كتب الباحثون في هذه الدراسة أن حفرية القرش أكويلولامنا ميلارك Aquilolamna milarcae أو القرش النسر العائدة للعصر الطباشيري -التي كان مقررًا وضعها في متحف ميلارك المزمع تشييده و تأجل بنائه بسبب جائحة فايروس كورونا- ستوضع بدءًا من 1 مايو في متحف الصحراء في سالتيلو في المكسيك حيث ستكون متاحة للباحثين.

وقد أكد الباحثون منذ نشر الدراسة مصدر الحفرية وذهبوا إلى أن حفرية القرش قد وجدت في مقلع للصخور واشتراها جامع التحف ماوريسيو فيرنانديز غارزا الذي بدوره أتاح العينة للعلماء لاحقًا لدراستها.

وبالرغم من أن شراء الحفريات الأثرية أمر غير قانوني في المكسيك يقول ماوريسيو إنه كان قد اشترى لوحًا صخريًا من المقلع قبل أن يكتشف لاحقًا أن حفرية القرش عالقة ضمن هذا اللوح وهو أمر قانوني بحسب قول غارسا، وقد تحدث غارزا لمجلة العلوم قائلًا: «على أي حال، يقوم الآن أفراد عصابات الجريمة المنظمة بإيجاد البقايا الأحفورية الأخرى وبيعها خارج إطار القانون لمقتنيي الآثار».

كشفت دراسة جديدة أن سمكة قرش غريبة بزعانف على شكل أجنحة وفم كبير غائر، قد جابت البحار من حوالي 93 مليون سنة في عصر الديناصورات وفي المنطقة المعروفة حاليًا بالمكسيك.

ويشبه هذا القرش -الذي أطلق عليه اسم أكويلولامنا ميلارك أو القرش النسر لمتحف ميلارك حيث سيوضع للعرض- بشكل لافت للنظر سمكة شيطان البحر مانتا راي التي تملك أيضًا زعانف بشكل أجنحة، وأسماك الراي قريبة منها إلا أنها ليست أقراشًا.

قال الباحثون: «لقد عاش هذا القرش أكثر من 30 مليون سنة قبل أن تظهر أسماك الراي للوجود».

وقال قائد الدراسة الباحث رومان فولو عالم الحفريات الفقارية في المركز الوطني للأبحاث العلمية في مركز رين للعلوم الجيولوجية في فرنسا: «إن هذا ليس التشابه الوحيد، إذ من المرجح أن يكون هذا القرش الأثري كائنًا مفلترًا للغذاء يبتلع الكائنات كالعوالق الصغيرة في حالة الجوع تمامًا كما تفعل أسماك الشيطان مانتا راي في الوقت الحاضر».

ولهذا يعتقد أن القرش النسر قد عاش في نمط البيئة البحرية نفسه الذي تعيش فيها أسماك المانتا راي في يومنا هذا.

وكان قد اكتشف عامل المقلع عينة القرش النسر في ولاية نويفو ليون شمال شرق المكسيك عام 2012 ضمن لوح من الحجر الكلسي احتفظ بداخله بمعظم الهيكل العظمي المتحجر للقرش وبصمات أنسجته الرخوة. ففي الفترة التي عاش فيها هذا القرش كان هذا الجزء من المكسيك مغطى بمياه الطريق البحري الغربي الداخلي وهو حيز مائي امتد وقتها من خليج المكسيك إلى المحيط المتجمد الشمالي.

ويختلف هذا القرش المجنح عن أي قرش موجود حاليًا، وإحدى الاختلافات الصارخة للقرش أكويلولامنا هي امتلاكه زعانف صدرية جانبية رفيعة وطويلة جدًا.

وقد تحدث العالم فولو لمجلة العلوم عبر الإيميل قائلًا: «إن هذا يجعل من عرض القرش المجنح أكبر من طوله، بمسافة 1.9 متر بين نهايتي جناحيه، وطوله الإجمالي 1.65 متر».

ويضيف فولو: «ميزة أخرى مهمة فيه هي الرأس القصير والخطم غير واضح المعالم والفم العريض»، ويتابع قوله: «أما بقية أجزاء الأكويلولامنا مثل الذيل والزعانف الذيلية فهي مشابهة لتلك التي عند الأقراش في قتنا الحاضر وهذا ما يضفي على الأكويلولامنا مظهرًا لحيوانٍ أسطوريٍ فريدٍ من نوعه».

تعد أسماك القرش والمانتا راي والأسماك الأخرى المزودة بهياكل عظمية غضروفية جزءًا من طائفة من الأسماك تسمى صفيحيات الخياشيم الغضروفية التي ظهرت على كوكبنا من حوالي 380 مليون سنة مضت.

وتمتلك صفيحيات الخياشيم الغضروفية الآكلة للعوالق نمطين شكليين مميزين للجسم: نمط أجسام أسماك القرش التقليدية مثل القرش الحوتي وهو أكبر سمكة حية في العالم، وآخر مع أجسام مسطحة ومن بينها المانتا راي وأسماك الشيطان.

ويمتلك القرش النسر المكتشف حديثًا كلا النمطين الشكليين السابقين.

ومع ذلك، لا يعد سلفًا لأسماك الراي ولكنه يعد مثالًا على التطور التقاربي، إذ طورت مجموعات مختلفة من الكائنات الميزات نفسها والخواص نفسها.

وتكشف البقايا غير العادية للأنواع المكتشفة حديثًا عن تجربة تطورية غير متوقعة للطيران تحت الماء قامت بها أسماك القرش بحسب ما كتبه الباحثون في الدراسة التي نشرت على الإنترنت في 18 آذار في مجلة العلوم.

سريعة أم بطيئة؟

لم يكن القرش النسر مفترسًا سريعًا ومتوحشًا كما هو حال القرش الأبيض العظيم.

وكتب الباحثون أيضًا في الدراسة أن هناك احتمال أن يكون قرش الأكويلولامنا سبّاحًا بطيئًا نسبيًا إذا ما قارناه مع صفيحيات الخياشيم الغضروفية الأخرى الآكلة للعوالق التي تسبح بطيئةً في الماء ملتهمة العوالق الحية فيه.

ويعتقد أن الزعانف الصدرية الرفيعة والطويلة للقرش النسر عملت موازناتٍ وربما أيضًا قد ساعدته على الاندفاع للأمام عبر حركات رفرفة بطيئة.

ويرجح اعتماد الحيوان على شكل جسمه الطوربيدي وزعانفه الذيلية القوية ملوحًا فيها بالجانبين ليندفع للأمام في الماء.

ولم تُظهر حفرية القرش النسر امتلاكه للزعانف الحوضية الموجودة بالعادة تحت الأطراف قرب الذيل، أو للزعانف الظهرية، ولكن ليس واضحًا فيما إذا افتقد هذه الزعنفة المثلثية عندما كان حيًا أو أنها فقط لم تتحجر مع البقايا الأخرى.

يقول أستاذ علم المستحاثات في جامعة ديبول في شيكاغو كينشو شيمادا: «الأكثر من ذلك أنه لم يبق أي أثر لأي من أسنان القرش، الأمر الذي يجعل من تحديد نوع هذا القرش تحدّيًا صعبًا».

ويضيف شيمادا لمجلة العلوم: «تعتمد عملية التعرف على أسماك القرش الأحفورية عمومًا على خصائص أسنانها، ولهذا وضع مؤلفو الدراسة القرش الأحفوري الجديد مؤقتًا ضمن مجموعة تسمى لامينيفورميس، أو القروش الحديثة أو اللمنيات، مستندين إلى الخصائص المشاهدة في فقراته وهيكله العظمي التي تعد أقل فائدة في التشخيص التصنيفي».

وأضاف شيمادا:« تتضمن الأقراش اللمنية الحديثة حيوانات رمزية مثل قرش العفريت وقرش الميغاماوث والقرش المتشمس والقرش ماكو والقرش الأبيض العظيم».

ويتابع شيمادا قائلًا: «إنه لاكتشاف مذهل حقًا، ولكن اكتشاف عينات أخرى إضافية من هذا القرش محفوظة جيدًا وخاصة تلك المحتفظة بأسنانها هو فقط ما سيوضح لنا التشريح الحقيقي لهذا القرش وفيما إذا كان مفلترًا للغذاء أم لا».

كتب الباحثون أن سبب انقراض قرش الأكويلولامنا ميلارك ليس واضحًا، ولكن يرجح أن هذا النوع من مفلترات الغذاء قد تلقى صدمة مميتة ناجمة عن مذنب قطره 6 أميال كان قد اصطدم بالأرض في نهاية العصر الطباشيري من حوالي 65،5 مليون سنة مضت. وتسبب حدث الانقراض الجماعي هذا الذي قتل الديناصورات غير الطائرة بتكلس العوالق العضوية الحية الذي حدث نتيجة لارتفاع الحموضة الهائل الذي أصاب المحيطات السطحية، ما أهلك القسم الأعظم من الحيوانات مفلترة الغذاء بسبب نفاد مخزونها الغذائي.

اقرأ أيضًا:

تحديد 11 نوعًا من الأسماك القادرة على المشي على اليابسة

ما هي نظرية التطور لداروين وماذا تقول؟

ترجمة: زياد جمال

تدقيق: نور عباس

المصدر