اكتشاف تَصدُّع في الغلاف المغناطيسي للأرض
(درعنا الوحيد ضد الإشعاعات الكونية والرياح الشمسية)


يحيط بكوكبنا حقل مغناطيسي واسع، هو درع الأرض يحميها من الإشعاعات الكونية والرياح الشمسية القاسية ويجعلها مكاناً ملائما للحياة.

ولكن خلال دراسة العلماء لأقوى العواصف المغناطيسية الأرضية التي حدثت في الآونة الأخيرة، اكتشفوا أن الدرع المغناطيسي ليس آمنا بالدرجة التي كنا نعتقدها.
على ما يبدو، فقد تصدع الدرع!

فام الباحثون بتحليل البيانات الصادرة من التلسكوب GRAPES-3 ببلدة أوتي بالهند، والذي سجل اندفاعا ضخماً لأشعة كونية مجريّة يوم ـ22 يونيو 2016.

لمدة ساعتين، قُصِفت الأرض بهذه الجسيمات، والتي تُصدِر طاقة إشعاعية هائلة، متنقلة بسرعة الضوء. فهي إشعاعات قوية جدًا، تخترق بسهولة هيكل المركبة الفضائية، ويبقى الدرع المغناطيسي للأرض الدفاع الوحيد ضدها.

حوالي 40 ساعة قبل حادث يوم 22 يونيو، تلقت الأرض سحابة ضخمة من بلازما الشمس، تحديدًا من الكورونا (الغلاف الجوي للشمس)، حيث اصطدمت السحابة بغلافنا المغناطيسي بسرعة 2.5 مليون كلم في الساعة. تسببت في إنشاء عاصفة مغناطيسية أرضية وإحداث تعتيم لإشارات الراديو في البلدان العالية بقارة أمريكا. كما نتج عن ذلك شفقًا قطبيًّا حين التقت الجسيمات المشحونة بغلاف الأرض الجوي.

ولكن الآن، توصل العلماء أخيراً إلى معرفة مدى قساوة قصف الإشعاعات الكونية على الأرض.

قام فريق من الباحثين من معهد تاتا للبحث الأساسي (TIFR) بالهند بعدة عمليات محاكاة لبيانات GRAPES-3 لنفس اليوم، وبينت النتيجة أن الغلاف المغناطيسي قد تصدع مؤقتًا وهذا ما يفسر الخلل الذي أصاب أنظمة الراديو.

يقول الفريق أن القصف الشمسي كان قاسيًا وحادًا مما أدى إلى انضغاط الغلاف المغناطيسي، وبالتالي تقلص سمكه من 11 إلى 4 مرات نصف قطر الأرض.

يظن الباحثون أن العاصفة المغناطيسية الأرضية كانت قوية جدًا إلى درجة إعادة تكوين درعنا المغناطيسي، مساهِمة في نشأة فتوحات و تاركة الإشعاعات الكونية تتسلل إلى الداخل.

تقول كاثرين ورايت في موقع American Physical Society : >>يحدث هذا الضعف لما تقوم جسيمات البلازما المشحونة القادمة من الشمس بتشويه الحقل المغناطيسي للأرض ممددًا إياه عند القطبين ومنقصًا من قابلية كشف الجسيمات المشحونة<<.

في حقيقة الأمر، يقول الباحثون أن هذا حدث مصدر للقلق، لأنه يشير إلى أن حقلنا المغناطيسي يتغير -أو بالأحرى، يضعف -في أماكن معينة.

>>وقوع هذا الاندفاع يعني أيضًا إضعاف الدرع المغناطيسي الواقي الأرض، لمدة ساعتين خلال هذا الحدث.<< حسب ما كتبه الباحثون. >>[هذا] يشير إلى إضعاف عابر للدرع المغناطيسي للأرض، وربما يحمل مفاتيحًا من أجل فهم أفضل للعواصف المستقبلية، الذي قد يشل البنى التحتية للتكنولوجيا الحديثة على الأرض، ويشكل خطرًا على حياة رواد الفضاء.<<

الأمر الإيجابي في هذا الحدث هو أن الحقل المغنطيسي يتصدع لفترة مؤقتة فقط، ولكن الأمر السلبي هو أنه قابل للتصدع.

ليس هناك الكثير ما يمكننا القيام به حيال ذلك، ولكن يأمل الباحثون أن من خلال الاستمرار في البحث عن هذه الشقوق و التصدعات فور حدوثها – وفي الأحداث الماضية – سنكون أفضل استعدادًا للتعامل معها في المرة القادمة خلال اندفاع الأشعة الكونية.

نُشِر البحث بـدورية Physical Review Letters.


ترجمة: عبروش محمَّد السَّعيد
تدقيق: جمان الرشدان
المصدر