قد يصيب الإرهاق العقلي (النفسي) أي شخص يتعرض لتوتر لفترة طويلة، ويمكن أن يجعلك تشعر أنك غارق ومستنفد عاطفيًا ويجعل من مسؤولياتك ومشاكلك أمرًا يستحيل التغلب عليه. يمكن لمشاعر الانعزال واللامبالاة أن تنعكس على حياتك مسببةً دمارًا كبيرًا في جميع نواحيها وبشقيها المهني والشخصي. فقد تشعر أنك عالق في وضعك الحالي ولا يمكنك فعل شيء حيال ذلك، ولكنك تستطيع التغلب على الإرهاق العقلي بالاستعانة ببعض المساعدة.

أعراض الإرهاق العقلي:

يولد الإرهاق العقلي أعراضًا جسديةً بالإضافة لأعراض نفسية. وقد يؤثر على سلوكك، وهذا ما يلاحظه الآخرون قبل أن تلاحظه أنت.

تتنوع أعراض الإرهاق العقلي من شخص إلى آخر، وغالبًا ما تبدأ بالظهور تدريجيًا، مفاجئةً إياك خلال فترات التوتر الشديد. إذا استمر التوتر بالتراكم عليك فقد تصل إلى نقطة تشعر فيها كأنك في ثقب أسود ولا ترى أي مخرج منه. يصف عديد من الأشخاص هذه الحالة بكلمة (الاحتراق)، علمًا بأنه ليس مصطلحًا طبيًا متعارفًا عليه. وحتى إن لم تختبر الشعور بهذه المؤشرات والأعراض جميعها فمن المهم أن تميز أن هذه مؤشرات يمكن أن تنبئك أنك تسير في الطريق إلى الإرهاق النفسي أو الاحتراق.

علامات نفسية:

قد تضم أعراض الإرهاق النفسي:

  • الاكتئاب.
  • القلق.
  • الارتياب أو التشاؤم.
  • اللامبالاة.
  • الانعزال.
  • الغضب.
  • فقدان الأمل.
  • الشعور بالرُّهاب.
  • نقص الحافز.
  • تعرقل في الإنتاجية.
  • صعوبة التركيز.

علامات جسدية:

  • الصداع.
  • ألم المعدة.
  • ألم في الجسد.
  • إرهاق مزمن.
  • تغيّر في الشهية.
  • الأرق.
  • فقدان أو اكتساب وزن.
  • ازدياد الإصابة بالأمراض مثل الرشح والانفلونزا.

الإرهاق النفسي: الأسباب والوقاية والعلاج - ازدياد الإصابة بالأمراض مثل الرشح والانفلونزا - الإرهاق العقلي - التوتر مقابل الإرهاق الفكري

علامات سلوكية:

قد يجعلك الإرهاق العقلي (الفكري) تتصرف بطرق خارجة عن نطاق شخصيتك. وقد تشمل العلامات السلوكية:

  • أداء سيئًا في العمل.
  • انسحابًا اجتماعيًا أو انعزالًا.
  • عدم القدرة على الحفاظ على الارتباطات الشخصية أو المهنية.
  • كثرة الاتصال بالعمل أو المدرسة للاعتذار بسبب المرض.

التوتر مقابل الإرهاق الفكري:

التوتر أمر يختبره الجميع بين الفينة والأخرى، فهو استجابة جسدك الطبيعية تجاه الظروف الإيجابية والسلبية الجديدة أو المثيرة للحماس أو المخيفة. تسبب هذه الاستجابة الحيوية دفقًا في هرمونات التوتر المتمثلة بهرموني الأدرينالين والكورتيزول. تساعدنا هذه الزيادة في الهرمونات على التصرف بسرعة مع التهديدات الملموسة والأوضاع التي تترافق مع ضغط شديد وتتطلب سرعة في التفكير. ويُفترض لجسدك أن يعود إلى طبيعته عند زوال العامل المسبب للتوتر.

عادةً ما يكون الإرهاق الفكري نتيجةً لتوتر طويل الأمد. عندما تتعامل مع ما يثير استجابةً للتوتر في جسدك بشكل مستمر تبقى مستويات الكورتيزول لديك مرتفعةً. وتبدأ في نهاية المطاف بالتضارب مع وظائف الجسم الطبيعية كالهضم والنوم وعمل الجهاز المناعي.

الإرهاق النفسي مقابل الإرهاق الجسدي:

الإرهاق الجسدي هو حالة متقدمة من التعب غير المحتمل، تتركك مستنفدًا جسديًا، وهي أحد الأعراض الجانبية المترافقة مع الإرهاق النفسي.

أشارت مراجعة عام 2017 شملت إحدى عشرة دراسةً إلى أن الإرهاق النفسي يضعف الأداء الجسدي، وقد يجعل تمرينًا أو مهمةً ما تبدو أكثر صعوبةً وتطلبًا من الناحية الفيزيائية مما هي عليه حقًّا.

ما يسببه الإرهاق النفسي:

يُستخدم المصطلحان (الإرهاق النفسي) و(الاحتراق) للإشارة إلى الإنهاك أو يتعلقان بالتعرض للتوتر في مكان العمل، ولكن قد يكون الإرهاق النفسي نتيجةً لفترة طويلة من التوتر المستمر ضمن أي جانب في حياتك.

لا تتطابق الأمور التي تثير الإرهاق النفسي عند الجميع، لكن بعضها أكثر شيوعًا من بعضها الآخر.

تتضمن الأسباب الشائعة للإرهاق النفسي:

  • المهن عالية الضغط مثل مستجيبي الطوارئ والمدرسين.
  • العمل لساعات طويلة.
  • الضغط المادي والفقر.
  • عدم الرضا بالعمل.
  • أن تكون مسؤولًا عن رعاية شخص مريض أو مسن من أحبائك.
  • التعايش مع مرض مزمن.
  • وفاة أحد الأحبة.
  • إنجاب طفل.
  • اختلال التوازن بين العمل وحياتك.
  • نقص الدعم الاجتماعي.

التعامل والتأقلم مع الإرهاق النفسي:

يمكنك إحداث بعض التعديلات في أسلوب حياتك واعتماد بعض التقنيات في المنزل والتي قد تساعدك على التأقلم مع التوتر وتخفيف أعراض الإرهاق النفسي.

قُم بإزالة العامل المُوتِّر:

لا يمكنك دائمًا أن تستقصي مصدر توترك ولكنها الوسيلة الأفضل في التعامل مع التوتر. حاول أن تطلب المساعدة في مهماتك أو تمرير بعض مسؤولياتك للآخرين عندما تشعر أنك غارق فيها سواءً في العمل أو المنزل. يشكل طلب العون من الخدمات المحترفة سبيلًا آخر لتخفيف العبء عنك، كالرعاية المؤقتة أو عامل يقدم الرعاية والدعم الشخصي عندما تُلازم أحدًا من أحبتك. يمكنك أيضًا أن تستعين بمصادر خارجية في مسؤوليات أخرى كمجالسة الأطفال والتنظيف وإدارة المهام.

خذ استراحة:

إن وقت الراحة وإعادة شحن القوى جزء مهم من التعامل مع الإرهاق العقلي. قد يعني هذا أخذ عطلة ممددة أو تفريغ جدول مواعيدك لبعض الأيام أو حتى تخصيص بعض الوقت لنفسك بشكل يومي. يمكن لذهابك للمشي خلال استراحة الغداء أو مشاهدة فيلم مع صديقك مرة في الأسبوع أن يحققا العجائب على صعيد مستويات التوتر لديك.

تمرّن:

ليس من السهل إيجاد حافز للتدريب حتى في يوم جيد، ولكن للتمرين عديد من الفوائد المثبتة على صعيد صحتك النفسية والجسدية. ليس عليك الانخراط في تمرين معقد أو نشاط مرتفع الشدة كي تحصل على هذه الفوائد، فإن تمرينًا معتدل الشدة كالمشي بسرعة هو أمر كاف. وجدت دراسة مقطعية أجريت عام ألفين وعشرة ضمَّت خمسمئة وثلاثةً وثلاثين من ضباط شرطة سويسريين وعاملي خدمة استجابة الطوارئ أن التمرين مرتبط بتحسن الحالة الصحية وبالحماية من المشاكل الصحية المتعلقة بالتوتر. وقد شعر المشاركون في الدراسة أنهم على استعداد أفضل للتعامل مع التوتر المزمن. بينت النتائج أن التمرين المتوسط أكثر ملائمةً من التمرين القاسي للتقليل من التوتر.

تتضمن فوائد أخرى مثبتة للتمرين: خفض مستويات التوتر، وتخفيف القلق، وتحسين المزاج، وتقوية جهاز المناعة.

تقنيات الاسترخاء:

لُوحظ أثر وسائل الاسترخاء في تقليل التوتر والقلق بشكل علمي. بينت دراسة أُجريت عام ألفين وثلاثة عشر وضمت ثلاثين طالبًا في الطب في مدينة بانكوك أن التأمل يخفض مستويات الكولسترول في الدم، ما يقلل خطر الأمراض المتعلقة بالتوتر.

تتضمن أمثلة عن تقنيات الاسترخاء اليوغا، وتاي شي، والتنفس بعمق، والتلقيم الراجع الحيوي، والتدليك، والمعالجة بالزيوت العطرية، والمعالجة بالاسترخاء العضلي التراتبي.

احظ بالمزيد من النوم:

النوم ضروري لسلامة عاطفتك. اهدف لنيل الساعات الثمانية من النوم كل ليلة. عدم قضاء وقت طويل في الفراش خلال اليوم هو من أفضل الطرق لتأمين ليلة نوم هانئة، وهو أمر قد يسهم في التسبب بالإرهاق النفسي. طوِّر روتينًا لوقت النوم والتزم به، مثل قضاء بعض دقائق في القراءة الخفيفة في نفس الوقت كل ليلة قبل الخلود إلى الفراش.

احتفظ بمذكرة امتنان:

قد تلتهمك الأفكار والمشاعر السلبية عندما تكون مرهقًا نفسيًا. قد يساعدك إبقاء مذكرة لكتابة الأمور التي تجعلك ممتنًا كل يوم في التركيز على الجانب المشرق من حياتك. بينت مجموعة مكونة من ثلاث دراسات عام ألفين وسبعة عشر أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان وتمارينه يتمتعون بعافية أفضل، وأعراض مرض جسدية أقل، وتوتر مخفف، وسعادة، ورضًا أكبر بالعلاقات، ونوم جيد، وصحة جسدية أفضل.

العلاج الطبي:

من المهم البحث عن علاج احترافي للإرهاق النفسي. يمكن لاختصاصي صحة عقلية كالمعالج أن يوفر لك الأدوات التي تحتاجها للتأقلم مع التوتر والعمل خلال هذه الفترة العصيبة.

تحدث للطبيب عن أعراضك. فقد يقدم لك طبيبك الأدوية لتساعد على تدبر أعراضك بينما تتعامل مع الإرهاق النفسي بالإضافة لتقنيات أخرى للعلاج.

يمكن استخدام الأدوية مثل مضادات الاكتئاب ومضادات التوتر وأدوية تساعد على النوم لمعالجة الإرهاق النفسي.

ختامًا:

يمكن علاج الإرهاق النفسي. فهناك العديد من المصادر المتوفرة لتخفيف أعراضك والتعامل مع توترك. تحدث مع طبيب مختص بالصحة النفسية عن أساليب للتحكم بتوترك واسترجع نفسك الحقيقية مجددًا.

اقرأ أيضًا:

سايكولوجيا السادومازوخية

مفتاح مكافحة التطرف هو معالجة جذوره الاجتماعية

ترجمة: علي علوش

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر