يعد التهاب البنكرياس المزمن مرضًا التهابيًا تصاعديًا طويل الأمد في البنكرياس يؤدي إلى تدمير بنيته ووظيفته بصورة دائمة. البنكرياس هو عضو غدي موجود في البطن خلف المعدة وتحت القفص الصدري، يختص البنكرياس في إفراز بعض الإنزيمات المهمة و الهرمونات التي تساعد في هضم الأغذية، أيضًا فهو الذي يصنع الإنسولين الذي ينظم مستوى السكر في الدم.

إن السبب الأكثر شيوعًا للمرض هو الاستهلاك طويل الأمد للكحول؛ إذ يعُتقد أنه مسؤول عن 70-80% من الحالات. تُقدَر زيارات المرضى للأطباء بنحو 122 ألف زيارة، وعدد المقيمين في المشفى بنحو 56 ألف حالة سنويًا في الولايات المتحدة.
يُصاب الرجال بالمرض بصورة تفوق النساء.

أعراض التهاب البنكرياس المزمن:

تشمل أعراض التهاب البنكرياس المزمن الشائعة:

  •  آلام الجزء العلوي من البطن التي تنتقل إلى الظهر ويكون شديدًا بعد الوجبات.
  • الغثيان والقيء أثناء نوبات الألم.

يتضاعف الألم بتصاعد حدة المرض، ويكون الألم أكثر تكرارًا وشدة، ربما يعاني بعض المرضى من آلام بطنية مزمنة.

وبتطور المرض، تقل قدرة البنكرياس على إنتاج إنزيماته الهاضمة، وتظهر الأعراض الآتية:

  •  براز دهني ذو رائحة كريهة.
  •  انتفاخ.
  •  تقلصات البطن.

وبعد توقف قدرة البنكرياس عن إفراز الإنسولين تمامًا يُصاب المريض بالبول السكري من النوع الأول، ويصاب بالأعراض التالية:

  •  العطش.
  •  التبول المتكرر.
  •  فقدان الوزن.
  •  التعب.
  •  تشوش الرؤية.

الأسباب:

التهاب البنكرياس المزمن يُعد عادةً من مضاعفات النوبات المتكررة من التهاب البنكرياس الحاد.

يحدث التهاب البنكرياس المزمن عندما يُنشَط التريبسين Trypsin في البنكرياس، التريبسين هو إنزيم ينتجه البنكرياس ويُطلَق في الأمعاء حيث يهضم البروتين باعتباره جزءًا من الجهاز الهضمي.

 سوء تعاطي الكحول:

هو سبب لتنشيط التريبسين داخل البنكرياس، كما تفعل حصيات المرارة.

يحدث التهاب البنكرياس الحاد لمستهلكي الكحول، ومع تكرار النوبات يؤدي إلى التهاب البنكرياس المزمن.

يسمى ذلك أيضًا التهاب البنكرياس الكحولي المزمن.

 التهاب البنكرياس المزمن مجهول السبب:

عندما يكون المرض مجهول السبب – لا نعرف له سببًا واضحًا – ويمثل ذلك أغلب الحالات.

يحدث التهاب البنكرياس مجهول السبب في الأعمار بين 10 إلى 20 سنة وفوق 50 عام.

لا نعرف لماذا لا تصاب به الفئات العمرية الأخرى، توجد جينات طافرة في هؤلاء المرضى وهي SPINK-1 و CFTR في 50% من المرضى وربما تُضعف تلك الجينات وظيفة البنكرياس.

تشمل الأسباب النادرة الأخرى:

  •  التهاب البنكرياس المزمن المناعي الذاتي، أي عندما تهاجم المناعة البنكرياس.
  •  التهاب البنكرياس الوراثي، يولد الأشخاص مصابين بهذه الحالة.
  •  التليف التكيسي، وهي حالة وراثية أخرى تتلف البنكرياس وأعضاء أخرى.

تشخيص التهاب البنكرياس المزمن:

لا يوجد اختبار موثوق به لتشخيص التهاب البنكرياس المزمن. سيشك الطبيب في المرض لأن المريض يشكو من أعراضه، ويعطي تاريخًا مرضيًا لحدوث التهاب حاد متكرر للبنكرياس، أو تعاطِ الكحول.

ربما تكون اختبارات الدم مفيدةً في فحص مستويات سكر الدم، التي قد تكون مرتفعة.

قد تشير اختبارات الدم إلى ارتفاع إنزيمي الأميليز والليبيز ولكنها غير دقيقة في هذه المرحلة؛ إذ يرتفع مستوى الأميليز أثناء أول يومين من التهاب البنكرياس، ثم يقل للطبيعي بعد 5-7 أيام.

ربما ينظر الأطباء للبنكرياس خلال الفحوصات التالية:

التصوير بالموجات فوق الصوتية ultrasound scan: موجات فوق صوتية عالية التردد تصنع صورةً على الشاشة للبنكرياس والأعضاء المحيطة به.

التصوير بالأشعة المقطعية الحاسوبية CT scan: قد تُستخدم الأشعة السينية لالتقاط صور لمنطقة معينة بزوايا عدة، وتوضع معًا لإنتاج صورة ثلاثية الأبعاد.

سيُظهر المسح التغيرات التي طرأت على البنكرياس نتيجة الالتهاب.

تصوير البنكرياس والقناة المرارية بالرنين المغناطيسي MRCP scan: يُظهر قنوات البنكرياس والقنوات المرارية بصورة أوضح عن الأشعة الحاسوبية.

تصوير القناة المرارية والبنكرياسية بالمناظير ERCP scan: بمساعدة الموجات فوق الصوتية، يدخل المنظار إلى الجهاز الهضمي.

ربما تزداد احتمالية إصابة مرضى التهاب البنكرياس المزمن بسرطان البنكرياس، تسوء الأعراض مع ضيق القناة البنكرياسية وربما يشك الأطباء في السرطان ويطلبون إحدى الفحوصات السابقة.

المضاعفات:

القلق والتوتر والاكتئاب:

ربما يؤثر المرض على الحالة السيكولوجية للمريض ومشاعره، فالألم المتكرر والثابت خاصة الشديد، يسبب القلق والتوتر وعدم الراحة والاكتئاب.

من المهم إخبار الطبيب بأي تأثيرات نفسية أو عاطفية. إذا كانت هناك مجموعة دعم في المنطقة فربما يساعد الحديث مع أشخاص مصابين بنفس الحالة من تخفيف الحالة والتكيف معها.

التكيس الكاذب:

هو تجمع من الأنسجة والسوائل والإنزيمات البنكرياسية والدم في البطن، غالبًا بسبب تسرب السوائل الهاضمة من القناة البنكرياسية المصابة.

لا تسبب التكيسات الكاذبة مشاكل صحية غالبًا. إلا أنها قد تُصاب بالعدوى في بعض الأحيان، مُسببة انسداد جزء من الأمعاء ونزيفًا داخليًا، وفي هذه الحالة تجب إزالتها جراحيًا.

سرطان البنكرياس:

هو من المضاعفات الشائعة بين المرضى بالتهاب البنكرياس المزمن، تبلغ نسبة الخطورة 1 لكل 500 مريض.

المنع:

إذا توقف مرضى التهاب البنكرياس الحاد عن تناول الكحول فهم يقللون احتمالية إصابتهم بالتهاب البنكرياس المزمن بصورة ملحوظة.

العلاج:

تُرشَح الأنماط التالية من العلاج لمرضى التهاب البنكرياس المزمن:

تغييرات نمط الحياة

  •  التوقف عن تناول الكحول: ربما يمنع ذلك المزيد من تضرر البنكرياس، بالإضافة إلى أنه يساهم في تخفيف الألم بصورة ملحوظة. ربما يحتاج بعض الأشخاص إلى المساعدة المتخصصة للتوقف عن الكحول.
  •  التوقف عن استهلاك التبغ: لا يسبب التدخين التهاب البنكرياس المزمن، ولكنه قد يساهم بتسريع تطور المرض.

التحكم في الألم

ربما يركز العلاج على تخفيف حدة الأمل والاكتئاب الناتج عن الألم طويل الأمد. يوصي الأطباء باتباع مقاربة تدريجية بوصف مسكنات خفيفة للألم، وزيادة قوتها حتى التحكم تمامًا بالألم.

الإنسولين

ربما يتوقف البنكرياس عن إنتاج الإنسولين إذا كان التلف عنيفًا، وقد يصاب المريض بالنوع الأول من السكري في بعض الحالات.

يُستخدم الإنسولين المنتظم باعتباره جزءًا من العلاج طوال حياة المريض، يشمل العلاج الخاص بالنوع الأول من السكري استخدام حقن الإنسولين لا الأقراص، لأن الجهاز الهضمي لهؤلاء المرضى غير جاهز لتكسير تلك الأدوية.

التهاب البنكرياس المزمن chronic pancreatitis الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج الهرمونات التي تساعد في هضم الأغذية عضو غدي موجود في البطن

الجراحة:

لا يستجيب التهاب البنكرياس المزمن لأدوية المسكنات.

ربما تُسد قناة البنكرياس، ما يسبب تجمع العصارة الهاضمة والضغط على النسيج وهذا يسبب الألم الشديد، أو قد يكون السبب التهاب رأس البنكرياس.
يُنصح بأشكال مختلفة من الجراحة لعلاج الحالات الشديدة.

الجراحة بالمناظير:

هي أنبوبة مجوفة ضيقة مرنة تسمى المنظار، تُدخل إلى الجهاز الهضمي بمساعدة الموجات فوق الصوتية. يُدخل جهاز متناهي الصغر معه بالونة غير منفوخة إلى القناة، ثم تُنفخ البالونة ما يوسع هذه القناة، وتترك دعامة لمنع انسداد القناة ثانية.

استئصال البنكرياس:

يُزال رأس البنكرياس جراحيًا. يخفف ذلك من الألم الناتج عن الالتهاب ويقلل الضغط على القنوات. التقنيات الرئيسة المستخدمة لاستئصال البنكرياس هي:

عملية بيرغر The Beger procedure: يشمل ذلك استئصال الرأس الملتهب من البنكرياس مع الحفاظ على الإثني عشر، بينما يتصل الجزء المتبقي من البنكرياس بالأمعاء.

عملية فري The Frey procedure: تُستخدم عندما يعتقد الأطباء أن الألم ناتج عن التهاب رأس البنكرياس بالإضافة إلى انسداد القنوات. تضيف تلك العملية مزيل ضغط طوليًا على إزالة رأس البنكرياس، إذ يُزال الرأس ويخف الضغط من القنوات وتتصل مباشرة بالجزء المتبقي من الأمعاء.

استئصال البنكرياس والإثني عشر مع الحفاظ على بوابة المعدة: تُزال كل من المرارة والقنوات ورأس البنكرياس جراحيًا، يتم هذا في الظروف الخطيرة فقط من الألم الشديد عندما يلتهب رأس البنكرياس وتُسد القنوات، هذه هي العملية الأكثر كفاءة في تقليل الألم والحفاظ على وظائف البنكرياس.

الاستئصال الكامل للبنكرياس:

يشمل الإزالة الكاملة للبنكرياس جراحيًا، وهي عملية شديدة الفعالية لإيقاف الألم، إلا أن تلك العملية تتطلب من المريض الاعتماد على بعض الأدوية للحفاظ على حياته مثل الإنسولين وذلك مدى الحياة.

زراعة خلايا جزر البنكرياس الذاتية:

أثناء الاستئصال الكامل للبنكرياس، يُحتفظ ببعض الخلايا من البنكرياس المستأصل وتُزرع في الوريد البابي الكبدي. ستعمل تلك الخلايا باعتبارها عضوًا مزروعًا في الكبد لإفراز الإنسولين.

الحمية:

تقاس مكونات الحمية لتقليل تأثيرات التهاب البنكرياس، وهذا أمر ضروري.

يشارك البنكرياس في الهضم والتهاب البنكرياس قد يهدد تلك الوظيفة، هذا يعني أن المصابين بالمرض لديهم صعوبة في هضم الطعام.

ينصح المصابون بالمرض باستهلاك ست وجبات صغيرة بدلًا من ثلاث وجبات كبيرة في اليوم. ومن المستحب اتباع حمية قليلة الدهون.

يهدف العلاج بالحمية للآتي:

  •  تقليل خطر سوء التغذية ونقص المغذيات الرئيسة.
  •  تجنب ارتفاع أو انخفاض سكر الدم.
  •  التحكم في البول السكري أو منعه، وكذلك أمراض الكلية والمضاعفات الأخرى.
  •  تقليل احتمالية تحول المرض من المزمن إلى الحاد.

يجب أن يصف الحمية طبيب أو يحول المريض إلى مختص بالتغذية، تُبنى الخطة على المستويات الحالية من المغذيات في الدم التي تقدمها الاختبارات التشخيصية.

ستشمل الحمية مصادر الأغذية الغنية بالبروتين والخضراوات والفواكه ومنتجات الحليب قليلة الدهون والبروتينات من السمك أو الدجاج منزوع العظام.

يجب تجنب الأغذية الزيتية أو الدهنية؛ لأنها قد تؤذي البنكرياس بسبب إفراز إنزيمات تفوق المعتاد، ربما يجب تجنب الكحول أيضًا لأنه من المسببات الرئيسة للمرض.

بناءً على مدى التلف اللاحق بالبنكرياس، ربما يحتاج المرضى لتناول نسخ صناعية من الإنزيمات الهاضمة، سيقلل ذلك دهنية البراز ورائحته الكريهة ويساعد في تقليل تقلصات البطن.

اقرأ أيضًا:

كيف يعمل البنكرياس وما هو دوره؟

تطبيق الكتروني يكشف سرطان البنكرياس من بياض العين، فهل يحمل مفتاح النجاة؟

تعرف على تجربة ستيف جوبز مع المرض، لماذا يعتبر أن سرطان البنكرياس هو الأخطر؟

الكاتب: محمد إيهاب

تدقيق: علي قاسم

مراجعة: نغم رابي

المصدر