أفاد مستشفى جامعة ميتشغن للأطفال C S.MOTT من خلال استطلاع أجراه حول صحة الأطفال، أن ما يقارب ثلثيّ الأهالي أخبروا بأن أطفالهم يعانون ضعف الثقة بالنفس تجاه بعض الجوانب التي تخص مظهرهم الخارجي. وصرّح واحد من كل خمسة آباء بأن أبناءهم يتجنبون بعض المواقف (كالظهور في الصور) بسبب عدم رضاهم عن مظهرهم.

قالت سوزان وولدروف الخبيرة في طب الأطفال والسمنة في مستشفى جامعة ميتشغن للأطفال وهي أحد المشاركين في هذا الاستطلاع: «يبدأ الأطفال في تكوين آراء حول أجسادهم ونظرتهم لها في سن مبكرة جدًا». فإن تلقي الأطفال أفكارًا غير صحية عن المظهر المثالي في المجتمع قد يقلل ثقتهم بأنفسهم.

يبدأ بناء تقدير الذات عند الأطفال في مرحلة عمرية مبكرة جدًا، لذا فالخطأ الذي يقع فيه البعض هو عندما يظنون أن الطفل غير مدرك لبعض الأشياء (كالتشجيع أو التقدير أو الإطراء) في المراحل العمرية المبكرة، ولكن في الحقيقة يجب العمل على تعزيز تقدير الأطفال لأنفسهم منذ السنوات الأولى، فعندما يرى الطفل انتباه الوالدين لإنجازاته الصغيرة وتقديرهم لها، سيشجعه ذلك على فعل المزيد والشعور بأن ما يفعله محل تقدير، إضافةً إلى أن تشجيع الأطفال على تجربة أشياء جديدة أو التعرف على آخرين من ثقافات مختلفة، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على ثقة الطفل، تقديره واحترامه لذاته وللآخرين، ويعزز لديه تقبل الاختلاف.

قالت وولدروف إن الانشغال بالمظهر الخارجي والسعي للرضى عن شكل الجسم قد يؤدي إلى تراجع الصحة العقلية والعاطفية ويزيد من مخاطر اضطرابات الأكل والاكتئاب وتدني احترام الذات.

ويستند التقرير على تصريحات 1653 أب وأم لديهم على الأقل طفل بعمر 8 حتى 18 عام، أُخِذت في شهر أبريل 2022.

أكثر الأسباب شيوعًا لقلة الثقة بالنفس هي الوزن ومشكلات البشرة كحب الشباب والشعر بحسب التقرير، بينما قلة من الآباء أضافوا الطول وملامح الوجه، بالمقابل ما يقارب واحد من كل خمسة آباء لفتيات قالوا أن بناتهم يشعرن بالخجل حيال شكل صدورهنّ.

أضافت وولفورد: «كلما تقدم الأطفال بالعمر زاد وعيهم تجاه أنفسهم وقد يميلون لمقارنة أنفسهم بأقرانهم ويصبحون عرضة للتأثر بالتصوير الإعلامي للجمال وشكل الجسم والوجه والمظهر المرغوب به».

فمن الطبيعي أن يعاني المراهقين خلال نموهم انعدام الثقة بالنفس في بعض الفترات بسبب مظهرهم، ولكن إذا كان ذلك يعيق قدرتهم على الاستمتاع بالنشاطات الاجتماعية أو الأنشطة الأخرى فهم يحتاجون إلى المساعدة.

قال ما يقارب ثلث الآباء إنهم لاحظوا أن أطفالهم يبدون تعليقات سلبية حول مظهرهم، وقد صرّح واحد من كل ثلاثة آباء تقريبًا بأن لديه تأثير سلبي على تقدير طفله لذاته، بينما قال واحد من كل خمسة أنه يؤثر في رغبة أطفاله بالمشاركة في أنشطة معينة.

وقد قال آباء المراهقين إن أبناءهم يتجنبون الظهور في الصور ويحاولون إخفاء أجسامهم بالثياب الفضفاضة أو يحددون كمية طعامهم ونوعه وذلك بسبب عدم رضاهم عن مظهرهم.

وأفاد الاستطلاع أيضًا أنه في بعض الأحيان قد تتعزز الأفكار السلبية عن الذات بتأثير الآخرين، وقال واحد من كل ثلاثة آباء أن طفله قد تلقى معاملة غير لطيفة بسبب مظهره من الأطفال الآخرين أو الغرباء أو حتى أحد أفراد العائلة.

غالبًا ما يتحدث الوالدان مع طفلهم حول الحادثة في محاولة لمساعدته، ولكن قلة منهم يحمون طفلهم بإبعاده عن الشخص المسيء أو التحدث مع هذا الشخص مباشرة. عمومًا، يشعر الآباء الذين شاركوا بالاستطلاع أن المواجهات الشخصية لها تأثير أكبر من وسائل التواصل الاجتماعي على الصورة الذاتية لأطفالهم.

فيما يلي تقدم وولفورد خمس أساليب لتنمية صورة ذاتية جيدة للطفل:

1- كُن نموذجًا يُقتدى به لحب الذات

إذا كان الوالدان ينتقدان مظهر أجسامهم دائمًا، من المتوقع أن يتأثر الأطفال بهم وتقليدهم، فالأطفال يراقبون في كل مرة يخطو فيها الآباء على الميزان ويتذمرون من الحاجة لإنقاص وزنهم أو حتى عندما ينتقدون عيوبهم في المرآة.

لذلك تنصح وولفورد الآباء بأن يكونوا قدوة في تعليم أطفالهم احترام الذات وحبها، وأن يقللوا التركيز على المظهر، وعوضًا عن ذلك عليهم التحدث عن قدرات أجسامهم بالقيام بأشياء فعّالة كالمشي الذي يعطي الجسم الراحة أو ركوب الدراجات والسباحة.

2- تقبل الاختلاف

عندما يسمع الآباء أطفالهم يعلقون على شكل شخص ما وحجم جسمه، يجب عليهم توعيتهم بأن الأشخاص قد يكونوا بأحجام وأشكال مختلفة ويمتلكون ميزات مختلفة وهذا لا يجعلهم سيئين إنهم فقط مختلفين، سواء أكان شخص يعرفونه أو قد ظهر في التلفاز أو شخص غريب.

وبشأن الأطفال الأصغر سنًا من الممكن أن يبحث الآباء عن كتب توضح الاختلاف الجسدي وإيجابياته وأن يقرأوه مع أطفالهم.

3- تجنب المدح والتعليقات الإيجابية على المظهر

قالت وولفورد أن الكبار يعبرون عن إعجابهم بجمال الأطفال ويمدحونهم وخاصة الفتيات الصغيرات، لكن هذا النوع من المديح يعطي أهمية للمظهر الجسدي ويعزز الرسائل التي تفيد بأن المظهر الجيد هو الذي يعطي قيمة لصاحبه. وهذا بدوره يؤدي إلى تفاقم مخاوف الطفل بأن ينعكس سلبًا ويبدأ بانتقاد نفسه.

عوضًا عن ذلك، على البالغين التركيز على سمات شخصية الطفل وليس جسده أو شعره أو وجهه أو ملابسه.

4- تعزيز التواصل الأسري من خلال الأنشطة الصحية

على العائلات تعزيز التواصل من خلال النشاطات المرحة وصنع الطعام الصحي لأنهم يستمتعون بذلك وليس لأنهم مضطرون لفعل ذلك أو لأن أحد أفرادها يتبع حمية معينة، فأداء هذه العادات الصحية مع التركيز على التغذية الجيدة وممارسة التمارين الرياضية هو ما يشعر الجسم بالراحة وليس ما يبدو في المظهر.

تساعد الوجبات المنتظمة الوالدين على البقاء على اتصال مع أبنائهم وتشجيع التواصل المفتوح حول مخاوفهم وكيفية معالجتها معًا.

5- يستطيع الآباء تعليم أبنائهم تقييم وسائل الإعلام تقييمًا نقديًا

الأطفال محاطون بأشخاص غير واقعيين، فعارضات الأزياء في المجلات والممثلون في برامجهم المفضلة والأفلام، غالبًا ما يملكون شكل جسم واحد رشيق، علمًا أن المؤثرين والمشاهير وحتى الأقران يستخدمون برامج التعديل والفلاتر لتحسين صورهم. لذلك يجب على الآباء تشجيع أطفالهم على الانتباه لما قد يرونه في التلفاز أو وسائل التواصل الإجتماعي ومساعدتهم في فهم آلية التلاعب في الصور لتبدو بالشكل المثالي.

تقول وولفورد: «يستطيع الوالدين تعليم أطفالهم أن يكونوا على دراية بوسائل الإعلام وأن يكونوا أذكياء حتى يفهموا أن هذه الصور المثالية للجسم والوجه في الإعلانات وحتى صور أصدقائهم لا تعكس الواقع الحقيقي».

وإن اضطر الأمر، يستطيع الوالدان التحكم بالأوقات التي يقضيها الأبناء بمشاهدة مثل تلك البرامج.

تقول وولفورد: «من خلال بناء أساس صحي وقوي لسلوك الطفل، يستطيع الوالدان مساعدة أبنائهم على تكوين صورة ذاتية إيجابية عن الجسم خلال مراحل الطفولة والشباب والبلوغ».

اقرأ أيضًا:

هل تمنح نفسك مستوى الرعاية الذاتية الذي تستحقه؟

حقيقة الأصدقاء الوهميين لدى الأطفال

ترجمة: كلوديا قرقوط

تدقيق: محمد طاهر عادل

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر