
  •  رفع الطرفين: ينصح بالاستلقاء مع رفع الساقين فوق مستوى القلب عدة مرات في اليوم، إضافةً إلى النوم مع رفع الطرف المصاب على وسادة، وإجراء جلسات تمسيد للطرف المصاب من قبل شخص آخر، يقوم بحركات تدليك باتجاه القلب.
  •  الملابس: يفضل الالتزام بارتداء الجوارب الضاغطة لتعزيز الدورة الدموية في الطرفين السفليين.
  •  الغذاء: ضبط كميات الوارد الملحي والتقليل منها، وقد ذُكر في إحدى الدراسات دور مهم للمغنيسيوم وفيتامين ب6 في تخفيف الوذمات السابقة للطمث.

من أهم المصادر الغذائية التي توفر المغنيسيوم: المكسرات والفاصولياء والحبوب الكاملة والخضراوات الورقية.

بينما يتوفر فيتامين ب6 في الموز والمكسرات والبطاطا، وقد وجدت بعض المستحضرات الدوائية التي تحوي المركبين معًا.

الوقاية من احتباس الماء

بعض التدابير الموصى باتباعها لمنع احتباس الماء أو التخفيف منه:

  •  ضبط الوزن.
  •  ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  •  ارتداء الجوارب الضاغطة.
  •  تجنب الوقوف أو الجلوس فتراتٍ طويلة.
  •  الحصول على استراحة في أثناء الجولات سيرًا على الأقدام.
  •  تجنب التعرض لدرجات عالية من الحرارة مثل الساونا، الحمامات الساخنة وغيرها.

يجب التنويه إلى عدم القدرة على تحقيق الوقاية دومًا من احتباس الماء في الجسم، لكن يمكن اتباع التعليمات الصحية للتخفيف من الوذمات مثل ضبط الوزن وممارسة التمارين بانتظام.

اقرأ أيضًا:

دواء السبيرونولاكتون، الاستخدام والجرعة والتأثيرات الجانبية

ما هو كلوريد الصوديوم؟ الملح بين الفوائد والمضار

ترجمة: بثينة خدام

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر