هذا هو السؤال الذي حير علماء الفلك لعقود، منذ ظهور علم الفلك الحديث. فإذا كانت الحياة منتشرةً في الكون، ولدينا جميع الأسباب لنشك في ذلك، فلماذا لا نرى دليلًا على وجودها؟ لماذا لا نرى حضارات ذكيةً تزورنا هنا على الأرض؟

هذا هو جوهر مفارقة فيرمي، وأيضًا هو السبب وراء تخمين هارت تيبلر، الذي أقرّ بأن ظهور حضارات ذكية قديمًا في مجرتنا سيترك بصمته، التي يمكن رؤيتها في كل مكان في الوقت الحاضر.

من ناحية أخرى يقترح بعضهم بأن الحضارات الذكية في الكون، ربما توجد في أمكنة غير ملحوظة من الكون، أو بمعنىً آخر غير مكتشفة من قِبلنا.

في دراسة حديثة لفريق ألماني جورجي، يقترح بأن الحضارات المتقدمة خارج الأرض، ربما تستعين بالثقوب السوداء على هيئة حواسيب كمومية.

ذلك يبدو منطقيًا من وجهة نظر علوم الحوسبة، ويقدم تفسيرًا للنقص الملحوظ في النشاط الذي نراه في الكون. الدراسة بقيادة غيا دڤالي عالم فيزياء نظرية من معهد ماكس بلانك للفيزياء، الذي يشغل مقعد الفيزياء في جامعة لودوڤيج ماكسيميلان في ميونخ، و زازا عثمانوف بروفيسور في جامعة تبليسي الحرة، وباحث من مرصد جورجيا خارادزي الوطني للفيزياء الفلكية، بمشاركة معهد SETI.

الورقة التي تصف ما توصلوا إليه حديثًا، نُشرت عبر شبكات الإنترنت بعد مراجعتها، لتُنشر فيما بعد في المجلة الدولية لعلم الأحياء الفلكية.

أُجري أول مسح بواسطة SETI ضمن مشروع أوزاما عام 1960 بقيادة عالم الفيزياء الفلكية الشهير فرانك دريك، الذي صاغ المعادلة الشهيرة المسماة باسمه.

منذ ذلك الحين أصبحت مشاريع SETI تركز على البحث عن بصمات راديوية في الفضاء، نظرًا إلى قدرتها على الانتشار في الفضاء بين النجمي، كما وضح دڤالي وعثمانوف عبر البريد الإلكتروني:

«نبحث في الوقت الحالي عن إشارات راديو فقط، وكانت هناك عدة محاولات لدراسة الفضاء للعثور على هياكل مُرشّحة عملاقة متشكلة حول النجوم أو ما يسمى بـِ(دايسون سفير). ربما يكون طيف البصمات التقنية التي خلفتها الحضارات الذكية حول النجوم أوسع بكثير. على سبيل المثال يمكن أن تكون تلك البصمة هي الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من تلك الهياكل العملاقة. لذا يجب البحث في أي تغير طيفي شاذ حول النجوم أو الثقوب السوداء، وتمييزه عن بصمة الضوء العادية».

بالنسبة للعديد من الباحثين، يعد هذا التركيز المحدود أحد الأسباب الرئيسية لفشل SETI في العثور على أي دليل على بصمات تقنية. في السنوات الأخيرة اقترح علماء الفلك والفيزياء الفلكية التوسع في البحث عن حضارات ذكية بطرق أخرى أكثر تقدمًا. على سبيل المثال المراسلة الاستخبارية الذكية خارج الأرض، ويشمل ذلك إطلاق ضوء ليزر نحو الفضاء وانبعاثات النيوترينو والاتصالات الكمومية وموجات الجاذبية بحسب تقرير لوكالة ناسا صدر عام 2018 ضمن ورشة Techno Climes 2020.

في هذا الإطار يقترح عالما الفلك دفالي وعثمانوف البحث عن دليل على الحوسبة الكمومية، وهي نوع متقدم من الحوسبة؛ تشمل فوائدها معالجة المعلومات في وقت قياسي أسرع من الحوسبة العادية، إضافةً إلى حصانة ضد فك التشفير. ونظرًا إلى المعدل الذي تتقدم به الحوسبة الكمومية يمكن الافتراض بأن الحضارات الذكية خارج الأرض تستعين بها على نطاق واسع.

بغض النظر عن إمكانية اختلاف حضارتنا عن الحضارات الأخرى فنحن نشترك بقوانين الفيزياء ذاتها، لذلك كان من المعروف أن الثقوب السوداء هي مخازن عملاقة للمعلومات، أي أنه من الممكن استخدامها في تخزين المعلومات.

تعتمد هذه الفكرة على عمل روجر بنروز الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، الذي اقترح أنه يمكن استخراج طاقة هائلة من الثقوب السوداء. بينما أوضح دڤالي وعثمانوف باستخدام ميكانيكا الكم، أنه يمكن للثقوب السوداء أن تكون أكثر المكثفات كفاءةً في تخزين المعلومات الكمومية؛ أي بكفاءة حوسبة عالية الدقة.

يمكن تصنيع ثقوب سوداء عبر إحداث تصادم بين الجسيمات وكلما كانت صغيرة الحجم كانت الطاقة الصادرة عنها عاليةً جدًا.

ببساطة يمكننا تفسير ذاك الصمت في الكون، بأننا نبحث في البصمات الخاطئة، فمن الممكن أن تقنيات الحضارات الذكية تجاوزت الاتصالات اللاسلكية، وتجاوزت حتى الحوسبة الرقمية.

اقرأ أيضًا:

رصد كوكب قزم في منظومتنا الشمسية يمتلك حلقات حوله تشبه حلقات كوكب زحل

اكتشاف كوكب خارجي قد يكون صالحًا للعيش على بعد 31 سنة ضوئية من الأرض

ترجمة :هاجر احگى

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: نغم رابي

المصدر