الآيفون الجديد يفتقر إلى مدخل سماعة الأذن التي اعتدنا عليها: فهل سماعات البلوتوث تعتبر بديلًا آمنًا؟


لا يحتوي هاتف أبل الجديد (آيفون 7) الذي طُرح مؤخرًا على مدخل سماعات رأس، ويجب على الناس الذين لا يحبون وضع هواتفهم قرب آذانهم أن يتأقلموا مع سماعات البلوتوث الجديدة.

وهذا ما يثير الأسئلة لدى أولئك الناس الذين يخافون تأثير الإشعاعات: هل يعتبر البلوتوث آمنًا؟

اتضح أنّه لا توجد أيّ أدلة تفيد أنّ البلوتوث يتسبب بأيّ ضرر. إذ يقول جون مولدير (John Moulder)، البروفيسور الفخري وأستاذ الإشعاعات البيولوجية بكلية الطب في جامعة ويسكونسن في ميلووكي: «لا توجد أيّ آليات فيزيائية خاصة بالبلوتوث يمكنها أن تتسبب بضرر لخلايا الجسم».

وقال مولدير لمجلة live science: «إنّ قوة البلوتوث ضعيفة جدًّا لكي تحدث ضررًا لأي شيء حيّ بأيّ آلية ممكنة»، وأضاف: «يجب عليها أن تتبع آليةً لم يسبق لأحد أن عرفها لكي تكون قادرة على إحداث ضرر ما».

ما هو البلوتوث؟

سمّي بالبلوتوث تيمنًا بالملك الدنماركي هارلد بلوتوث الذي وحد الدول الإسكندنافية في العام 900.

والبلوتوث عبارة عن بروتوكول يستخدم الموجات الكهرومغناطيسية للاتصال قصير المدى بين الأجهزة.

وبما أنّه ظهر في العام 1990، فإنّه أصبح اليوم موجودًا في جميع الأجهزة الذكية ليستخدم في الربط بين الأجهزة.

ويقول مولدير: «إنّ من وجهة نظر فيزيائية يعتبر البلوتوث شكلًا شبيهًا بالواي فاي، فترددات البلوتوث شبيهة إلى حد كبير بترددات الواي فاي، ولكنّ البلوتوث أضعف من ناحية القوة فهو يمثل عشرة إلى واحد في المئة من قوة الواي فاي.

عمومًا فإنّه من الممكن أن يُتنبأ بقوة مدى بروتوكولات الاتصالات اللاسلكية مثل البلوتوث والواي فاي».

الخوف من الإشعاعات

إنّ المخاوف من الأشعة الكهرومغناطيسية المرتبطة بالأجهزة الحديثة بأن تكون مسببة للمرض ليست قديمة أبدًا.

إنّ الإنترنت مليء بالمخاوف حول ما إذا كان له تأثير على الجسم أو ما إذا كانت أشعة الهاتف المحمول أو الواي فاي مضرة أم لا، فحتى منظمة الصحة العالمية رصدت حالة يكون فيها الشخص مصابًا بحساسية مفرطة من الحقول الكهرومغناطيسية ( (EMF hypersensitivityويختبر أعراضًا مثل الغثيان أو وجع الرأس أو ما شابه ويعتقد أصحاب هذه الحالة أنّ هذه التأثيرات ناتجة عن الحقول الكهرومغناطيسية.

بل إنّ بعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك وانتقل إلى مناطق نائية من ولاية فرجينيا حيث لا توجد موجات راديو هناك.

يقول مولدير: «إنّه لا توجد أيّ أدلة تثبت أنّ الأعراض التي تسببت بالحساسية المفرطة ناتجة عن الحقول الكهرومغناطيسية»، وعلى الرغم من أنّ الناس الذين هاجروا ابتعادًا عن موجات الواي فاي ظهرت لديهم هذه الأعراض، فإنّ معظم الذين أصيبوا بهذه الحالة لا يقدرون على أن يفرقوا بين الحقول المغناطيسية الحقيقية والزائفة، على سبيل المثال.

أمّا بالنسبة لإشعاعات الهاتف المحمول، ففي دراسة حديثة أجرتها منظمة علوم السموم الوطنية الأمريكية على الجرذان والفئران، ارتبط التعرض لمستويات عالية من إشعاع الهاتف المحمول بخطر ظهور بعض أنواع الأورام، مثل ورم الجهاز العصبي الحميد المعروف بورم شوان، وأورام الدماغ الخبيثة المعروفة بالأورام الدبقية. على كلٍّ، فقد صرح مولدير سابقا لـ live science أنّ الأورام التي وجدت في الفئران التي تعرضت للإشعاعات يمكن أن تكون إلى حد ما صدفة، وليست دلالات ثابتة أو إحصائية.

وقد أجريت دراسات حول الأوبئة مؤخرًا، إذ سئل ملايين الناس عن استخدامهم الهاتف المحمول وحالتهم الصحية، وكانت النتيجة أنّه لم يكن هناك أيّ علاقة واضحة بين السرطانات واستخدام الهاتف المحمول.

مخاوف حول أمن البلوتوث

يقول مولدير: «إنّ مخاوف السلامة حول البلوتوث أقلّ منها بكثير حول الواي فاي».

وأضاف: «في البلوتوث التقليدي على سبيل المثال نربط ساعة اليد ذكية بالهاتف الشخصي أو الكومبيوتر عادة، فقوة الإشعاع الكهرومغناطيسي الخاص بالبلوتوث ضعيف جدًّا والمدى قصير للغاية، فإنّه من غير المحتمل بتاتًا أن يسبب أي ضرر».

ويقول مولدير أيضًا: «الآيفون الجديد الذي صرحت عنه آبل في السابع من أيلول/سبتمبر أخذ البلوتوث إلى مستوى آخر.

لأنّ سماعات الأذن التي ستُستعمل في الآيفون الجديد والتي توضع على الأذنين، ترسل ترددات أقوى من تلك المستخدمة في البلوتوث التقليدي، ولهذا فإنّها تعرض الناس لكمية أكبر من الإشعاع، فهي أكبر من تلك المستخدمة في مقياس الحرارة الذكي أو متتبع اللياقة الشخصي.

ولكنّه أضاف: «ومع ذلك فإنّه لا توجد آلية بيولوجية بإمكانها أن تسبب ضررًا للجسم».

قال البروفيسور مولدير: «إنّ هناك دراسات قليلة ركزت على أمن البلوتوث، لأنّ الآلية الفيزيائية وراء البلوتوث هي نفسها التي وراء الواي فاي، ولذلك فإنّه لم يتعرض الناس إلى نطاق واسع من هذه الإشعاعات إلى الآن».

على كلًّ، فإنّ تلك الدراسات القليلة أثبتت أنّ هذه التكنولوجيا آمنة كليًّا.

على سبيل المثال، في دراسة أجريت في العام 2014 في مجلة Laryngoscope وجدت أنّه على خلاف إشعاعات الهاتف المحمول فإنّ البلوتوث لم يؤثر في العصب السمعي لدى الإنسان.

ويذكر مولدير أنّ هناك مخاطر بطبيعة الحال بجانب الهواتف التي لا تحمل إشعاعات على الإطلاق.

على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أنّ التحدث في سماعات البلوتوث أقل أمانًا للسائقين بجانب أولئك الذين لا يتحدثون على الهاتف إطلاقا، وهذا لأنّ تركيز السائق سيقل على الطريق بسبب الذي يتحدث معه. وأضاف أيضًا أنّ الأشخاص الذين يرفعون صوت الموسيقى إلى درجة جنونية -سواء كانوا يرتدون سماعات بلوتوث أم لا- سوف يؤذون سمعهم بشكل كبير.

وأنّ كثرة المحادثة النصية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الإبهام أيضًا وتؤدي إلى متلازمة النفق الرسغي.


المترجم: حسن كوسا
تدقيق: عبدالسلام الطائي
المصدر