ربما يشرح لنا هذا الاكتشاف الآلية التي تشكلت بها الحياة على الأرض! اكتشف الباحثون بقيادة ناسا نجمًا قريبًا يشبه إلى حد كبير شمسنا عندما كانت صغيرة، ما يثير التساؤل عن كيفية تشكيل الشمس المبكرة الغلاف الجوي للأرض، ووجود الحياة كما نعرفها اليوم.

مع أن هذا يمكنه أن يساعدنا في معرفة ما الذي يجب النظر إليه خلال عملية البحث عن الحياة في الكواكب البعيدة، إلا أن هناك المزيد: من المحتمل أيضًا أن يساعدنا في تحديد الكواكب الناشئة خارج النظام الشمسي، التي قد يستقر بها البشر في النهاية.

النجوم الشبيه بالشمس هي نافذتنا لمعرفة المراحل المبكرة من نظامنا الشمسي

على مدى سنوات طويلة من الحياة، يتمنى الناس أن يقابلوا أنفسهم في عمر أصغر. يمكنك أن تتخيل إعطائهم النصائح لمواجهة التحديات التي سيواجهونها، والكشف لهم عن السمات الجديدة التي ستضهر على شخصياتهم، وإخبارهم كيف سيبدو مستقبلهم.

لقد فعل العلماء الشيء ذاته بالنسبة للشمس، التي يبلغ عمرها 4.65 مليار سنة، وهي بالفعل في منتصف عمرها. تساءل العلماء عن الخصائص التي مكنت شمسنا من إيجاد الحياة على الأرض في مراحلها المبكرة.

لقد بدت دراسة مراحل الشمس المبكرة بهذه الطريقة حلمًا مستحيلًا. لكن مجرة درب التبانة التي تحوي شمسنا كبيرةٌ جدًا، والذراع الحلزوني الذي نعيش فيه يحتوي على أكثر من 100 مليار نجم. وهي كثيرة جدًا لدرجة أن واحدًا من كل عشرة نجوم تتشابه مع شمسنا، وما يزال الكثير منها في مراحلها المبكرة من تطوير أنظمتها الشمسية.

يقول عالم الفيزياء الفلكية فلاديمير إيرابيتيان من قسم الفيزياء الشمسية في مركز غودارد سبيس لرحلات الفضاء التابع لناسا وهو المؤلف الأول للدراسة: «تخيل أنني أريد إعادة إنتاج صورة طفل لشخص بالغ عندما كان عمره عامًا أو عامين، ومُسحت جميع صوره أو فقدها، كنت سأنظر إلى صورته الآن وإلى صورة لأقربائه بعُمر عامين تقريبًا، ومن هنا أعيد تكوين صورته عندما كان طفلًا».

يُعتبر عمر النجم الحالي لتوأم الشمس في نفس عمرها عندما تطورت الحياة على الأرض.

قال إيرابيتيان: «هذه هي العملية التي نتبعها هنا، النظر في خصائص نجم شاب مشابه لشمسنا، لفهم كيف كان شكل الشمس في فترة شبابها، وما الذي سمح لها بتعزيز نشأة الحياة على كوكب الأرض». وأضاف إيرابيتيان في التقرير: «النجم الذي أتابعه هو Kappa 1 Ceti، ولا يبعد عنا سوى 30 سنة ضوئية، وهو قريب إلى حد ما».

يبلغ عمر هذا الجار النجمي ما يقارب 600 إلى 750 مليون سنة، وهو تقريبًا في نفس عمر شمسنا، عندما نشأت الحياة على الأرض أول مرة. حتى أنه قريب من كتلة الشمس ودرجة حرارة سطحها، وفقًا لما قاله منغ جين، المؤلف الثاني للدراسة وهو أيضًا عالم فيزياء شمسية في معهد SETI ومختبر Lockheed Martin للطاقة الشمسية والفيزياء الفلكية في كاليفورنيا.

يقدم لنا Kappa 1 Ceti العوامل أو الظروف الرئيسية التي مرت بها الشمس، وهو توأم مثالي لها عندما بدأ كوكب الأرض في دعم الحياة، كونه الكوكب الثالث في المجموعة الشمسية.

وضع جين وإيرابيتيان مع العديد من الزملاء الآخرين نموذجًا شمسيًا حاليًا لإبراز السلوك المستقبلي لـ Kappa 1 Ceti، إضافةً إلى أكثر الخصائص غير الجيدة فيه. وقد اعتمدوا على البيانات التي جُمعت من عدة بعثات فضائية متفاوتة، مثل قمر ناسا TESS، وتلسكوب هابل الفضائي، ومهمات نيوتن التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، ومهمات NICER.

انطباع انطباع لأحد الفنانين يصور فيه الرياح النجمية تضرب الغلاف المغناطيسي الضغيف للأرض. مصدر الصورة: NASA / GSFC / CIL

يمكن للرياح النجمية أن تحفز الحياة على كواكب شبيهة بالأرض

أقرب أمل للباحثين على المدى القريب، دراسة الطريقة التي تطلق بها النجوم الشبيهة بالشمس مثل Kappa 1 Ceti رياحًا نجمية، وهي موجات هائلة من الغازات فائقة السخونة، تسمى البلازما تنفث في النظام الشمسي.

البلازما هي ما يحدث عندما تنقسم جزيئات الغاز إلى إلكترونات سالبة الشحنة وأيونات موجبة الشحنة. قد تصل المنطقة الأكثر استهلاكًا للطاقة إلى المناطق الخارجية الأكثر سخونة من الغلاف الجوي للنجم. وأوضح جين أنه في انفجار التيارات البلازمية، يمكن أن يقذف تيار البلازما الكواكب القريبة منها، ما يؤثر على بيئاتها كالرياح النجمية.

الرياح النجمية للنجوم الشابة أكثر سخونة وأكثر عدوانية، وقد تؤثر الانفجارات الشديدة بشكل كبير على الكيمياء والغلاف الجوي للكواكب القريبة، ما يحتمل أن يحفز تطوير المواد العضوية التي تجلب الحياة فيها.

ما يزال هذا أوليًا، ولكن، مع مزيد من المعلومات حول النجوم الشبيهة بالشمس ذات الأعمار الأصغر، يستطيع العلماء التنبؤ بدقة أكبر بأنواع أنظمة الكواكب التي يجب أن ننتبه إليها في البحث عن حياة خارج نظامنا الشمسي، إضافةً إلى فهم أفضل لكيفية بداية الحياة داخل هذه الكواكب.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف كوكب فائق السخونة يشبه نبتون يدور حول نجم شبيه بالشمس

ربما التقط لب الأرض الغازات النبيلة من لفحات رياح شمسية ماضية

ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب

تدقيق: باسل حميدي

المصدر