اكتشاف متغيرات وراثية جديدة مرتبطة بالفصام


في دراسة جينية تعد الأكبر من نوعها لأي إضطراب نفسي ، كشف عن 108 موقع كروموسومي يأوي اختلافات في الشفرة الجينية مرتبطة بالفصام، من ضمنها 83 موقع كشف عنها سابقا. من خلال الجمع بين البيانات السابقة من جميع عينات الحمض النووي المتاحة لمرضى الفصام، قام الباحثون بدعم من المعهد الوطني للصحة بعمل بحث عن الأساس الجزيئي لاضطراب الفصام و دفع النتائج إلى مستوى جديد. 

مجموعة عمل الفصام التي تعد جزء من جمعية الجينوم النفسي (PGC) قامت بتحليل جينوم ما يقرب من 37000 مريض بالفصام وأكثر من 113000 شخص معافى في مجموعة الضبط. نشرت نتائج الدراسة في دورية Nature. جمعية الجينوم النفسي (PGC) تم تأسيسها من قبل المعهد الوطني للصحة النفسية ( NIMH) و يعمل من خلالها أكثر من 500 باحث في أكثر من 80 مؤسسة بحثية في 25 بلدا. قبل الدراسة الجديدة، كانت الدراسات على مستوى الجينوم المتعلقة بالفصام قد حددت 30 متغيراً جينيا مشترك بين المصابين بالفصام.

 

حجم العينة في هذه الدراسات – بشكل فردي – يعد صغير جدا ليتمكن من الكشف عن المتغيرات الوراثية الشائعة و التي قد تكون ذات أثر في زيادة خطر الإصابة بالفصام. سعى الباحثون المشاركون في البحث إلى تعظيم القوة الإحصائية من خلال إعادة تحليل النتائج، ليس فقط المنشور منها، ولكن كل البيانات الأولية المتاحة – المنشورة وغير المنشورة. النتائج التي توصلوا إليها كشفت عن 108 متغير وراثي مرتبطة بالمرض من حوالي 9.5 مليون متغير وراثي كانت مشمولة في الدراسة. تم تاكيد النتائج التي أسفر عنها التحليل الإحصائي في عينة مستقلة من المرضى و الأشخاص المعافين، و حققت درجة عالية من التكرار، مما يشير إلى أن هذا النوع من الإرتباطات – الذي يشمل متغيرات وراثية شائعة – يمكن أن يتم الكشف عنه باستخدام أحجام عينة أكبر. 

المتغيرات الوراثية المكتشفة موجودة في جينات ترمز لبعض لمستقبلات الدوبامين – أحد النواقل العصبية في الدماغ، ومن المعروف أن هذه المستقبلات تعد هدفا للأدوية المضادة للذهان المستخدمة لعلاج الفصام. نتائج الدراسة تؤيد الرأي القائل بأن معظم المتغيرات الوراثية المرتبطة بالفصام تظهر تأثيراتها عن طريق تشغيل وإيقاف عمل الجينات وليس من خلال الترميز للبروتينات. في حين أن الاختلاف المشتبه يفسر فقط 3.5 في المائة من خطر الإصابة بمرض انفصام الشخصية،

هذه النتائج قد تسمح باستكشاف إمكانية استخدام هذه البيانات لحساب خطر إصابة الفرد باضطراب الفصام، ما قد يسمح بإجراء تدخلات وقائية. الإشارات الجينية المكتشفة ليست مجرد مواقع اختلاف وراثي عشوائية، لكنها تتلاقى مع مسارات مسؤولة عن العمليات التي ينطوي عليها هذا الاضطراب مثل الاتصالات بين خلايا الدماغ، التعلم والذاكرة، وقنوات الأيون الخلوية، وظائف مناعية، و بعض المستقبلات الرئيسية للأدوية المضادة للذهان.

من بين أقوى الإرتباطات المكتشفة، كما هو الحال في في دراسات الجينوم السابقة، كانت متعلقة بتباين في أنسجة لها وظائف في الجهاز المناعي. على الرغم من أن أهمية هذه العلاقة لمرض الفصام لا تزال لغزا، إلا أن الأدلة من الدراسات الوبائية السابقة قد أشارت منذ وقت طويل إلى دور الجهاز المناعي في مرض انفصام الشخصية.

 

النتائج تؤكد أنه من الممكن تطوير تقييم لخطر الإصابة بالفصام استنادا إلى المتغيرات الوراثية المكتشفة، لكن حتى الآن، هذه المتغيرات ليست حساسة أو دقيقة بما يكفي لاستخدامها سريريا كاختبارات تنبؤية. الجدير بالذكر أن المتغيرات الوراثية المرتبطة بالفصام و التي كشفت عنها الدراسة، قد لا تكون مصدر التغير المسبب لمرض انفصام الشخصية، بل قد تكون إشارات تشير إلى وجود المتغيرات الوراثية المسببة للمرض في منطقة كروموسومية قريبة من المتغير الوراثي المشمول في الدراسة. 


المصدر | البحث

اعداد: مصطفى فتحي