تتواجد الميونات -نوعٌ من الجسيمات دون الذرية- في كل مكان، إذ تمر خلالك الآن المئات منها. تنشأ هذه الجسيمات عند مرور الأشعة السينية القادمة من الفضاء عبر الغلاف الجوي. الجدير بالذكر أن هذه الجسيمات غير مؤذية وتتحلل مباشرة إلى جسيمات أصغر منها.

تتشابه الميونات مع الأشعة السينية عبر مرورها من خلال الأشياء، ما سمح للباحثين باستعمال هذه الجسيمات للكشف عن غرفة موجودة داخل أحد الأهرامات المصرية.

من جهةٍ أخرى، يقول الفيزيائي الباحث جيوفاني ليون، من جامعة أتاكاما في تشيلي، بأن فريقه قام باستعمال الميونات للنظر بعمقٍ إلى داخل البراكين ومحاولة توقع الوقت الذي ستنفجر فيه.

للقيام بذلك، قاس الباحثون عدد الميونات التقريبي الذي يمر من خلال الصهارة (الماغما magma) في مختلف أجزاء البركان، ومن خلال هذه البيانات يُرسم تصميم للبركان يُمكن التوقع بواسطته متى سينفجر. ويؤكد ليون بأن هذه الطريقة قد تصبح أساسية في محاولة فهم وترسيم البراكين والماغما الموجودة على سطح الأرض.

التصوير بالميونات داخل البراكين:

تتشابه الميونات مع الإلكترونات، إذ تحمل شحنة سلبية، إلا أنها أثقل من الإلكترونات بما يقارب 207 مرات، وتنتقل بسرعة الضوء. هذه السرعة مصحوبة مع الوزن العالي نسبيًا، تساعد الميونات في المرور من خلال الأسطح الكثيفة كالماغما والبراكين. مع ازدياد كثافة السطح الذي تمر خلاله، تقل سرعة الميونات، وتتحلل بسرعة أكبر.

تمر الميونات من جهة إلى أخرى عبر البركان، ولكن في حال كانت الطبقة البركانية كثيفة للغاية (تواجد الماغما مثلًا)، لا تمُر الميونات إلى الجهة المقابلة.
وضع الباحثون أجهزة راصدة للميونات للتمكن من معرفة أي منها عبرت عبر البركان. تتمكن هذه الأجهزة من رسم صورة لداخل البركان برصد الميونات التي لم تتحلل خلال عملية العبور، وعبر رصد الأماكن التي تحللت فيها.

يوضع الجهاز في مروحية تطير فوق أطراف البركان، ومع تواجد عددٍ أكبر من هذه الأجهزة، تظهر الصورة بشكلٍ أفضل.

تتشابه هذه العملية مع التصوير بالأشعة السينية لعظمٍ مكسور في الجسم. تمر الأشعة السينية وتعطي صورًا في الأماكن التي مرت من خلالها، أما في حال عدم مرورها، تُعطي لونًا أسود.

ولكن بسبب امتصاص العظم لبعض الأشعة السينية، تظهر الصورة بلونٍ أزرق فاتح نسبيًا.

خلال تصويرهم للبراكين باستعمال الميونات، يبحث العلماء ويدرسون درجات اللون الظاهرة في الصور. عند مرور الميونات من خلال البركان، قد تتحلل، ما يؤدي إلى ترك لونٍ فاتح نسبيًا. إن انخفاض درجة اللون الظاهر في الصورة يعني بأن البركان أو السطح ذو كثافة عالية، ما يرجح تواجد الماغما داخله.

يقول دافيد ماهون، الباحث من جامعة غلاسكو، بأن وجود جهاز رصد واحد يُعطي صورة ثنائية البعد (2D)، أما وضع جهازين أو أكثر قد يُعطي صورة ثلاثية الأبعاد.

قد تساعد الميونات في توقع الانفجارات البركانية:

استخدم الباحثون الميونات للنظر داخل براكين ساكوراجيما وأساما (Sakurajima and Asama) في اليابان، وثلاثة براكين في إيطاليا، وآخر في غوادلوب.

بالإضافة إلى مساعدة الباحثين في رسم وفهم البراكين داخلها، تُرجح الدراسة إمكانية توقع الانفجارات البركانية عبر تصوير الماغما ومراقبة حركتها.

قبيل انفجار البركان، ترتفع الماغما إلى الفوهة، لذا، يطمح الباحثون إلى مراقبة هذا الصعود عبر التصوير بالميونات، وبذلك، توقع الانفجار البركاني، ما سيسمح بتفادي أي خطر قد يقع على المناطق القريبة منه؛ عبر إنذار السكان قبل الانفجار وإعطائهم بعض الوقت للابتعاد.

اقرأ أيضًا:

خطط ناسا الطموحة لحماية الأرض من البراكين الكبيرة

البراكين: هذا ما يجب عليك معرفته عنها

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر