Brain expanding gene final2

 

بما أننا بشر، نعلم أننا فريدين من نوعنا بشكل ما: إننا النوع الأكثر سيطرة على وجه الكرة الأرضية، وإن أدمغتنا الكبيرة شيء يستحق التفاخر به. تعتبر ادمغتنا أكبر بحوالي الثلاثة أضعاف من اقرب فصيل لنا -الشمبانزي- بصرف النظر عن حقيقة أننا نتشابه ب 99% من الجينات. فإلى ماذا نعزوا هذا التطور البالغ الاهمية في حجم دماغنا؟؟ هذا السؤال بدأ يستحوذ البيولوجيين لبعض من الوقت، ولكن على ما يبدو أننا بدأنا بحلّ الأحجية الجينية ببطء.

ففي الأسبوع المنصرم، كشف العلماء على أنهم تعرفوا على شفرة الدنا DNA او الجينة المسؤولة عن حجم ادمغتنا، والتي عندما تمت إضافتها إلى الفئران، جعلت من ادمغتهم أكبر بحوالي 12% من الفئران التي اضيف لها نفس الشفرة المستخرجة من الشمبانزي. و وجد العلماء ان هذا الجين الفريد المستخرج من البشر، و عند اضافته الى الفئران، لا يزيد فقط حجم منطقة الدماغ الرئيسية لدى هذه الفئران، ولكن أيضاً يمنح هذه المنطقة شكلاً مميزاً مشابهاً لما لدى أدمغة الثدييات العليا. هذه الملاحظات تشير الى أن هذه الجينة بحد ذاتها من الممكن ان يكون لها دور أساسي في ظهور قدرات عقلنا الفريدة، والذي يعتبر اكتشافاً مثيراً.

المنطقة التي ركز عليها العلماء دراساتهم هي القشرة المخية الحديثة (Neocortex)، وهي المنطقة المسؤولة عن الإدراك الحسّي و الوظائف المعرفية، والتي حسب ما يعني اسمها أنها “الإضافة الجديدة” إلى أدمغتنا. لدى البشر، هذا الجزء من قشرة الدماغ مزدحم بما يقارب المئة بليون خلية وهو مركز الوظائف المعرفية العليا. ومنذ ظهور هذا الجزء من الدماغ عند السلف المشترك للثديات قبل حوالي 250 مليون عام، طرأ عليه بعض التطورات عند فرع الرئيسيات، الا ان التطور الاكبر ظهر لدى البشر. بينما لدى القوارض، كان تطور هذا الجزء من الدماغ ثابت نسبياً.

لإيجاد القوة المسيطرة أو الدافعة إلى هذا التطور في حجم القشرة المخية الحديثة، قام الباحثون من مركز ماكس بلانك Max Planck Institute ببدأ التحقيق حول أي من الجينات هي المفعّلة، أو التي يعبر عنها، خلال عملية تطور القشرة المخية. من اجل ذلك، قاموا بفصل انواع مختلفة من الخلايا الجذعية للقشرة المخية المستأصلة من جنين الفأر و من جنين بشري. هذه الخلايا قادرة على انتاج العصبونات ،أو الخلايا العصبية،  التي تشكل القشرة المخية. وتكون الطريقة الأبسط لتمييزها بوسم كل خلية بعامل مشع، مما يسمح لهم فيما بعد بتتبع مصيرها.

وبعد تفحص أي الجينات التي يعبر عنها بشكل مرتفع، وجد العلماء أن العديد من الجينات النشيطة أو المفعلة متواجدة في الخلايا البشرية، ولكنها غير موجودة عند الفئران. و احد هذه الجينات، ARHGAP11B، كان معبراً عنها بشكل مرتفع للغاية. وبالبحث أكثر تبين أن هذه الجينة غير موجودة عند الشمبانزي، الا ان اسلافنا القدامى كالنياديرتال Neadertals والديسوفان Denisovans (وهما نوعين منقرضين من البشر البدائيين) كانوا يمتلكونها، وبالتالي تعتبر على أنها جينة خاصة بالبشر. و في دراسة سابقة، وُجد أن هذه الجينة ظهرت عندما نسخت جينة أخرى نفسها بشكل جزئي. وبسبب أن الشمبانزي ليس لديه هذه الجينة، يفترض الباحثون أن عملية التضاعف هذه يجب أن تكون قد حصلت بعد أن تفرق أو تطور كلاً من البشر والشمبانزي.

وبما ان هذا الجين ظهر كمرشح مثالي في عملية نمو خلايا الدماغ، اضاف العلماء هذه الشفرة الى اجنة الفئران لمراقبة ماذا يمكن ان يحدث.  لقد لاحظوا ان اضافة هذا الجين لا تزيد فقط عدد الخلايا الجذعية للقشرة الدماغية عند الفئران بشكل كبير، مما يؤدي الى ازدياد حجم القشرة الدماغية، ولكن أيضاً يمنح هذه المنطقة شكلاً مميزاً مشابهاً لما لدى أدمغة الثدييات العليا والذي لا نراه عادة عند الفئران.

على الرغم من ان هذه الجينة قد تكون لاعبا اساسيا في نمو وتوسع القشرة المخية الحديثة، الا انه لا بد ان يكون هناك عوامل اخرى تساهم في قدراتنا العقلية الفريدة أيضاً.

[divider]

ترجمة[author ] ترجمة: محمد السمان | تدقيق لغوي: سامح عبيد – مقال ١ [/author] [divider]

المصدر