صرح باحثون من جامعة بيتسبيرج اليوم في المجلة الأمريكية للطب النفسي بأن التدريب الإدراكي العصبي البسيط المعتمد على الكمبيوتر باستخدام كلمات وصور إيجابية مصممة لتعزيز الثقة بالنفس يُطيل التأثيرات المضادة للاكتئاب للكيتامين لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب المقاوم للعلاج.

تشير نتائج تجربة سريرية عشوائية مزدوجة التعمية أُجريت في بيتسبرغ إلى أن التدخلات السلوكية الآلية زهيدة الثمن عبر نافذة المطاوعة الشديدة للدماغ بعد علاج واحد بالكيتامين قد تساعد في إبقاء الاكتئاب في طور الفحص مدة شهر واحد على الأقل. تعتبر النتائج خطوة مهمة نحو علاجات الاكتئاب طويلة الأمد للمرضى الذين استنفدوا الخيارات الأخرى.

قالت ريبيكا برايس الحائزة على دكتوراة وتعمل أستاذة مساعدة في الطب النفسي في كلية بيت للطب: «استخدام التكييف البسيط في أثناء الفترة التي تلي العلاج بالكيتامين عندما يكون الدماغ متقبلًا للانغماس في المعلومات الجديدة، يسمح لنا بمتابعة السمات المفتاحية للاكتئاب».

«إن تدريب الدماغ على ربط توقعاتك عن نفسك بالأفكار الإيجابية عن طريق نافذة مطاوعة الكيتامين الممتاز، قد تجاوز توقعاتي. لقد فوجئت ودهشت بالحصول على مثل هذه النتائج الواضحة من تدخل كان بالحد الأدنى».

وفقًا لتحليل المعهد الوطني للصحة العقلية، عانى ما يقرب من 21 مليون أمريكي بالغ نوبة اكتئاب كبرى واحدة على الأقل في عام 2020. شُخّص ما يقرب من 9 ملايين بالغ بالاكتئاب سنويًا، وما يقرب من 3 ملايين لا يستجيبون للأدوية التقليدية المضادة للاكتئاب.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون الاكتئاب المقاوم للعلاج ، فإن العقاقير ذات التأثير النفسي مثل الكيتامين توفر فرصة بديلة للشفاء على المدى الطويل.

عندما أُبلغ عن التأثيرات المضادة للاكتئاب للكيتامين أول مرة في الأدبيات الطبية منذ نحو عقدين، توسعت العيادات التي تقدم الكيتامين عن طريق الوريد من المراكز الطبية الأكاديمية إلى الممارسات المتخصصة في جميع أنحاء البلاد. عند إعطائها في أماكن طبية ومراقبتها مراقبة مناسبة، تكون الحقن آمنة ولا تهدف إلى الاعتماد على الأدوية، مع تقديم فوائد علاجية للأشخاص الذين يعانون الاكتئاب المقاوم للعلاج.

لكن العلاج له حدوده. في حين يمكن الشعور بتراجع الأعراض في وقت مبكر بعد ساعتين من الحقنة، فإن تأثيرات الكيتامين تميل إلى التراجع في الأسابيع التالية، ما يدفع المرضى إلى العودة للحصول على حقنة أخرى. ترتبط حقن الكيتامين بتكاليف عالية وغالبًا ما يكون لها قوائم انتظار طويلة، لذلك لا يمكن لجميع المرضى -الذين قد يستفيدون من العلاج- الحصول عليها.

كانت برايس -التي يركز بحثها على تحديد الآليات الإدراكية العصبية لاضطرابات المزاج والقلق- من بين أوائل من أظهروا أن الكيتامين المُعطى عن طريق الوريد قد يخفف من الأفكار الانتحارية. تركز الآن هي وفريقها على تطوير إمكانية الوصول إلى علاج الكيتامين وتوسيع إمكانياته السريرية بإقران الدواء بالمعالجات الرقمية المعتمدة على الكمبيوتر.

قالت برايس: «نحن مهتمون بإنشاء تدخل آلي يمكن لأي كمبيوتر أو جهاز تشغيله، ما يجعله متاحًا للوصول قدر الإمكان».

«هدفنا هو الاستفادة من التقنيات الرقمية وتطوير استراتيجية ستطيل الوقت بفاعلية بين المواعيد، وتوفير أموال المرضى والحصول على المزيد من رعاية مرضى الاكتئاب الفعالة».

تجمع الاستراتيجية التي طورتها برايس حقنة واحدة من الكيتامين مع تدريب آلي معتمد على الكمبيوتر يستخدم كلمات وصور إيجابية للتأثير على كيفية رؤية الأشخاص لأنفسهم. تظهر كلمات مثل “حلو” و”محبوب” و”جدير بالثقة” على الشاشة إلى جانب صورة المريض وصور الأشخاص المبتسمين.

ضمت التجربة السريرية أكثر من 150 بالغًا يعانون الاكتئاب المقاوم للعلاج. بعد حقن الكيتامين، أكملت مجموعة واحدة من المرضى 8 تدريبات مدتها 20 دقيقة على مدار 4 أيام، وتلقت مجموعة أخرى نسخة غير علاجية من مهام الكمبيوتر.

تلقت مجموعة ثالثة تسريبًا بمحلول السالين الملحي، تلاه التدريب النشط. في الشهر التالي، أفاد الأشخاص في مجموعة تدريب الكيتامين الإضافي بأنهم شعروا بأعراض اكتئاب أقل لفترة أطول من أولئك الذين لم يتلقوا تدريبًا أو لم يتلقوا الكيتامين، ما يشير إلى أن التدريب الإدراكي العصبي قد زاد من تأثيرات الكيتامين المضادة للاكتئاب.

بناءً على هذه النتائج الأولية الواعدة، قدم معهد بيت للابتكار براءة اختراع مؤقتة لهذا النهج العلاجي الجديد. يختبر الباحثون الآن ما إذا كان التدريب على جهاز iPad أو هاتف ذكي يقدم نفس فائدة إكماله على جهاز كمبيوتر في العيادة.

قالت برايس: «هذا التدخل الآلي بسيط للغاية بحيث يمكن إعادة تحديد الغرض من استخدامها لمعالجة مجموعة متنوعة من حالات الصحة العقلية ويمكن تغييره بسهولة ليلائم احتياجات المريض الفردي».

«إذا كان لعب القليل من الألعاب الرقمية هو ما يتطلبه الأمر للحفاظ على الاستجابة والحصول على راحة مدة شهر من الاكتئاب، فهذا بالفعل تطور ملحوظ في ظل الوضع الراهن».

دُعم هذا البحث من قبل المعهد الوطني لجوائز أبحاث السلوك الحيوي للصحة العقلية للعلماء الجدد المبتكرين.

اقرأ أيضًا:

الكيتامين والعلاج النفسي ساعدا مدمني الكحول على الإقلاع عن شرب الكحول

دواء الكيتامين: الاستخدامات والجرعات والتأثيرات الجانبية والتحذيرات

ترجمة: سميرة طارق غزولين

تدقيق: رغد أبو الراغب

المصدر