الإصابة بكسر في العظام في مرحلة الطفولة ليست حدثًا عابرًا، إذ قد تُنبئ بخطر الإصابة بكسور أخرى، وهشاشة العظام مستقبلًا.

يزيد التعرض لكسر في وقت مبكر خطر الإصابة بكسور في المستقبل. لكن الدراسات الحالية المُحددة لمخاطر الإصابة بهشاشة العظام تتجاهل كسور مرحلة الطفولة بوصفها أحد أهم هذه المخاطر.

بالبحث في تاريخ تعرض مجموعة من الأشخاص اليافعين لكسور سابقة، جزءًا من دراسة «دنيدن»، وهي مشروع شامل طويل الأمد استمر خمسة عقود. وجدنا أن الأشخاص الذين أُصيبوا بكسر في العظم أكثر من مرة في طفولتهم، يكون احتمال إصابتهم بكسور عند البلوغ أكثر من ضعفي الأشخاص الذين لم يتعرضوا لكسور مماثلة.

عند النساء، ارتبط ذلك بانخفاض كثافة عظم الورك في سن الخامسة والأربعين.

شملت الدراسة أشخاصًا يافعين، ومع أنه ما زال من المبكر دراسة مخاطر إصابتهم بالكسور وهشاشة العظام، فإننا إذا تمكنا من تغيير نمط حياتهم لتحسين كثافة العظم في وقت مبكر من الحياة، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي كبير في صحة العظام مستقبلًا.

تتنبأ كسور العظام في الصغر بخطر الإصابة بهشاشة العظام:

يُصاب واحد من كل طفلين بكسر في العظام في أثناء الطفولة، ويعاني نحو ربع الصبية و15% من الفتيات كسورًا عديدة. حتى الآن لا نفهم تمامًا سبب إصابة بعض الأطفال بكسور متكررة، أو ما إذا كان هذا ينبئ بصحة عظامهم في الكبر.

لكسور العظام لدى الأطفال عدة أسباب:

أظهرت الأبحاث السابقة أن الأطفال الذين يصابون بالكسور يعيشون غالبًا في أسر فقيرة، ويبذلون مجهودًا بدنيًا كبير، أو يعانون زيادة الوزن -مؤشر كتلة الجسم لديهم مرتفع- ويعانون نقص فيتامين د، ونقص الكالسيوم، وربما تعرضوا للأذى الجسدي.

الأطفال الذين يصابون بالكسور باستمرار قد يكون لديهم هياكل عظمية هشة، وهم أكثر عرضة للحوادث، إذ قد تنكسر إحدى عظامهم في أثناء ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني.

السؤال المهم: هل الأطفال الذين يتعرضون لكسور في صغرهم يعانون ضعفًا مؤقتًا في العظام يقتصر على طور النمو، أم أن هذا الضعف سيستمر في مرحلة البلوغ؟

تابعت دراسة دنيدن تطور ألف طفل وُلدوا بين أبريل 1972 ومارس 1973.

قُيّم المشاركون في الدراسة كل بضع سنوات، بعد إصابتهم بكسور في طفولتهم، مع التركيز على الأسباب، مثل انخراطهم في سلوكيات خطيرة، وممارسة الرياضة، وتعرضهم لأذى جسدي، وسوء التغذية.

شاركوا أيضًا في مقابلات شخصية للاستفسار عن الإصابات، متضمنةً الكسور في مرحلة الطفولة. وبذلك تُمكن مقارنة التاريخ الطبي للكسور التي حدثت لهم في مرحلة البلوغ بتلك التي حدثت في الطفولة.

لمّا كانت الدراسة تجمع معلومات شاملة حول العوامل التي قد تفسر إصابة بعض الأطفال بكسور متكررة، فإنه يمكننا تضمين تاريخ الإصابات المرافقة في تحليلاتنا.

عند الإناث، ارتبطت كسور الطفولة بانخفاض كثافة عظام الورك في وقت لاحق من الحياة، لكن لم يظهر هذا الارتباط لدى الذكور.

سعت دراسات أخرى لمعرفة: هل الأطفال الذين أصيبوا بكسر واحد في أثناء الطفولة يعانون هشاشةً في العظام في مرحلة البلوغ؟

تُظهر دراستنا زيادة خطر الإصابة بكسور في مرحلة البلوغ -لدى الذكور والإناث- عند من تعرضوا لكسور متكررة في مرحلة الطفولة.

لكن لم تتوصل الدراسة لسبب محدد يفسر تكرر الإصابة بالكسور. إذ لم يرتبط الخطر بعوامل أو سلوكيات محددة، مثل الانخراط في سلوكيات خطرة، أو التركيبة السكانية، أو السمنة، أو الإساءة للأطفال، أو ممارسة الرياضة.

ما أهمية دراسة هذا الموضوع؟

مع أننا لا نعرف الآليات الدقيقة للإصابة بكسور متكررة، يمكن استخدام نتائج هذه الدراسة لرفع مستوى الوعي عند الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.

يجب إرشاد آباء الأطفال الذين يتعرضون للكسور باستمرار في مرحلة الطفولة لضرورة اتباع طرق مختلفة للوقاية من هشاشة العظام المستمرة مع التقدم في العمر.

تغيير نمط الحياة من التدخلات المفيدة التي يمكن البدء بها مبكرًا واستمرارها مدى الحياة. مثل ممارسة التمارين الرياضية، وتناول الكالسيوم وفيتامين د، وتناول البروتينات ومنتجات الألبان.

تؤثر هشاشة العظام في البالغين بعد منتصف العمر. نأمل مواصلة دراسة العلاقة بين كسور الطفولة وصحة عظام البالغين لدى هذه الفئة من الأشخاص مع تقدمهم في العمر، لمعرفة هل تستمر هذه الروابط بعد انقطاع الطمث لدى النساء؟ وهل يستمر خطرها طوال العمر لدى الرجال؟

اقرأ أيضًا:

لماذا يصعب التئام الكسور عند المصابين بمتلازمة داون؟

لماذا يعد الخضريون أكثر عرضة للإصابة بالكسور العظمية؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر