وجد فريق من علماء النفس في دراسة جديدة، أننا نحكم على أغنية إن كانت ستعجبنا أو لا بعد الاستماع لخمس ثوانٍ منها فقط! خلصت نتائج الدراسة إلى أن إدراكنا لأجزاء من عمل فني يعكس نموذجًا للعمل بأكمله، مقدمةً بذلك رؤى جديدة في ميدان المعالجة المعرفية.

يقول باسكال واليش مؤلف الدراسة الرئيسي، والأستاذ في مركز علوم البيانات من جامعة نيويورك: «عند الاستماع إلى أي أغنية تتغير الخصائص الصوتية بصورة لافتة، لكن هذا لا يشكل أهميةً لدى المستمع، فنحن بوسعنا تحديد إن كانت الأغنية ستعجبنا أو لا في غضون خمس ثوان فقط».

تهدف منصات صناعة الموسيقى مثل آي تونز وأمازون وباندورا إلى التأثير في خيارات المستهلكين الشرائية باستخدام مقاطع من الأغاني.

لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه المقتطفات كافية للمستمعين لتحديد إن كانوا سيحبون اللحن أو لا، وتحديد أجزاء الأغنية التي تمتلك التأثير الأكبر.

اعتمدت الدراسات السابقة في منهجيتها على اقتطاع مقتطفات قصيرة، لكن من غير المؤكد إن كانت ردود فعل المستمعين تجاه هذه المقتطفات ستكون مشابهةً لاستجابتهم عند سماعهم الأغنية بأكملها.

للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى فريق بحثي تجربة شملت عينة متنوعة تضمنت 650 طالبًا جامعيًا، وأشخاصًا مقيمين في مدينة نيويورك.

استمع المشاركون في التجربة إلى أكثر من 250 أغنية كاملة، إضافةً إلى مقتطفات من هذه الأغاني مدتها 5 أو 10 أو 15 ثانية.

حرص الفريق على التنويع في المقاطع المقتطفة من الأغاني، إذ تنوعت المقتطفات بين مقدمة الأغاني والخاتمة والمتن واللازمة.

اختار الباحثون في التجربة مجموعة من الأغاني الرائجة في قوائم بيلبورد الموسيقية من سبعينات القرن الماضي حتى تاريخ الدراسة.

إذ تضمنت الأغاني مجموعة واسعة من الأنواع الموسيقية مثل الموسيقى الكلاسيكية والإلكترونية والريفية والجاز والهيب هوب والروك والريذم أند بلوز والسول.

طُلب من المشاركين في التجربة تقييم مدى إعجابهم بأغنية أو مقتطف معين، باختيار أحد الخيارات الآتية: (لا أطيقها- أكرهها بشدة- أكرهها قليلًا- لا أبالي- تعجبني قليلًا- تعجبني كثيرًا- أعشقها).

قيّم الفريق أيضًا معرفة المشاركين بالأغنية بسؤالهم: كم مرة سمعتها من قبل؟ تضمنت خيارات الإجابة: (أبدًا- مرةً واحدة- أكثر من مرة- مرات عديدة- كثيرًا جدًا).

عمومًا، تبين أن تفضيل الناس للأغاني لم يختلف سواءً استمعوا للأغنية كاملة أو لمقتطف منها، ما يوحي بأن تقييم الإعجاب بمقطع من الأغنية، ينبئ بمدى تفضيل الأغنية بأكملها.

من الجدير بالذكر أن طول المقتطف لم يحدث فرقًا في تقييمات المستمعين.

لقد نظر الباحثون في احتمال أن يكون ترتيب الاستماع إلى الأغنية قد أثر في النتائج؛ أي هل يوجد ارتباط بين الاستماع للأغنية كاملة قبل سماع مقتطف منها، وبين زيادة تفضيلها؟

يشير هذا الاحتمال إلى أن سماع الأغنية كاملة يؤثر في تقييم المقتطف لاحقًا.

فعلًا، فقد كانت تقييمات المستمعين للمقتطفات التي تلت سماع الأغنية كاملةً، أعلى من تقييم المقتطفات التي سبقتها.

مع ذلك رأى المؤلفون أن العلاقة بين تفضيل المقتطف وتفضيل الأغنية الكاملة قوية جدًا، حتى عندما عُرض المقتطف قبل النسخة الكاملة.

أضاف الباحثون أيضًا أن تعرّف المشاركين على الأغاني قد يؤثر في تفضيلاتهم، لكنهم لاحظوا أن المشاركين تعرفوا على نحو 20% من الأغاني تقريبًا.

خلصوا إلى أن المقاطع التي لم يتعرف المشاركون عليها، والتي قُدّمت قبل الأغنية الكاملة، كانت أقل تنبؤًا بتقييم مدى التفضيل، لكنها مع ذلك تمتلك قيمة تنبؤية أعلى بكثير مما نتوقعه من العينة العشوائية.

اختتم المؤلفون: «قد يكون لهذه النتائج تأثيرات واسعة النطاق في فهمنا لخصائص الأغاني القادرة على إثارة مشاعر محددة لدى المستمعين. إن مقتطفًا صغيرًا من الأغنية يكفي لإعلامنا إن كنا نحبها أو نكرهها، ويوحي ذلك بأننا نستجيب أكثر إلى الشعور العام الذي تثيره الأغنية، عوضًا عن القطع الموسيقية بحد ذاتها».

اقرأ أيضًا:

كيف تؤثر الموسيقى في دماغك؟

العلاج النفسي بالموسيقى

ترجمة: رضوان مرعي

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر