يقول مسؤولون في الأمم المتحدة إنه بالرغم من المستوى القياسي للأشخاص الذين يعانون من الجوع، تبقى المعونات الغذائية في أدنى مستوى لها منذ عشرين عامًا؛ بسبب ضعف الاقتصاد العالمي، مما سينتج: معاناة أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم من الجوع، هذا العام.

وقد قال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي«WEP» التابع للأم المتحدة، إن «الناس الأشد ضعفًا في هذا العالم، ستضربهم عاصفة مثالية؛ لتنتقم وتأخذ بالثأر»، وأضاف (شيران Sheeran) إن المنظمة قد تلقت حتى هذا العام، أقل من نصف ما تحتاج لإطعام 108 مليون شخصًا في 74 دولةٍ مختلفة حول العالم، أي بمعدل الـ6.7 مليار دولار.

لا يعلم إلا القليل من الناس عن أهمية مشاكل الأكل التي يسببها الجوع لفترات طويلة، ويرى البعض الآخر أنه من المألوف سماع صوت الانقباضات التي تصدرها المعدة بفعل الجوع، والألم الذي نشعر عند تأخرنا لتناول وجبة الطعام، أو عدم تناولنا إياها، وهذا الأمر يغفل أهمية إدراكه معظم الناس، وعلى وجه الخصوص من هم في الدول النامية.

ماذا يسبب الجوع؟

يمكن قياس الآثار التي يسببها الجوع الحاد على الأشخاص الذين يعانون منه، بطرق مختلفة، أهمها: نقص التغذية، وسوئها.

يحدث نقص التغذية غالبًا عندما لا يحصل الناس على كمية كافية من السعرات الحرارية التي توفر لهم الطاقة ليتمكنوا بالمحصلة من أداء احتياجاتهم الفسيولوجية، ولو كان أدناها، أما سوء التغذية فيعد قياسًا لما يأكله الناس، كيفية لا كمية، فهو يحدث عندما يحصل الناس على كميات غير مطابقة لمواصفات «WEP»، من البروتينات والمغذيات الدقيقة كالفيتامينات، و المكونات الأخرى المهمة في طعامهم.

ويقاس سوء التغذية وفقًا إلى المقاييس الفيزيائية للجسم، مثلًا: يتم قياس الطول والوزن في عمر محدد، ويترك سوء التغذية للأسف الشديد آثارًا شديدة على الجسم، يذكر منها التالي:

  1. عرقلة نموٍّ عند الأطفال.
  2. النقص الحاد والملحوظ في وزن الأطفال مقارنة بوزنهم الطبيعي في عمرهم.
  3. الهزال، والفقدان الشديد في الوزن.
  4. نقص الفيتامينات ومعادن الجسم، كالحديد مثلًا، مما يسبب الـــ (Anemia- فقر الدم ).
  5. تفاقم مشاكل الوزن ونقص المعادن، وتحولها إلى مرض.

وليس دائمًا سوء التغذية مشكلة رئيسية في سد حاجات الجسم، فقد يكون مشكلةً ثانويةً؛ بسبب عجز الجسم عن الحصول على المغذيات من الطعام؛ لإصابته بـ (الإسهال – diarrhea)، أو أي مرض آخر.

ويؤثر نقص الفيتامينات أو المعادن على جسم الإنسان، ويمكن تسجيل بعض تأثير كل فيتامين أو معدن ما إذا نقص، كالتالي:

  1. نقص الحديد: ينجم هذا النوع من النقص نتيجة سوء التغذية، وهو أكثر أنواع النقص شيوعًا في العالم، يصيب المليارات من حوله، وأثره يكون على نمو وتطور الدماغ.
  2. نقص (فيتامين أ – Vitamin A): يصيب هذا النقص حوالي 140 مليون طفلًا دون سن المدرسة في 118 دولة حول العالم، ويسبب نقصه الإصابة بالعمى، ويضعف جهاز المناعة، فيجعله أكثر عرضة للأمراض، ويقتل مليون رضيع في السنة، وذلك وفقًا لما ورد عن منظمة اليونيسف «UNICEF».
  3. نقص الأيودين: يصيب هذا النقص 780 مليون شخص حول العالم، ويعاني الأطفال حديثي الولادة من أمهات لديهم هذا النقص من صعوبات عقلية أو أمراض نفسية.
  4. نقص الخارصين أو الزنك: يسبب هذا النقص حوالي 800,000 حالة وفاة للأطفال كل عام؛ كونه يضعف الجهاز المناعي للأطفال الصغار.

من هو الجائع؟

على الرغم من توفر طعام يكفي لسد جوع البشرية بأكملها، يبقى هناك من هو جائع في هذا العالم يقدر حوالي بسدس سكان الأرض، أي ما يقارب المليار شخص تقريبًا، وهذا عدد هائل يفوق عدد سكان أمريكا، وكندا والاتحاد الأوروبي.

يقول شيران في ذلك: «إننا بحاجة ملحة إلى ثلاثة مليارات إضافية لتوفير احتياجات هؤلاء الأشخاص، وهو أقل من 0.01% مما وضع على طاولة تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي».

وتعد الكوارث الطبيعية كالفيضانات و موجات الجفاف، أحد العوامل المسببة للجوع لسكان المنطقة التي حدثت فيها هذه العوامل، وهذا أمر كارثي، لا يمكن لحالات الطوارئ تقديم حل له سريع وفعال؛ لأنها لا تملك في هذه الحالة سوى إغاثة 8% من الجوعى حول العالم، وهم أكثر الأشخاص الذين سيعانون من جوع شديد ومؤلم، ومعظمهم نساء وأطفال وريف، وفقًا لما ورد عند الـ «WEP».

ويقع أغلب الجوعى في العالم، في قارة آسيا والمحيط الهادي حيث يشكلون النصف، جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا حيث يشكلون الربع – كما ورد عن ا لـ «WEP»- ، يعيش 65 % منهم في ستة دول، هي: الهند، الصين، جمهورية الكونغو الديموقراطية، بنغلاديش، إندونيسيا، باكستان وأثيوبيا، وتتوفر بعض الإحصائيات من برنامج الغذاء العالمي«WEP» ، ترصد آثار الجوع، وماذا يسبب إذا نقص، يذكر بعض منها:

  1. قدر حوالي 146 مليون طفل في الدول النامية مصابة بنقص في الوزن.
  2. يموت كل 6 ثوانٍ طفل بسبب الجوع والأسباب المرتبطة به.
  3. يعاني أكثر من 60% من الأشخاص من جوع مزمن، وأغلبهم نساء.

الاتجاهات حول الجوع.

ترفض أسعار الغذاء المرتفعة جهود برامج المعونة التي حققت نجاحًا كبيرًا في مكافحة الجوع في أواخر القرن الماضي، وتمنعها من حدِّ أعداد الجوعى، جاعلةً إياهم في ازدياد دون نقصان، في كل أنحاء العالم، عدا أمريكا اللاتينية والكاربينز.

ويؤدي ارتفاع سعر الغذاء إلى ارتفاع عدد الجوعى بـ (75 مليونًا في 2007م)، و (40 مليونًا في 2008م)، وتشارك الحرب والتغير المناخي، والفقر المقذع، والممارسات الزراعية السيئة، والفرط في استغلال الموارد الزراعية، في زيادة نسبة الجوع في العالم ، نقلًا عن الخبراء.

وما يمكن قوله أخيرًا، لا تخلو أي مشكلة من وجود حلٍّ معها، ويمكن في هذه الحالة محاربة سوء التغذية ونقصها الناجم عن الجوع بعدة طرق، منها:

  1. تحسين موارد المياه.
  2. النظافة العامة والشخصية.
  3. التعليم الصحي والتوعية الصحية.
  4. تحسين الوصول إلى الطعام الصحي بالنسبة للفقراء.
  5. التأمين على التقدم الزراعي والصناعي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

  • ترجمة: أحمد عبد القادر
  • تدقيق: رجاء العطاونة
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر