الثقوب السوداء على شريحة إلكترونية


اقترح فريق من علماء الفيزياء النظرية طريقةً لمحاكاة الثقوب السوداء على شريحة إلكترونية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون التكنولوجيا المُستخدمة في إنشاء هذه الثقوب السوداء المصنوعة في المخبر مفيدة في التكنولوجيا الكمومية. وسينشر الباحثون من جامعة تشيلي، وجامعة سيدينا، وجامعة TU أيندهوفن، وجامعة يوتريشت، وجامعة فوم نتائجهم في مجلة «Physical Review Letters» في الأول من شهر شباط/فبراير من عام 2017.

 

 

فالثقوب السوداء هي أجسام فلكية شديدة الكثافة لدرجة أن لا شيء – ولا حتى الضوء – قادر على الهروب من قوتها الجاذبة عندما يتجاوز نقطة اللاعودة المعروفة باسم أفق الحدث. وقد اكتشف الباحثون كيفية صنع نقاط لاعودة مماثلة بالنسبة للأمواج الدوَّارة، وهي تقلبات تنتشر في المواد المغناطيسية، وذلك عن طريق توظيف سلوك هذه الموجات عندما تتفاعل مع التيارات الكهربائية.

 

 

الأمواج الدوَّارة

تمتلك المواد المغناطيسية قطبًا شمالي وقطبًا جنوبي. في حال حدوث أي اضطراب، ينتقل القطب الشمالي والجنوبي من مكان لآخر في المادة بشكل مُشابه لطبيعة الموجة. وتدعى هذه الموجة باسم (موجة دوَّارة- spin wave). وعند مرور تيار كهربائي عبر المادة، تقوم الإلكترونات بسحب هذه الأمواج معها. وفي حال تمرير هذا التيار عبر سلك أحد أطرافه ثخين والطرف الآخر رفيع، تعبر الإلكترونات بشكل أسرع عبر الطرف الرفيع، بشكل مُشابه لتدفق الماء بشكل أسرع عبر خرطوم ضيق. ويمكن لتدفق الإلكترونات عبر الطرف الرفيع للسلك أن يكون سريعًا لدرجة أن الأمواج الدوَّارة المسحوبة لا تستطيع الانتقال إلى الاتجاه المعاكس. فالنقطة من السلك التي يحدث فيها هذا هي نقطة اللاعودة للأمواج الدوَّارة، بشكل مُشابه لأفق الحدث الخاص بالثقوب السوداء.

 

 

إشعاع هوكينغ

بجوار الثقوب السوداء الفلكية، تكون قوة الجاذبية شديدة لدرجة أنها تُسبِّب أفق حدث لجميع الجزيئات. حتى أن الفوتونات لا تستطيع الهروب من الثقب الأسود عندما تتجاوز أفق الحدث الخاص به. ففي عام 1974، اكتشف العالِم ستيفن هوكينغ أن الثقوب السوداء ليست سوداءً تمامًا، وإنما تُصدِر أشعة. على وجه التقريب، تُسبِّب تأثيرات كمومية طفيفة، كظهور واختفاء أزواج من جسيمات وجسيمات مضادة لها بشكل مستمر. فإذا حدث هذا الأمر بقرب أفق الحدث للثقب الأسود، يبتلع الثقب الأسود إحدى جسيمات الزوج، مما يُمكِّن الجسيم الآخر من الهروب على شكل إصدار إشعاعي. ومن شبه المستحيل رصد هذا الإصدار الإشعاعي المُسمى بأشعة هوكينغ في الفضاء الخارجي. ولكن، تسهل إمكانية محاكاة الثقب الأسود على شريحة إلكترونية من دراسة هذا التأثير عن طريق دراسة أشعة هوكينغ الخاصة بالأمواج الدوَّارة.

 

 

التشابك الكمومي، الحوسبة الكمومية، وأبحاث مستقبلية

إن أزواج الجسيمات المُسبِّبة لأشعة هوكينغ متشابكة بشكل كمومي، مما يعني أن خواصها مترابطة بشكل وثيق بحيث لا تستطيع الفيزياء الكلاسيكية توصيفها. ويعتبر التشابك الكمومي أحد المكونات الرئيسية للتكنولوجيا الكمومية مثل الحوسبة الكمومية. وأحد الاتجاهات التي يدرسها الباحثون الآن هو كيفية صنع أجهزة تستخدم هذا التشابك ويمكن استخدامها كوحدات بناء لتطبيقات تعتمد على التشابك الكمومي للأمواج الدوَّارة.


إعداد: مازن ملص
تدقيق: هبة فارس

المصدر