استعمال الإيبوبروفين يقود إلى حياة مديدة للعديد من الأنواع


دواء شائع يباع دون وصفة لعلاج الألم والحمّى، ربما يحمل أيضًا مفاتيح حياة أطول وأكثر صحة، وذلك وفقًا لأحد علماء وكالة الأبحاث التابعة لجامعة تكساس أيه أند إم (Texas A&M AgriLife Research)، فقد أطالت الجرعات الاعتيادية من الإيبوبروفين (ibuprofen) حياة أنواع متعددة، وفقًا لبحث نُشِرَ في صحيفة المكتبة العامة للعلوم،علم الوراثة (Public Library of Science, Genetics).

يقول الدكتور مايكل بوليمينيز (Michael polymenis)، أخصائي الكيمياء الحيوية في وكالة الأبحاث: «استخدمنا في البداية خميرة الخبَّاز، والتي تعتبر نموذج عمري محدد، ولاحظنا أنَّ الخميرة المعالجة بالإيبوبروفين قد عاشت أطول. ثمّ قمنا بتجربة العملية نفسها مع الديدان والذباب، ورأينا الحياة المديدة نفسها. لم تعش هذه المتعضيات طويلًا فقط، وإنما ظهرت بصحة جيدة أيضًا». يؤكد بوليمينيز أنّ المعالجة المعطاة بجرعات متوافقة مع الجرعات البشرية الموصى بها، أضافت حوالي 15% إلى حياة الأنواع. عند البشر، ربما يكون ذلك مكافئ لاثنتي عشرة سنة أخرى، أو سنين عديدة من الحياة الصحية.

تعاون بوليمينيز، وهو أيضًا بروفيسور في قسم الكيمياء والفيزياء الحيوية في جامعة A&M في تكساس، مع الدكتور بريان كينيدي (Brian Kennedy)- الرئيس التنفيذي لمؤسسة (Buck) للأبحاث حول الشيخوخة في نوفاتو بكاليفورنيا- بالإضافة إلى باحثين آخرين من روسيا وجامعة واشنطن.

الإيبوبروفين دواء آمن نسبيًا، صُنِّعَ في إنجلترا في أوائل الستينات. في البدء كان يُعطى فقط بموجب وصفة طبية، ثم بعد استخدامه الواسع، أصبح في الثمانينات متوفرًا بدون وصفة في كل أنحاء العالم، وقد ضمته منظمة الصحة العالمية في قائمة الأدوية «الأساسية» المطلوبة لنظام صحة أساسي.

يوصف الإيبوبروفين على أنه أحد مضادات الالتهاب اللاستيرويدية المستخدمة لتخفيف الألم، ومعالجة الحمى، وتقليل الالتهاب. يقول بوليمينيز أنَّ مشروع الثلاث سنوات أظهر أنَّ الإيبوبروفين يتدخل في قدرة خلايا الخميرة على التقاط التربتوفان (tryptophan)- الحمض الأميني المتواجد في كل خلية من خلايا جميع المتعضيات. يعد التربتوفان أساسيًا للبشر الذين يحصلون عليه من المصادر البروتينية للحمية الغذائية.

يقول الدكتور كينيدي: «لسنا متأكدين لِمَ يحدث هذا الأمر، إلّا أنّه يستحق المزيد من البحث. هذه الدراسة دليل على أنّ الأدوية الشائعة الآمنة نسبيًا عند البشر، بإمكانها أن تطيل حياة أنواع شتى ومتعددة من المتعضيات. من أجل ذلك، ينبغي علينا إيجاد مشابهات الإيبوبروفين، خاصة تلك ذات القدرة الأفضل على إطالة الحياة، بهدف إضافة سنوات صحية لحياة الناس».

ويضيف كينيدي: «قرّب دكتور بوليمينيز لنا هذه الفكرة بمشاهدة كيف تتطابق تحليل دورته الخلوية مع دراسات التقدم في العمر خاصتنا. وقد حددّ بعض الأدوية والتي تملك حقًا بعض الخصائص الفريدة من نوعها، وأردنا أن نعرف إن كانت تؤثر على التقدم في العمر، لذلك أجرينا هذه الدراسات في مختبرنا. وقد بدأنا بالفعل بإيجاد أنه ليس فقط الإيبوبروفين، لكن غيره من الأدوية أيضًا، تؤثر على التقدم في العمر، لذلك نحن حقًا متحمسون حيال الأمر». ويعلق كينيدي على الأمر: «تهتم مؤسستنا باكتشاف لِمَ يمرض الناس عندما يتقدمون بالسن. نعتقد أنّه من خلال فهم هذه العمليات، بإمكاننا أن نتدخل ونجد طرق لإطالة حياة أكثر صحة للإنسان، جاعلين الناس يعيشون أطول وبصحة أفضل، ومؤخرين الشيخوخة، وهذا هو هدفنا الجوهري».

قالت شونغ هي (Chong He)- زميلة ما بعد الدكتوراه في مؤسسة (BUCK)، والكاتبة الرئيسية في الصحيفة- أنَّ النظر بشكل أعمق في الأدوية الشائعة والتي تستهدف أمراض فردية ربما يسلط الضوء لفهم عملية الشيخوخة. وتقول هي: «لدينا بعض المعطيات التمهيدية عن الديدان والتي أظهرت أنّ
هذا الدواء يطيل أيضًا الفترة التي تتمتع فيها الديدان بالصحة. لم يجعلها الدواء تعيش حياة أطول فقط، ولكن أكثر صحة. بإمكاننا قياس تهيّج الديدان، فإذا كانت بصحة جيدة فهي تميل لأن تتهيج أكثر. وبإمكاننا أيضًا قياس الانتفاخ عندما تبتلع، لأنها إذا كانت بصحة جيدة فالانتفاخ سيكون أسرع». وتعلق أخيرًا: «الإيبوبروفين دواء نتناوله منذ سنوات، ولم نكن نعلم بأنه يمتلك بعض الفوائد فيما يتعلق بإطالة الحياة ومدى الصحة».


ترجمة: رنيم جنيدي
تدقيق: هدى جمال عبد الناصر

المصدر