كان عازف الروك مايك جاغر في السبعينيات من عمره عندما وُلدت ابنته ديفيرو جاغر عام 2016. بصرف النظر عن أن هذا الموضوع مثير للجدل، يُعد إنجاب الأطفال بعمر السبعين غريبًا -بمعزل عن الحكم الأخلاقي- إذ إن هذا العمر بعيد عن العمر المتوسط المعتاد لإنجاب الأطفال. ما جعل جاغر أحد أكبر الأشخاص الذين يولد لهم طفل في العالم على الإطلاق.

تصبح الحقائق البديهية مثل مقولة «على الرجال الذين يرغبون في الإنجاب أن يفعلوا ذلك قبل سن الخامسة والأربعين» قديمة مع تقدم العلم، ومواكبة التشريعات له. يمكن للآباء في المستقبل أن يكونوا أكبر سنًا أكثر من أي وقت مضى، بفضل التغييرات الحديثة في قانون المملكة المتحدة المعني بمدة حفظ الحيوانات المنوية المجمدة، وفقًا لاقتراحات الخبراء، لا يوجد سبب علمي يمنع أو يحد من هذا التمديد.

يعود استخدام الحيوانات المنوية المجمدة للإنجاب لزمن بعيد، وكانت أول ولادة لطفل حي باستخدام الحيوانات المنوية المجمدة عام 1953. لم يكن بالإمكان حفظ الحيوانات المنوية إلا فترات قصيرة آنذاك، لكن التكنولوجيا تطورت مع بداية الستينيات، وأصبح من الممكن حفظ الحيوانات المنوية فترةً طويلة. كانت هذه التكنولوجيا فعالة للغاية، لدرجة أنه ولد توأم عام 2012 بتخصيب داخل المختبر، باستخدام حيوانات منوية حُفظت 40 سنة.

رغم إمكانية الاحتفاظ بالحيوانات المنوية فترةً طويلة، فإن الحد المسموح به لحفظ البويضات والحيوانات المنوية والأجنة بلغ عشر سنوات فقط حتى وقت قريب. تغيّر ذلك مؤخرًا، إذ رفع المشرعون الحد الأقصى إلى 55 سنة، مشيرين إلى الشعبية المتزايدة لمثل هذه الإجراءات، وإلى المعلومات الحديثة حول العلاقة بين الخصوبة والعمر.

قالت كارولين دينياج، وزيرة الرعاية والصحة العقلية في بيان سابق عام 2020: «يجب أن يحظى كل شخص بفرصة تكوين عائلة، ولهذا من الضروري أن تعكس قوانيننا التطورات التقنية الحديثة».

«قد يؤثر هذا في حياة الجميع، وأنا قلقة من تأثير القانون الحالي خصوصًا على خيارات النساء في الإنجاب. فتحديد الوقت يعني في كثير من الأحيان أنهن مرغمات على اتخاذ قرار صعب بتدمير البويضات المجمدة، أو إنجاب طفل قبل أن يكنَّ مستعدات لذلك».

قد تبدو 55 سنة مدة محددة للغاية، أو أنها اختيرت لسبب علمي، لكن في الحقيقة لا يمانع الخبراء استخدام حيوانات منوية مخزنة فترةً أطول. ويمكن للأشخاص القادرين على الإنجاب بأعمار متقدمة مثل جاغر أن يولد لهم أطفال بعد قرون من الآن.

قال آلان باسي، أستاذ علم الذكورة في جامعة شيفيلد: «الحد القانوني الذي يبلغ 55 عامًا لا يتعلق بالعمر الافتراضي للحيوانات المنوية، أو بأي سبب علمي آخر. بل يتعلق بما قدّر البرلمانيون أنه مناسب للمجتمع».

«نظرًا إلى توقف الحيوانات المنوية المجمدة عن الحركة فور تجميدها، لا أرى سببًا يمنع الاحتفاظ بها لمئات السنين إذا سمح القانون بذلك. إذ تُخزن الحيوانات المنوية من الثيران مدةً أطول بكثير، دون وجود أي مشكلة واضحة».

لكن كون ذلك ممكنًا نظريًا، لا يعني بالضرورة إمكانية حدوثه. مع وجود أدلة تحذر من حفظ الحيوانات المنوية فترات طويلة جدًا، إذ إن حالات الإخصاب في المختبر التي تستخدم الحيوانات المنوية المجمدة عدة عقود قليلة ومتباعدة.

احتل خبر مولود باستخدام الحيوانات المنوية المحفوظة منذ عام 1996 عناوين الصحف في المملكة المتحدة، وما زال الأطفال مثله نادرين للغاية، ما يجعل ولادتهم أمرًا ملحوظًا حتى في السنوات الأخيرة.

تُعد قلة هذه الحالات مشكلة، إذ تجب دراسة العديد من الجوانب حال أصبح استخدام الحيوانات المنوية الأقدم أكثر شيوعًا. مثلًا، ما الأثر العاطفي على الطفل المولود لأب متقدم في العمر أو مُتوفى؟ وحال وجود مجموعة من الأطفال المولودين وجزء من حمضهم النووي قد نشأ قبل قرون، ما أثر ذلك في الصحة الشخصية والعامة؟

قال جوليان سافوليسكو، أستاذ الأخلاقيات في جامعة أكسفورد: «أنا أؤيد إجراء التجربة، لكن لدينا التزامًا أخلاقيًا لتطوير المعرفة وتعديل الممارسات العملية بحسب النتائج».

أشار سافوليسكو أنه لحسن الحظ، يوجد الوقت الكافي لمعرفة هذه الأشياء، وأضاف أنه حتى أقدم الحيوانات المنوية المجمدة عمرها بضعة عقود فقط، لذا فإن المشكلات المرتبطة بالعينات التي عمرها قرون ليست أكثر من مجرد «مخاوف من الخيال العلمي».

اقرأ أيضًا:

تجميد البويضات: إتاحة فرصة مستقبلية للإنجاب في عمر متقدم

قد يواجه البشر أزمة إنجابية مع انخفاض عدد الحيوانات المنوية عالميًا!

ترجمة: تيماء الخطيب

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر