على امتداد منظومتنا الشمسية التي تتخطى مدار كوكب نبتون، يوجد العديد من الأجرام الجليدية التي تدور في مدارٍ ثابت حول الشمس، تُدعى حزام كايبر- Kuiper’s belt التي يُعتقد أنها لم تتغير من قبل وجود النظام الشمسي أو بعده.

إن المسافة الكبيرة التي تفصلنا عن هذه الأجرام الصغيرة، إضافةً إلى الضوء القليل المنعكس، يشكلان معوقات لعلماء الفلك في وجه التعرف على حقائق المنطقة وأسرارها. وهذا يجعل نتائج الأبحاث الأخيرة مبشرة نسبيًا.

عن طريق دراسة على الطاقة المظلمة توصل العلماء لاكتشاف ٨١٥ جرمًا وراء كوكب نبتون، واكتشف ٤٥٠ منها حديثًا.

إضافة إلى الثلاثة آلاف جرمٍ التي رُصدت مسبقًا، فإن هذه الأجرام الجديدة تشكل إضافة أساسية للبيانات التي ستساعد في فهم المنظومة الشمسية بصورة أفضل، وربما المساعدة في إيجاد الكوكب التاسع الذي يُشكل تواجده معضلة لعديد من علماء الفلك.

وفقًا للباحثين، فإن الكاتالوج الذي يضم هذه الأجرام هو ثاني أكبر كاتالوج مختص بأجرام ما وراء نبتون. إضافةً إلى كونه الأكبر في استعمال القياس الضوئي متعدد النطاق.

اكتشاف ما يزيد عن 450 جرمًا في مجموعتنا الشمسية - اكتشف العلماء مجموعة من الأجرام في حزام كايبر التي يعتقد أنها لم تتغير من قبل وجود النظام الشمسي أو بعده

استمرت دراسة الطاقة المظلمة ما يقارب الخمس سنوات (من أغسطس 2013 حتى يناير 2019(. والجدير بالذكر أن الهدف من هذه الدراسة كان رصد ظواهر كونية كانفجارات المستعر الأعظم والعناقيد المجرية عبر الأشعة تحت الحمراء، ليحتسب تسارع توسع الكون بدقة أكبر عن طريق هذه البيانات الذي يُعتقد أنه متأثر بالطاقة المظلمة.

ولكن دقة وعمق البيانات أجدت نفعًا في إيجاد هذه الأجرام المتواجدة على الحدود البعيدة للمنظومة الشمسية بحوالي 30 وحدة فلكية عن مدار نبتون.
(ملاحظة: 1 وحدة فلكية = 150 مليون كم).

من جهةٍ أخرى، قام الباحثون عام 2020 بتحليل هذه البيانات وإيجاد ما يقارب 100 كوكب مُصغر (فئة من الأجرام لا تتشبه المذنبات والكويكبات).

أما الدراسة الجديدة التي أجراها الفريق نفسه باستخدام معدات جديدة محسنة ساهمت باكتشاف 461 جرمًا جديدًا، إضافة إلى ذلك قام الباحثون بخلق محاكاة تعكس أجرام ما وراء نبتون ، لمقارنة البيانات والتوصل لتحليلٍ أدق.

إن هذه الأجرام برغم وجود بعض من الأجسام التي تخترق مدارها، لازالت تحافظ عليه متأثرة بآثار ديناميكية النظام الشمسي المبكر. وفقًا النماذج الحالية فإن الكواكب كانت لا تزال في مرحلة التشكل، لذا فإن المنظومة تبدو مختلفة اليوم.

إن تحرك الكواكب العملاقة (كالمشتري وزحل) نحو مدراتهم الحالية أثر على مدار هذه الأجرام. إن دراسة هذه المدارات تساعدنا على فهم أصل تشكلهم وتواجدهم، مع العلم أن كل تجمعٍ لهذه الأجرام يمتلك مدارًا يختلف عن الآخر، ما يعني الحاجة لبياناتٍ أوسع وأدق لتحليل تواجدها.

وعلى غرار ذلك، فإن مجموعة فرعية من أجرام ما وراء نبتون، تسمى بأجرام ما وراء نبتون الشديدة، تملك مدارًا غريبًا. إذ يصل متوسط المسافة المدارية لها إلى 150 وحدة فلكية. ويربط بعض الباحثين المدارات الغريبة لهذه الأجرام بتواجد الكوكب رقم التسعة الذي يؤثر على الجاذبية في تلك المنطقة.

وعلى الرغم من رصد عددٍ قليلٍ من أجرام وراء نبتون الشديدة، فذلك سيساعد في فهم وتحديد تواجد الكوكب رقم تسعة من عدمه. من جهةٍ أخرى، فإن الدراسة التي أجراها الفريق ساهمت بزيادة عدد هذه الأجرام بتسعة، يمتلك أربعة منها متوسط مسافة مدارية تقارب 230 وحدة فلكية.

إضافةً إلى ما سبق، فقد وجد الباحثون عددًا من الأجرام التي تمتلك رنينًا مداريًا مع نبتون، حيث يحدث الأخير عندما يكون حاصل قسمة الفترة المدارية الخاصة بالأجرام صغير نسبيًا.

ومن هذه الأجرام أربعة كويكبات تشارك مدار نبتون حول نقاط لاغرانج C/2014 UN271 المستقرة جاذبيًا، إضافة إلى مذنب كبير يدعى (Bernardinelli-Bernstein) في رحلة نحو الشمس لكنه سيقترب من زحل قبل أن يعود ثانيةً، وجسمٍ آخر منفصل لا يمتلك مدارًا ثابتًا، إذ لا يتأثر بجاذبية كوكب نبتون.

ختامًا، أكد الباحثون أن هذه البيانات التي أُضيفت من دراسة الطاقة المظلمة، ساهمت بصورة واسعة في زيادة فهمنا لحدود المنظومة الشمسية، مؤكدين بأن هناك العديد من الدراسات المستقبلية التي ستعطي أفقًا يساعدنا في فهم تلك المنطقة وهذه الأجرام.

اقرأ أيضًا:

حزام كايبر : ما هو و أين يقع؟

وفقًا للعلماء، قد يكون الكوكب التاسع مجرد وهم، وهذا هو السبب

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: أحمد النجار

مراجعة: مازن النفوري

المصدر