تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية بين 35 إلى 38 درجة مئوية (ما يعادل 95 إلى 100 درجة فهرنهايت) وذلك اعتماد على المكان الذي تستخدمه لوضع مقياس الحرارة وعلى التوقيت الذي تقيس فيه.

تحتوي خلايا الجسم على أعضاءٍ صغيرةٍ تسمى الميتوكوندريا والتي تُعتبر بمثابة البطاريات التى تنتج الطاقة فى الخلية الحية.

وفى العام 1957 وصف عالم الأحياء فيلب سيكيفيتش الميتوكوندريا بـ (بيوت الطاقة) حيث تستخدم الأكسيجين والمغذيات لإنتاج الطاقة وبالتالي الحرارة.

نحن نشعر بحرارة الميتوكوندريا فى كل حضنٍ دافئٍ وفى كل نفسٍ ساخن!

وعلى الرغم من مدى أهمية الميتوكوندريا إلا أن الكثير من خصائصها لا تزال عصية على العلم، فعلى سبيل المثال نحن لا نعرف كم تصل درجة الحرارة داخل هذه الأعضاء الصغيرة.

هذا سؤالٌ صعب، ولكن العالم بيير راستين وزملاءه الذين يدرسون علم أمراض الميتوكوندريا فى المؤسسة البحثية الفرنسية يدّعون بأن لديهم طريقةً للقياس.

قام الباحثون بصبغ الميتوكوندريا باستخدام صبغةٍ حساسةٍ للتغيّر في درجات الحرارة ووجدوا أن درجة حرارة الميتوكوندريا النشطة قد تصل إلى 50 درجة مئوية (ما يعادل 122 درجة فهرنهايت)، حيث قام الباحثون بزرع خلايا من الكلى البشرية فى أطباق بيترى وحفظوها فى درجة حرارة 38 درجة مئوية في المعمل.

وقام الباحثون بحقن هذه الخلايا بنوعٍ جديدٍ من صبغة الفلوريسين والتى يزداد توهجها بانخفاض درجة الحرارة.

وعندما نشطت الميتوكوندريا وجد العلماء بأن توهج الصبغة قد خفت فى إشارةٍ إلى ارتفاع درجة حرارة الميتوكوندريا بين 7 إلى 12 درجة مئوية بمتوسط 10 درجات مئوية.

يقول العالم بيير راستين

أن الفريق البحثي استغرق عامين من العمل المتواصل ليقتنع بصحة النتائج وينشرها في المجلات العلمية.

وقد عمل الفريق البحثي خلال هذين العامين على فحص ومقارنة العوامل الأخرى والتي من الممكن أن تؤثر على توهج صبغة الفلوريسين مثل معدل الحامضية داخل الخلية والكهرباء التي تسري في جدار الخلية.

وعلى النقيض يقول عالم الكيمياء الحيوية بجامعة لندن نيك لاين

أن الورقة البحثية جيدةٌ ولكنهم – الفريق البحثي – لا يمكنهم التحكم في كل شيء، في إشارةٍ إلى العوامل التى تؤثر على توهج الصبغة.

ويشير لاين أيضا فى تعليق مرفق بالورقة البحثية المنشورة في مجلة بلوس بيولوجي إلى أن وصول درجة حرارة الميتوكوندريا إلى 50 درجة هو ادعاءٌ مبالغٌ فيه.

ويضيف لاين أن الصبغة تتأثر بالحركة أيضًا بالإضافة إلى الحرارة.

هناك مفصل في تركيب الصبغة من المحتمل تعرضه لحركةٍ سريعةٍ تؤدى إلى تغير في درجة توهج الصبغة. هناك فارقٌ بين الحرارة والحركة الجزيئية ولكنني لا أعلم إذا ما كانت استجابة الصبغة مختلفةً بالنسبة لكليهما بالضرورة.

ويقول عالم الأحياء الجزيئية في جامعة كورنيل توماس فوكس

أن إنتاج الميتوكوندريا للحرارة في الثدييات ليس معلومة جديدة.

وأضاف بأنه يود رؤية التغييرات الحادثة على الصبغة فى خلايا الكائنات التي لا تتحكم في درجة حرارة أجسادها كالخميرة و ذبابة الفاكهة أو الديدان.

وكانت القياسات السابقة قد أشارت إلى أن هناك فرقًا في درجة الحرارة بين الميتوكوندريا وباقي الخلية بمقدارٍ ضئيلٍ جدًا يصل إلى واحد على مئة ألف جزءٍ من الدرجة المئوية.

ولكن العالم بيير راستن يشير إلى أن تلك القياسات مبنية على نماذج رياضية اختزلت تركيب الميتوكوندريا إلى كُريّاتٍ بلا أي تركيبٍ داخلي.

ويضيف راستين أن الميتوكوندريا مملوءةٌ من الداخل بصفوفٍ من الأغشية المتلاصقة بإحكامٍ مثل زعانف المُشعّات.

وعلى الجانب الآخر يرى العالم نيك لاين

بأن درجة حرارة الميتوكوندريا الحقيقية أقل من قياسات الصبغة حيث قال (أشك بأن فارق الدرجات المئوية العشرة يمكن أن يكون حقيقيًا ولكن يجب أخذ الأمر على محمل الجد).

وأضاف بأن الهوس بعلم الجينات قد جعل الطرائق الفسيولوجية التقليدية لدراسة عواملٍ كالحرارة أقل جاذبية.

وأضاف أنه لتعزيز النتائج التى حصل عليها مع الفريق البحثي فإنهم يحتاجون لاستخدام طرائق لا تعتمد على توهج المركبات الفلورسية ولكن تلك الطرائق لم تتوفر بعد.


  • ترجمة: د. إسلام مراد
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: بشار الحجي
  • المصدر