حجز المريخ مساحةً واسعة في مخيلة البشر منذ اكتشافه عام 1610.

في القرن التاسع عشر، أثار جيوفاني فيرجينيو شياباريللي، مدير مرصد بريرا في ميلان، فوضى عارمة بعد إعلانه اكتشاف سلسلة من القنوات التي بنتها حضارة ذكية غير مكتشفة وفق ادعائه.

لم يكن لتلك القنوات أي وجود في الواقع، وقد تخيلها كاتب الخيال العلمي الشهير إتش جي ويلز وطنًا لعرق فضائي مصمم على احتلال الأرض.

الآن، يرى البشر المريخ وجهة سياحية محتملة أخرى أو حتى وطنًا، ورغم شهرة المريخ الكبيرة، لا تحظى أقماره بالكثير من الاهتمام؛ لذا سنتحدث هنا عن أهم النقاط المتعلقة بها.

كم قمرًا للمريخ؟

للمريخ قمران: فوبوس الأكبر والأقرب إلى المريخ، وديموس الأصغر والأبعد، إن هذين القمرين من أصغر أقمار المجموعة الشمسية ولعل هذا هو السبب في عدم جذبهما كثيرًا من الانتباه، فأبعاد فوبوس (27-22.5-17.5) كيلومترًا، وديموس قمر ضئيل بأبعاد تبلغ (14.5-11.3-11) كيلومترًا.

ما خصائص كل من الأقمار المريخية فوبوس وديموس؟

يتكون القمران مما تسميه ناسا صخورًا من النمط سي، التي تشبه كويكبات الكوندريت الكربوني الأسود، يدور القمران الصغيران حول المريخ على نحو ثابت.
إذ يدور فوبوس حول المريخ ثلاث مرات في اليوم، بينما يتم ديموس دورته كل ثلاثين ساعة.

لا يتوافق أي من القمرين مع النموذج الكروي التقليدي للأجرام الكوكبية، فشكلهما غير منتظم ويشَبّهان غالبًا بحبات البطاطس.

لقد صدمت الكويكبات سطحي القمرين مرارًا فأصبح سطحاهما مكسوين بفوهات الاصطدام.

يُشك في أن هذين القمرين كانا كويكبين سابقين في الحزام الكوكبي المجاور ثم سطت عليهما جاذبية المريخ، إذ لا يملك أي منهما جاذبية كافية للحفاظ على توابع خاصة به.

هل لأقمار المريخ أي سمات مميزة؟

ينطبق هذا على أحدهما فقط، إذ تحتل فوهة ستيكني، أكبر فوهات فوبوس، حيزًا واسعًا من سطحه بقطرها البالغ نحو تسعة كيلومترات.

الفوهة المذكورة كبيرة بما فيه الكفاية لتُرى بالعين المجردة من سطح المريخ، وهي مرقطة بمجموعة من الفوهات الأصغر بداخلها.

إن القصة وراء تسمية هذه الفوهة الغائرة مذهلة. اكتشف الفلكي الأمريكي أساف هول فوبوس وديموس عام 1877. تعود التخمينات المتعلقة بأقمار المريخ إلى عهد غاليليو، وهناك ذكر تخيلي لها في كتاب جوناثان سويفت (رحلات غوليفر).

كان هول في ذلك الحين يعمل على افتراض يقول: بما أن عطارد والزهرة لا يملكان أقمارًا والأرض تملك قمرًا واحدًا والمشتري أربعةً، فمن المنطقي أن يملك كوكب واقع بينها قمرين.

أُصيب هول بالإحباط في أثناء بحثه إذ أعاقه الطقس عن إيجاد القمرين بعد اقترابه من ذلك، لكن زوجته عالمة الرياضيات أنجلين هول، شجعته بشدة لاستكمال بحثه.

اكتشف هول ديموس في 12 أغسطس 1877 واكتشف فوبوس بعد أقل من أسبوع على ذلك، كتب هول أنه لربما كان سيتخلى عن البحث عن الأقمار المريخية لولا تشجيع زوجته.

لم يُنسب لأنجلين الفضل الذي استحقته في أثناء حياتها، شأنها شأن العديد من النساء المساهمات في العلم، ورفض زوجها إعطاءها أجرًا يعادل أجر رجل عندما طالبته بتعويض عن عملها في مساعدته، يا له من فعل وضيع.

لكن الاكتشافات الفضائية تدوم أكثر من مكتشفيها أنفسهم؛ فبالمضي قدمًا إلى عام 1973، عندما اكتشفت مركبة مارينر 9 التابعة لناسا فوهة ضخمة على فوبوس، عرض كارل سيغان المدرك لقصة عدم المساواة بين هولز وزوجته، إجراء تصحيح تاريخي بسيط واقترح تسمية الفوهة ستيكني، تيمنًا باسم عائلة أنجيلين قبل الزواج.

ماذا يخبئ المستقبل لفوبوس ووديموس؟

لسوء الحظ، لا يحمل المستقبل لهما خيرًا، إذ يقترب فوبوس من المريخ ببطء على نحو مؤكد، بسرعة تقدرها ناسا بمتر وثمانين سنتيمتر كل مئة سنة.

يتوقع الباحثون أنه بهذا المعدل إما سيصطدم بالمريخ بعد 50 مليون سنة أو يتحطم مشكلًا حلقة حوله.

سيتوجب على البشر التعامل مع ذلك إن كانوا يعيشون على المريخ بحلول ذلك الوقت.

كان هنالك العديد من اقتراحات المهمات التي تركز على أقمار المريخ على مدار السنين.
اقترح العديد من العلماء والمهندسين إمكانية التنقيب عن موارد القمرين أو استخدامهما نقطة توقف على الطريق إلى المريخ.

تطور وكالة الفضاء اليابانية (JAXA) مهمة إلى فوبوس وديموس. سترسل مهمة استكشاف الأقمار المريخية (MMX) مسبارًا ليدور حول القمرين ويرصدهما قبل أخذ عينة وإعادتها إلى الأرض.

قد يصبح هذان القمران محطة لنا بينما نشق طريقنا عبر المجموعة الشمسية إلى أن يأتي اليوم الذي يُدمران فيه.

اقرأ أيضًا:

التلوث البشري وصل إلى سطح المريخ، وجوال برسفيرنس روفر يرصده

كيف يمتلك كوكب المريخ شفقًا دون حقل مغناطيسي؟

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: نغم رابي

المصدر