هل كوننا واحد من عدد لا يحصى من الأكوان؟ وهل جميعها معًا في كون متعدد شامل؟ إذا كان هناك أكوان أخرى، كيف سيبدو شكلها؟ هل تُعد صالحة للسكن؟ قد تبدو تكهنات، لكنها ليست بالجنون الذي قد نظن. حاول عالم الفيزياء جيرانت لويس وزملاؤه اكتشاف كيف تبدو هذه الأكوان المتعددة المتجاورة والافتراضية، وما تستطيع أن تخبرنا به عن الظروف التي تجعل الحياة ممكنة فيها، وكيف تنشأ.

ماذا لو وُجدت أكوان أخرى حقًا؟

يؤكد بعض علماء الفيزياء أن الانفجار العظيم والتضخم الكوني يجعل تشكّل الأكوان المتعددة أمرًا مؤكدًا، وكوننا واحد من هذه الأكوان.

وفقًا لهذه النظرية، نتج عن هذا التضخم الهائل أكوان جديدة، ولكل كون مزيج فريد من القوانين الفيزيائية.

نستطيع التعامل مع هذه الأكوان إذا كانت القوانين الفيزيائية التي تحكمها مشابهة لقوانين كوننا، على الأقل من الناحية النظرية.

في كوننا، تخضع الفيزياء لقواعد معينة، تبيّن لنا كيف تتفاعل المواد مع بعضها بعضًا، وثوابت الطبيعة مثل سرعة الضوء التي تُعد أساسية ومهمة في هذه التفاعلات.

لذا، نستطيع تخيل خصائص هذه الأكوان الافتراضية ونتوصل إلى النتائج باستخدام المعادلات الرياضية.

ما الاحتياجات الحياتية؟

طُرح هذا السؤال مؤخرًا في سلسلة من الدراسات، لمعرفة مدى قابلية السكن في الأكوان المتعددة.

بالتأكيد، القابلية للسكن هو مفهوم معقد، لكننا نظن أن الحياة في البداية تتطلب بعض المكونات الأساسية، والتعقيد هو أحد هذه المكونات.

يأتي هذا التعقيد بالنسبة للحياة على الأرض من عناصر الجدول الدوري، التي يمكن مزجها وترتيبها في عدد لا يحصى من الجزيئات.

البيئة المستقرة والتدفق المستمر للطاقة ضروريان أيضًا.

ليس غريبًا أن تبدأ الحياة على سطح كوكب صخري وهو الأرض، مع وفرة من العناصر الكيميائية الموجودة في طاقة نجم مستقر طويل العمر (الشمس).

التغيير والتبديل في القوى الأساسية.

هل توجد بيئات مماثلة عبر مدى الأكوان المتعددة؟

بدأ الاستكشاف النظري بالنظر إلى وفرة العناصر الكيميائية.

في كوننا، تنشأ جميع العناصر عبر النجوم، على عكس الهيدروجين والهيليوم البدائيين، اللذين تشكّلا في الانفجار العظيم.

تتولد هذه العناصر، إما من التفاعلات النووية في النوى النجمية، وإما عندما يمزق نجم ضخم نفسه في نهاية حياته (المستعر الأعظم).

تخضع هذه العمليات كلها للقوى الأساسية الأربعة في الكون.

أولها الجاذبية، إذ تضغط الجاذبية على اللب النجمي، ما يسبب ارتفاعًا كبيرًا جدًا لدرجات الحرارة والكثافة.

ثانيها الكهرومغناطيسية، إذ تجبر الكهرومغناطيسية النوى الذرية على التباعد، ولكن إذا استطاعت الاقتراب بدرجة كافية، فقد تربطها القوة النووية القوية -القوة الأساسية الثالثة في الكون- بعنصر جديد.

وأخيرًا القوة النووية الضعيفة، التي تستطيع تحويل البروتون إلى نيوترون، إذ تؤدي دورًا مهمًا في اشتعال النجم.

تؤدي أيضًا كتل الجسيمات مثل الإلكترونات والكواركات دورًا محوريًا.

لذا، لاستكشاف هذه الأكوان المتعددة الافتراضية، يوجد أوجه كثيرة نستطيع تعديلها.

توازن الكربون والأكسجين

لمعالجة التعقيد الهائل لهذه المشكلة، قُسمت أجزاء الفيزياء المختلفة إلى أجزاء نستطيع التحكم فيها: النجوم والأغلفة الجوية، والكواكب والصفائح التكتونية، وأصول الحياة، إلخ.

ثم جُمعت هذه الأجزاء معًا للبحث حول قابلية السكن في الأكوان المتعددة.

الصورة معقدة، إذ قد تؤثر بعض العوامل بقوة في قابلية السكن.

مثلًا، نسبة الكربون إلى الأكسجين، وهو شيء تحدده سلسلة معينة من التفاعلات النووية في قلب النجم.

يوجد كميات متساوية تقريبًا من العنصرين، ما ينتج بيئات من الصعب جدًا أن تظهر فيها الحياة وتزدهر، وإن وفرة العناصر الأخرى تبدو أقل أهمية، ما دامت مستقرة وتعتمد على توازن القوى الأساسية.

اتُّبع نهج واسع النطاق لكشف قابلية السكن عبر الأكوان المتعددة، وأُخذت عينات من مساحة الاحتمالات في خطوات منفصلة جدًا.

إضافة إلى ذلك، اتُبعت عديد من الاختصارات النظرية والتقديرات لفهم المشكلة، وركزت الدراسة في المرحلة الأولى فقط على فهم ظروف الحياة عبر الكون المتعدد.

في الخطوات التالية، يجب النظر في تعقيد الفيزياء البديلة في الأكوان الأخرى، ويجب فهم تأثير القوى الأساسية في النطاق الصغير، وتتبعها على نطاق واسع من ناحية تكوين النجوم وفي النهاية الكواكب.

نهاية، لا تزال فكرة الأكوان المتعددة مجرد فرضية لم تُختبر بعد.

في الحقيقة، لا يُعرف حتى الآن ما إذا كان اختبارها ممكنًا، ولا يُعرف ما إذا كانت القوانين الفيزيائية قد تكون مختلفة عبر الأكوان المتعددة، وإذا كانت كذلك، فما مدى اختلافها.

قد تكون بداية رحلة ستكشف عن مكانة البشرية النهائية في اللانهاية، أو ربما الاتجاه نحو طريق مسدود علميًا.

اقرأ أيضًا:

باحثون يعلنون عن الخريطة الكونية الأكثر دقة في تاريخ الكون!

ما أقدم نجم في الكون؟ وما الأحدث؟

ترجمة: روان علي

تدقيق: دوري شديد

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر