يزداد انتشار الأطعمة النباتية واحتلالها رفوف المحلات، بدءًا من البرغر النباتي وصولًا إلى مثلجات الشوفان. إذ يُقدّر أن ينمو سوق المنتجات النباتية بمعدل خمسة أضعاف ليصل إلى ما يقارب 162 مليار دولار أمريكي مع حلول العام 2030 وفق تقرير يعود إلى مركز بلومبيرغ إنتيليجينس. لكن هل تكفي المغريات الصحية والحجج الفكرية والفوائد البيئية كي تحول شهية المواطن الأمريكي المحب للحوم نحو البدائل النباتية؟

ربما لا، مع أن استطلاعًا للرأي أصدرته CBS news أظهر أن 36% من الأمريكيين قللوا استهلاك اللحوم خلال السنوات السابقة، فإن معظم خطط الدولة الاقتصادية ما زالت موجهةً نحو استهلاك اللحوم إذ بلغ استهلاك لحم البقر في عام 2020 وحده ما يقارب 12 مليار كيلوغرامًا.

اقتُبس هذا المقال عن حوار أجرته صحيفة The Brink مع فيكتور كومار، الأستاذ الجامعي المساعد في قسم الفلسفة في جامعة بوسطن للعلوم والفنون، ورئيس مخبر الفكر والمبادئ الأخلاقية فيها. شارك وساهم كومار في إصدار كتب وأوراق بحثية وتوصيات تتعلق بعلم النفس الذي يكمن وراء تقليل استهلاك اللحوم والآليات النفسية التي تتيح لآكلي اللحوم تجاهل الحجج الأخلاقية التي تناهض تناول اللحوم، ونظم خطوات لإقناع الناس لتتحول نحو بدائل اللحوم النباتية.

ما الذي يجذب الناس نحو اتباع حمية نباتية؟

يرغب الناس في امتلاك صحة جيدة واتباع مبادئهم الأخلاقية. يشعر 70% تقريبًا من الأمريكيين بعدم الارتياح من طريقة استثمار الحيوانات في الصناعات الغذائية، لكن هذا ليس كافيًا لاتباعهم حميةً نباتيةً صرفةً. يحتاج معظم الناس إلى وسط اجتماعي مكون من أفراد العائلة والأصدقاء يقدم برهانًا اجتماعيًا على جدوى الحمية النباتية وأهليتها وملاءمتها.

ما أشيع الأفكار الخاطئة المتعلقة باتباع حمية نباتية؟

يعتقد معظم الناس أن التخلي عن اللحوم والمنتجات الحيوانية تعد خطوةً مكلفةً وغير صحية وغير سارة. اللحوم لذيذة بالطبع لكن توجد خيارات لا تنفد من الوجبات النباتية الشهية. يوجد نباتيون غير صحيين كما يوجد لاحمون – نباتيون غير صحيين، لكن من الممكن الحصول على الوارد اللازم من المغذيات والبروتينات والسعرات الحرارية باتباع حمية نباتية صرفة دون الحاجة لجيوب ممتلئة وموارد مالية كبيرة. فالحبوب كالفاصولياء والعدس على سبيل المثال مصادر رخيصة الثمن للبروتين.

كيف يضر استهلاك اللحوم بالبيئة؟

تنعكس الصناعات التي تتعلق باللحوم سلبًا على البيئة من خلال طرق عدة، إذ تساهم في تلوث الماء والهواء، وفي تدمير موطن الحيوانات الطبيعي نتيجة عملية إزالة الأشجار، بالإضافة إلى تغيّر المناخ بفعل نفايات الحيوانات وعملية نقل الأطعمة الأمر الذي يسبب الضرر البيئي الأكبر. إذ تبين وفق إحدى الدراسات الصادرة مؤخرًا أن تربية الحيوانات مسؤولة عن سدس انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا.

ما المقصود بمصطلح الاختزاليين أو الانتقائيين وبما يختلفون عن النباتيين؟

النباتي هو من يبتعد في حميته عن اللحوم وجميع المشتقات الحيوانية، تعدُّ هذه الحمية نظامًا اصطفائيًا جدير الاحترام لكن يصعب الالتزام به ومنفرًا بالنسبة لبعض الأشخاص، أما مصطلح الاختزالي أو الانتقائي فيعني تتبّع حمية مشوبة تعتمد على تقليل المنتجات الحيوانية بهدف الوصول إلى حمية نباتية كاملة تقريبًا مع التحفظ على تناول اللحوم في مناسبات وأوقات محددة كعطل نهاية الأسبوع مثلًا. هي حمية أقل تنفيرًا وأكثر قبولًا وقابليةً للانتشار بين الناس من الحمية النباتية وفق أبحاث علم النفس.

هل تناول اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى أمرٌ خاطئ أخلاقيًا؟

إنّ استهلاك منتجات حيوانية من المزارع المنزلية موضوع يقبل النقاش والجدل، لكن معظم المنتجات الحيوانية التي يستهلكها الناس تنتجها مزارع صناعية تخضع فيها الحيوانات للتعذيب وتُقتل دون رحمة. انطلاقًا من هنا، يصبح من الخطأ دعم صناعات كهذه كونها تجلب البؤس للحيوانات من أجل تحقيق متعة بشرية عابرة، حالها كحال مصارعة الثيران أو الكلاب. إنّ المواشي كالأبقار والخنازير مخلوقات حساسة تشعر بالألم والسعادة كالحيوانات الأليفة. وبالتالي يصبح تقليل استهلاك المنتجات الحيوانية مسألةً تتعلق بالنزاهة الأخلاقية. قد يساعد انتشار هذا المنهج في إنهاء المزارع الصناعية يومًا ما من خلال استغلال السياسات القضائية ونظرية اختيارات المستهلك.

هل يوجد اعتراضات أخلاقية أو فكرية اتجاه من يتبعون حميةً نباتيةً صرفة؟

تساهم الصناعات الغذائية النباتية أيضًا في تغير المناخ نظرًا لكون العديد من المحاصيل النباتية غير مستدامة على نطاق واسع، ما يفرض على علماء البيئة الذين يمتلكون أسبابًا لتقليل استهلاك المنتجات الحيوانية اتخاذ توجهات أخلاقية بشأن استهلاك المنتجات النباتية. أضف إلى ذلك إمكانية تبني بعض النباتيين فكرة تفوقهم أخلاقيًا، وهذا خاطئ فلا أحد مثالي، وينبغي التحلي بالتواضع واللطف عند الدفاع عن المبادئ الأخلاقية الخاصة بالفرد.

ماذا يستطيع أن يفعل المجتمع لنشر الحمية النباتية؟

يمكن فعل الكثير، بدايةً ابتكار وصفات نباتية لذيذة تتيح للمطبخ النباتي منافسة المطبخ الحيواني النباتي، وقطع الإعانات عن المزارع الحيوانية، وتوجيه الحوافز إلى إنتاج بدائل اللحوم متضمنةً اللحوم المنتجة مخبريًا. يعيش بعض الأشخاص في بيئات فقيرة غذائيًا يصعب فيها العثور على طعام نباتي صحي رخيص الثمن، لذا ينبغي الدعوة إلى إصلاحات سياسية تعزز مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الحيوانية والبيئية.

كيف يمكن تأطير مساندة الحمية النباتية بصورة تجعلها مشجعةً دون توليد الشعور بالذنب؟

ينبغي تجنب دفع الناس إلى التخلي تمامًا عن اللحوم والمنتجات الحيوانية لكون ذلك قد يؤدي إلى رد فعل عنيف وتشكيل أقطاب مؤيدة ومعارضة، يمكن تشجيع الناس بدلًا عن ذلك على اتباع حمية انتقائية أو اختزالية، بهذه الطريقة يمكن الوصول إلى الغاية المطلوبة مع تحقيق الرضا الأخلاقي.

اقرأ أيضًا:

8 خرافات عن الحمية النباتية والخضرية

الحمية النباتية تزيد سوء التغذية في البلدان الغنية

ترجمة: رضوان أحمد مرعي

تدقيق: فاطمة جابر

مراجعة: آية فحماوي

المصدر