يعرَّف الحمل العنقودي (أو ما يسمى أيضًا بالرحى العدارية) على أنه نمو غير طبيعي لنسيج المشيمة داخل رحم المرأة، وهو حمل غير ناجح يحدث بعد أن تلقّح نطفة الذكر بويضة الأنثى، حيث تنمو الأنسجة التي من المفترض أن تشكل المشيمة المسؤولة عن تغذية الطفل بشكل غير طبيعي مشكّلة كتلة تحوي مئات الأكياس عنقودية الشكل (بشكل حويصلات مملوءة بسائل تأخذ حجم حبة العنب).

إن أول عَرَض يظهر عادة في حالة الحمل العنقودي هو النزف المهبلي في الأشهر الأولى من الحمل، كما أن رحم الأنثى في هذه الحالة يكون أكبر من الحالة الطبيعية، إضافة لوجود آلام بطن ناتجة عن كيسات مبيضية، وتعب صباحي شديد.

يقول الدكتور (جون سكورج-John Schorge) مدير قسم الطب النسائي والسرطان في مشفى ماساتشوستس في بوسطن: «العديد من النساء اللواتي شُخّصت لديهن حالة حمل عنقودي لم يسمعن عنها مسبقًا، كما أنه لا يوجد هناك سبب واضح لارتباط المرض بعمر الأنثى، فالحمل قبل سن العشرين أو بعد الأربعين يزيد من خطر حدوث الحمل العنقودي».

أنواع الحمل العنقودي

يشرح الدكتور سكورج:
هناك نوعين من الحمل العنقودي هما الجزئي والكامل، وكلا النوعين سببه بيضة ملقحة بطريقة غير طبيعية، كما أن الحمل العنقودي الكامل أكثر شيوعًا من الجزئي.

الحمل العنقودي الكامل

في الحمل العنقودي الكامل لا ينمو الجنين، بل ينمو النسيج المشيمي بسرعة مشكلًا كتلة غير طبيعية، يحدث هذا غالبًا بسبب نقص الصبغيات الأنثوية (الكروموسومات) في البويضة التي تم تلقيحها، حيث تكون الكروموسومات مفقودة أو غير فعالة، فيتم تلقيح البويضة بنطفة واحدة أو نطفتين، فتكون صبغيات البيضة الملقحة من الأب فقط (23 صبغي في حال كانت نطفة واحدة قد لقّحت البويضة أو 46 في حال كانت نطفتين).

يعرف الطبيب عند إجراء فحص بالأمواج فوق الصوتية إذا كان هناك جنين في الرحم أو لا.

الحمل العنقودي الجزئي

أما في الحمل العنقودي الجزئي فتكون البويضة طبيعية، لكن مايحدث هو أن البويضة تُلقّح بنطفتين بدل نطفة واحدة، وبذلك يكون الجنين غير طبيعي وذا كمية زائدة من الصبغيات (مجموعة من الأم ومجموعتين من الأب أي 69 صبغي بدلًا من 46) ولا يبقى على قيد الحياة.

أعراض الحمل العنقودي وعلاماته

يقول الدكتور سكورج:
النزف المهبلي هو العرض الأكثر شيوعًا في كلا النوعين من الحمل العنقودي، لكن إذا ما قارنا بين النزفين، فالنزف في حالة الحمل العنقودي الكامل أشد مما هو عليه في الجزئي.

يكون لون الدم النازف بين البني الغامق والأحمر الفاتح، ويحدث عادة في الشهر الثاني أو الثالث من الحمل، وقد يتواجد في الدم النازف كيسات تأخذ شكل حبة العنب الصغيرة.

بالطبع يجب على أي امرأة حامل استشارة طبيبها مباشرة عند تعرضها لنزف مهبلي.

إضافة للنزف المهبلي هناك علامات أخرى للحمل العنقودي تتضمن:

نمو غير طبيعي للرحم: يكون حجم الرحم في الحمل العنقودي الكامل أكبر مما يجب عليه أن يكون، أما في الجزئي فيكون الرحم أصغر من الطبيعي.
تضخم المبيضين: سببه زيادة في مستويات الهرمون الجنسي المشيمائي البشري HCGالذي يُفرز في الأشهر الأولى من الحمل.

غثيان وإقياء حادين.

ارتفاع في ضغط الدم: يحدث ذلك خلال الثلث الأول من الحمل، أو في بداية الثلث الثاني منه.

عوامل الخطر من الحمل العنقودي

يعتبر هذا المرض حالة نادرة، ففي الولايات المتحدة تشخص حالة حمل عنقودي واحدة لكل 1000 امرأة حامل.

هناك عوامل تزيد من خطر حدوث الحمل العنقودي أهمها:

العمر

النساء في الحدود القصوى لفترة الخصوبة (تحت سن العشرين وفوق سن الأربعين)، وهو عامل الخطر الأكبر لحدوث الحمل العنقودي.

وتفسير ذلك هو أن النساء اللواتي يحملن وهن لا زلن مراهقات فإن بويضاتهن غالبًا ستكون غير طبيعية، وكذلك بالنسبة للنساء فوق سن الأربعين.

حالة حمل عنقودي سابقة

لقد وُجد وسطيًا أن المرأة التي تتعرض لحالة حمل عنقودي سابقة يرتفع لديها خطر حدوث الحالة مرة أخرى حوالي 1-2%، وهنا تكون فرصة المرأة بالحصول على حمل طبيعي لاتزال عالية، لكن في حال التعرض لحالتين من الحمل العنقودي مسبقًا، سيكون خطر حدوثها مرة أخرى أعلى ب15-20% من المرة السابقة.

العِرق الآسيوي

حيث أنه يزداد خطر حدوث الحالة إذا كانت الإناث من جنوب شرق آسيا بما في ذلك الفييتنام وكوريا، ويعتقد البعض أن لذلك علاقة بالنظام الغذائي في تلك المناطق.

أسباب الحمل العنقودي

غالبًا لا يعرف الأطباء السبب الحقيقي وراء حدوث الحمل العنقودي، تم اقتراح بعض النظريات التي تدور حول طبيعة النظام الغذائي، كنقص مادة الكاروتين التي تتحول في جسم الإنسان إلى فيتامين A (الكاروتين هو صباغ نباتي يوجد في بعض الفواكه الحمراء والبرتقالية وبعض الخضراوات).

الاختبارات الاستقصائية وتشخيص الحمل العنقودي

يُشخّص الحمل العنقودي عادة بإجراء فحص بالأشعة فوق الصوتية على البطن، هذا الفحص يبين وجود كيسات عنقودية داخل الرحم.

إن تشخيص الحمل العنقودي الكامل أسهل من تشخيص الجزئي بواسطة الأمواج فوق الصوتية.

يمكننا أيضًا إجراء تحليل دم لقياس تراكيز هرمون HCG، ففي حالة الحمل العنقودي الكامل ستكون التراكيز عالية مقارنة بالطبيعي، حيث أن النسيج المشيمي الذي ينمو بسرعة في الحمل العنقودي الكامل يحفّز إفراز هذا الهرمون بكميات زائدة.

أما في الحمل العنقودي الجزئي ستكون مستويات هرمون HCG عادية أو زائدة قليلًا عن الطبيعي، مما يزيد من صعوبة تشخيص هذا الحمل، وجاء هذا تبعًا للجمعية الأميركية للسرطان.

علاج الحمل العنقودي

تفضل بعض النساء ممن لديهم حالة حمل عنقودي استشارة طبيب مختص بعلاج السرطانات التي تصيب الأجهزة التناسلية الأنثوية.

يكون العلاج عادة باستئصال الجنين والمشيمة من الرحم بواسطة إجراء طبي يدعى توسيع وتجريف الرحمD&C .

لتأكيد صحة التشخيص بأنه حمل عنقودي، يجب أن يقوم طبيب مختص بفحص عينة من نسيج المشيمة (تم عزلها أثناء عملية تجريف الرحم) تحت المجهر.

بعد إجراء تجريف الرحم، يتم دوريًا تحليل دم الأنثى لقياس تراكيز هرمون HCG لمدة ستة أشهر أو سنة كاملة، ذلك من أجل التأكد أن مستويات الهرمون في الدم قد عادت إلى الحالة الطبيعية، وبذلك يتأكد الأطباء أن كامل النسيج المشيمي المرضي قد تمت إزالته أثناء عملية التجريف.

ولكن في حال لم تعد مستويات الهرمون إلى الحالة الطبيعية، أو عادت لترتفع مرة أخرى، هنا يجب أن يتدخل الطبيب ليكمل العلاج (قد يصف بعض الأدوية أو يضطر لإعادة عملية التجريف مرة أخرى بحسب تركيز الهرمون).

في حال كانت المرأة متقدمة بالعمر ولا ترغب بالإنجاب لاحقًا، قد يلجأ الأطباء (بعد موافقتها طبعًا) لإجراء جراحة لاستئصال الرحم بشكل كامل بدلًا من التجريف.

المخاطر المحتملة على الأم:

هناك خطر احتمال حدوثه صغير، وهو أن يتطور عند الأنثى سرطان يدعى GTD (مرض الأرومة الغاذية الحملية) وهو مصطلح يشير إلى الحالة التي يبقى فيها النسيج المشيمي داخل رحم الأم بعد عملية التجريف ليتابع هذا النسيج نموه.

يمكن معالجة هذه الحالة علاج كيماوي بالميتوتريكسات، وهناك ميزة خاصة لهذا السرطان هي أنه أحد السرطانات القليلة التي تعالج كيماويًا بغض النظر عما إذا كانت مرحلة السرطان متقدمة أو لا، وذلك جاء أيضًا وفقًا للجمعية الأميركية للسرطان.

نادرًا ما تتطور المشيمة إلى سرطانة مشيمائية (عند نسبة قليلة جدًا من حالات الرحى العدارية)، وهو سرطان خطير قد ينتشر إلى الأنسجة المجاورة أو إلى أماكن أخرى من الجسم، ويمكن علاجه كيماويًا.

وفي النهاية يوصي الدكتور سكورج النساء اللواتي حدث لديهن حالة حمل عنقودي الانتظار سنة كاملة قبل أن يحملوا مرة أخرى.


ترجمة: ولاء سليمان
تدقيق: سارة عمّار
المصدر