استصلاح المشتري، هل بإمكاننا العيش على العملاق الغازي؟

مالذي يجبُ علينا فعلهُ حقًّا لاستصلاحِ كوكب المشتري، أكبر كواكب مجموعتنا الشمسيّة؟ في الحقيقة قد يكون ذلك تحديًّا غريبًا للغاية، ويمكنك الحُكم على مدى منطقية هذه الفكرة بمجرّد قراءةِ الأسطرِ القادمة.

على السّطح، الجنون بأمّ عينه. المشتري هو كوكب غير قابل لاحتضانِ الحياة بشكل مُطلق وكامل. يُمكن وصف الكوكب ككرة من الهيدروجين و الهيليوم، ويضغَطُ هذه الغازات إلى درجات حرارة وضغطٍ أقربَ إلى تلكَ الموجودة في النّجوُم. جيّد، نعلمُ الآن أنّ المشتري هو الأسوأ على الإطلاق. إنّهُ يجعل السفر إلى الزّهرة يبدُو كزيارة لمنتجع صحيّ.

لكن، يمتلكُ المشتري شيئًا قد نعقِدُ عليه آمالنا.

يظن علماءُ الفلك أنّه تحتَ ملايين الأطنان من الهيدروجين و الغازات، هناك حقًّا نواة صلبة. وتبقى كُتلة النواة لُغزًا إلى الآن، لكن آخر المُحاكات الحاسوبيّة أظهرت أنها أكبر من كُتلة الأرض بـ 7 إلى 45 مرّة، مع الكثيرِ من جليد الماء و مواد كيميائيّة أخرى قد تكون ضروريّة لكوكب شبيهٍ بالأرض.
بالإضافة إلى ذلك، هذه النواة تحتوي على نفس المكونات لهيكلِ الأرض الداخليّ. وهذا يعني نواة مركزيّة مكوّنة من الحديد والنيكل، مُحاطة بسائل معدني، مُحاطٍ بالصّخور. المُشكلة هي أننا بحاجة لنسفِ 95% من كُتلة الكوكب. وهي كلّ ذلك الهيدروجين و الهيليوم، وهذا تقريبًا مُستحيل. إنّه أمرٌ مُستحيل بشكل كبير للغاية !
المشتري مكوّن من الوقود. كأنّكَ تنظرُ إلى مسبحٍ من الغازولين وتتسائلُ عن الطريقة التي ستُمكّنك من التخلص منه بمُجمله. وأيّ حضارة مُسيطرة على النظام الشمسيّ سنكون إذا لم نتمكن من دمجِ الهيدروجين؟ لعلّها تكنولوجيا بعيدة عنَّا بـ 30 سنة فقط من الآن.

بإمكانك التحليق بمركبة فضائيّة إلى المجال الجاذبيّ للمُشتري و سحبِ وقود الهيدروجين من السُحب. أو سيكون بإمكانك صُنع مناطيد تعمل بِطاقة اندماج مليئة بالهيدروجين الساخن، والتي ستطفوا بدورها فوق السُحب على المشتري، وباستعمال مفاعلات الإندماج الخاصة بها سيتمّ نثرُ الهيدروجين بعيدًا إلى الفضاء.
وبعد مُدّة زمنية مجهولة الطول، ستتمكن من الوصول إلى المركز الصخريّ، وعندَ نزعِ كل ذلك الهيدروجين سيكون المرور إلى المرحلة القادمة في عملية الاستصلاح. و بالطبّع، للمُشتري جاذبيّة أقوى بكثير من نظيرتها على الأرض، لكن هذا خارج نطاق نقاشنا اليوم.

وماذا لو قُمت بتحريك المُشتري أوّلًا، ربّما لمكانٍ أقرب أكثر إلى الشمس. هذه الفكرة ظهرت بالفعل في كتاب لاري نيفن (Larry Niven) الذي حمل عنوان “عَالَمٌ خَارِجَ الزَّمَنْ”. إنّها فكرة تسمحُ لك بترحيكِ عمالقة الغاز في الأرجاء.
سيكون عليك أخذ قاعدة فضائيّة واسعة، وإشعال دفاعات الإنصهار من الجهتين. ثم تقوم بغمسِ نهاية واحدة في السُحب العليا للمُشتري، حيثُ تقوم بامتصاص وقود الهيدروجين. بعد ذلك ستنفجرُ القاعدة الفضائيّة من الجهتين. نهاية واحدة ستمنعُ المركبة من السقوط نحو الكوكب، والثانية ستقوم بدفعِ الكوكب برمّته، مُحركة إيّاه في أرجاء النظام الشمسيّ.
وبدلَ القيام باستصلاحِ المُشتري، نستطيعُ دفعهُ إلى مكان أقرب إلى الشمس ببساطة، حيثُ تتحول أقمارهُ الجليديّة إلى عوالم أكثرَ دفئًا وتُصبحُ قابلة لاحتضان الحياة بدورها.

المصدر