اضطراب الوسواس القهري أو OCD هو مرض عقلي أُسيء فهمه على الرغم من إصابته لواحد من كل مليون شخص. يُظهر بحثنا الجديد كيف ستكون رحلة التشخيص والعلاج طويلةً.

بيّنت الدراسات الأولية أن تشخيص اضطراب الوسواس القهري يستغرق قرابة تسع سنوات وحوالي أربعة أشهر للحصول على المساعدة.

ما اضطراب الوسواس القهري؟

يصيب اضطراب الوسواس القهري الأطفال والمراهقين والبالغين ونحو 60% أبلغوا عن الأعراض قبل سن العشرين.

أحد المفاهيم الخاطئة عن اضطراب الوسواس القهري أنه مرض خفيف.

شخص مرتب جدًا أو يحب التنظيف:

وربما سمعت من شخص ما يقول مازحا عن أشخاص يمتلكون لوازم مكتبيةً جميلةً أنهم «مصابون باضطراب الوسواس القهري قليلًا».

لكن اضطراب الوسواس القهري ليس أمرًا يمكن المزاح عنه، فالشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري يعاني من هواجس مقلقة للغاية وأفكار متطفلة ومتكررة لا يستطيع السيطرة عليها.

على سبيل المثال، قد يعتقدون أنهم وأحبائهم في خطر شديد. لذا فإن الأفعال الوسواسية هي أفعال تخفف مؤقتًا من هذا الكرب، ولكنها في النهاية ستؤدي إلى تفاقمها، مثل التحقق من قفل الباب أكثر من مرة.

يقضي الأشخاص المصابون بالوسواس القهري ساعات في اليوم في حلقة الأفعال الوسواسية، بدلاً من قضاء حياتهم في المدرسة أو العمل أو التمتع بحياة اجتماعية.

يعاني أيضًا أفراد أسرة المصاب بالوسواس القهري من الأسى عليه وغالبًا ما ينتهي بهم الأمر بإكمال طقوسه أو تقديم طمأنينة له مبالغ فيها.

تشخيص اضطراب الوسواس القهري

غالبًا لا يفصح الأشخاص المصابون بالوسواس القهري للآخرين عن أفكارهم المزعجة أو طقوسهم المتكررة؛ لأنهم يشعرون بالخجل أو القلق إذا أخبروا شخصًا ما بتلك الأفكار التي من الممكن أن تتحوّل إلى حقيقة. أيضًا لا يسأل الأطباء المرضى دائمًا عن أعراض الوسواس القهري عندما يطلبون العلاج أول مرة. في الحقيقة، كِلا الأمرين سيؤدي إلى تأخير التشخيص الصحيح.

حينما يشعر المرضى بالراحة عند التحدث عن معاناتهم مع اضطراب الوسواس القهري، سيتيح هذا للطبيب العام أو المعالج النفسي التشخيصَ السريع.

في بعض الأحيان يصعب تمييز الوسواس القهري عن الاضطرابات الأخرى، مثل اضطرابات الأكل أو اضطرابات القلق أو التوحد. إذ تشيع الإصابة بمرض عقلي آخر عند المصابين بالوسواس القهري وفي تلك الحالات يكون اختيار مقدم رعاية صحية خبير بالوسواس القهري مساعدًا.

لتشخيص الوسواس القهري يسأل اختصاصي الصحة المرضى وأسرهم أسئلةً حول وجود الهواجس أو الأفعال الوسواسية، وكيف يؤثر ذلك على حياتهم وعائلاتهم.

علاج اضطراب الوسواس القهري

بعد تشخيص المريض باضطراب الوسواس القهري، تصبح معرفة المزيد من المعلومات حول هذا المرض وعلاجاته أمرًا مفيدًا.

سيحتاج المرضى إلى معالج نفسي يقدم نوعًا خاصًا من العلاج النفسي يسمى (التعرض ومنع الاستجابة) أو ERP.

هذا النوع من العلاج السلوكي المعرفي هو علاج قوي وفعال للوسواس القهري، لذا يُنصح المصابون بالوسواس القهري بتجربة هذا العلاج أولاً.

يساعد المعالجون المرضى على فهم الحلقة المفرغة لاضطراب الوسواس القهري وكيفية كسر هذه الحلقة، إذ يدفعون المرضى عمدًا لخوض مواقف تثير قلقهم، ثم مقاومتها بالإكراه.

الأهم من ذلك، أن يقرر المريض و المعالج النفسي معًا الخطوات التي يجب اتخاذها لمعالجة مخاوفه.

يتعلم الأشخاص المصابون بالوسواس القهري أفكارًا جديدةً، على سبيل المثال: عبارة «لا تؤدي الجراثيم دائمًا إلى المرض»، بدلاً من عبارة «الجراثيم خطيرة».

توجد مجموعة من الأدوية الفعالة التي تعالج الوسواس القهري، ولكننا بحاجة إلى المزيد من البحث لمعرفة متى يجب وصف الدواء. إذ يُوصف الدواء لمعظم مرضى الوسواس القهري لتعزيز خطة علاج ERP (التعرض ومنع الاستجابة).

لا يسير كل شيء حسب الخطة:

فالتأخر في التشخيص هو بداية فقط؛ لأن العلاج يشكل تحديًا أكبر. إذ إن 30% فقط من الأطباء في الولايات المتحدة يقدمون علاج ERP.

  •  يتلقى العديد من المرضى علاجات تبدو موثوقة، ولكنها تفتقر إلى الأدلة، مثل العلاج المعرفي العام؛ وهو علاج غير مخصص لاضطراب الوسواس القهري. إذن تهدر العلاجات غير الملائمة الوقت والجهد الثمين اللذين يمكن أن يستخدمهما المريض للتعافي، ويمكنها أيضًا أن يُفاقما أعراض الوسواس القهري.
  •  نحو 40-60% من المرضى الذين تلقوا علاج الخط الأول المثبت بالدليل لم يتحسنوا.
  •  لا يوجد دليل للمعالجة السريرية لاضطراب الوسواس القهري هذا يجعل من الصعب على مقدمي الرعاية الصحية معرفة كيفية علاجها.
  •  مُوّل عدد قليل من الأبحاث التي أُجريت على اضطراب الوسواس القهري في السنوات العشر الماضية، مقارنةً بمرضَي الذهان والخرف.

ماذا نستطيع أن نفعل؟

يتطلب التغيير الحقيقي التعاون بين اختصاصيي الرعاية الصحية والباحثين والحكومة والأشخاص المصابين بالوسواس القهري وعائلاتهم، لتمويل البحوث والخدمات السريرية:

  •  تسليم مراسلات الصحة العامة لتحسين المعرفة العامة حول OCD وتقليل الوصمة، لكي يشعر الناس براحة أكبر في الكشف عن مخاوفهم.
  •  رفع مستوى مهارات العاملين في المجال الصحي ودعمهم لتسريع التشخيص حتى يتمكن المرضى من تلقي العلاج المبكر.
  •  دعم اختصاصيي الرعاية الصحية لتقديم العلاج المسند بالدليل للوسواس القهري، حتى يتمكن المزيد من الأشخاص من الوصول إلى هذه العلاجات
  •  تطوير الخدمات الحكومية والوطنية والأدلة السريرية. على سبيل المثال، تموّل الحكومة الأسترالية المنظمة الوطنية لاضطرابات الأكل National Eating Disorders Collaboration لتطوير وتنفيذ نهج وطني متسق للوقاية من اضطرابات الأكل وعلاجها.
  •  البحث عن علاجات جديدة، وتعزيز العلاجات الحالية. إذ تُخصص هذه الأدوية للمرضى الذين لم يتحسنوا على علاج (التعرض ومنع الاستجابة).

ماذا لو كنت أعتقد أنني مصاب بالوسواس القهري؟

العائق الأكثر شيوعًا الذي سيعترض طريق العلاج هو عدم معرفة المريض أي طبيب يُراجع أو إلى أين يذهب؛ لذا ابدأ بمراجعة طبيبك العام وأخبره أنك تعتقد بأنك مصاب بالوسواس القهري، واطلب منه مناقشة الخيارات العلاجية.

قد يتضمن العلاج معالجةً مع أدوية أو من دونها، وإحالةً إلى معالج نفسي أو طبيب نفسي. فعند اختيار العلاج، فمن المهم مراجعة طبيب يقدم علاجًا محددًا وفعالًا للوسواس القهري.

يمكن سؤال أي اختصاصي صحي إذا كان يقدم معالجة (التعرض ومنع الاستجابة)، فإن لم يكن يفعل ذلك، فهذه علامة على أن هذا ليس مجال خبرته. لكن ما يزال بالإمكان سؤاله إذا كان يعرف زميلًا يقدم مثل هذا العلاج.

اقرأ أيضًا:

ماذا تعرف عن الاضطراب الوسواسي القهري؟

الوسواس القهري بين تحديد الاسباب و تطوير العلاج

ترجمة: سوزان عبود

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر