تعد لعبة Gran Turismo من شركة سوني من أكبر سلاسل ألعاب السباق في العالم، فقد بيع منها أكثر من 80 مليون نسخة، ولكن هل كان اللاعبون البشر الأسرع؟ في كشف جديد، طوّر فريق بقيادة قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي في شركة سوني لاعبًا اصطناعيًا يعتمد على تقنية تعلم الآلة “Machine Learning”، وهذا اللاعب يمكنه إتقان اللعبة والتغلب على أفضل اللاعبين البشر.

لتحقيق ذلك صمم الفريق أداةً تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأطلقوا عليها Gran Turismo Sophy، إذ نستخدم هذه الأداة تقنية التعلّم العميق المعزز (الإصدار Gran Turismo sport) لتتعلم اللعب وتصبح قادرة على التحكم بـ 20 سيارة في الوقت نفسه، فتتمكن من جمع البيانات بسرعة وتُحسّن من أدائها.

تمكّنت هذه الأداة بعد عدة ساعات فقط من تعلّم التحكم باللعبة ومتى تُسرع أو تُبطئ لتبقى ضمن المسار الصحيح، لتصبح بذلك أسرع من 95% من المتسابقين البشر المسجلين في قاعدة بيانات اللعبة.

لكن كيف ستتفوق أداة الذكاء الاصطناعي هذه على الـ 5% الباقين؟

وصف الباحثون ذلك في ورقة علمية أخرى أن الأداة قد تدربت مدة تسعة أيام أخرى ولعبت أكثر من 45000 ساعة قيادة، حتى اكتسبت الخبرة الكاملة وتوقفت عن التحسّن واكتساب أي خبرات جديدة. وأضاف الباحثون أنه من خلال هذا التدريب حققت الأداة (GT Sophy) أداءً رائعًا في السرعة على جميع المسارات، بمتوسط زمن دورة يعادل تقريبًا أفضل زمن حققه متسابق بشري.

ليست هذه المرة الأولى التي يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على البشر في الألعاب، فعبر السنوات الماضية ومع اختلاف الشروط تمكّن الذكاء الاصطناعي من التغلب على البشر في عدة ألعاب.

رغم أن البشر هم الذين صمموا هذه الألعاب مثل الأتاري والشطرنج والبوكر وألعاب الفضاء وغيرها، لكنهم ليسوا الأفضل في لعبها. هذه الألعاب قد تكون ألعابًا استراتيجية أو ألعابًا بسيطة (مثل ألعاب الأتاري)، لكن أداة الذكاء الاصطناعي Gran Turismo لم تكن مجرد لاعب في لعبة، بل أشبه بمحاكي قيادة يقترب من الواقعية إلى حد مبهر.

أشار الباحثون في هذه الدراسة إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد تتضمن اتخاذ القرارات بشكل آني للتفاعل مع البشر، ففي سباقات السيارات يجب على السائقين إجراء المناورات لتجنب الاصطدام في أثناء القيادة وذلك بما يتناسب مع قدرة السيارات التي يقودونها.

بالنسبة لأداة الذكاء الاصطناعي GT Sophy لم يكن الموضوع مجرد تعلم اللعبة وإتقان تكتيكاتها، فبالإضافة إلى ذلك، تعلّمت الأداة آداب القيادة والتحلي بروح رياضية في المنافسة، وعدم ارتكاب الأخطاء التي تؤدي إلى إيقاف السيارات الأخرى.

في سلسلة من السباقات التي حدثت في العام 2021 تحدى لاعبو الذكاء الاصطناعي بعضًا من أفضل لاعبي العالم بمن فيهم البطل تاكوما ميازونو، وفي سباق يوليو تفوق لاعبو الذكاء الاصطناعي على اللاعبين البشريين بفارق الزمن لكنهم لم يتفوقوا في المنافسات المباشرة، لكن بمجرد أن أدخل الباحثون بعض التحسينات تعلّمت الأداة كيف تُطوّر أداءها وتمكّنت من الفوز في مباراة الإياب في شهر أكتوبر.

على الرغم من هذه الإنجازات، هناك الكثير من المجالات التي يمكن أن يتقدم بها الذكاء الاصطناعي ولا سيّما اتخاذ القرارات الاستراتيجية، ويمكن أن نجزم بأنه في أكثر ألعاب السباقات تقدمًا سيتفوق الذكاء الاصطناعي على أي شخص فينا.

المستقبل بالنسبة لهذا المجال ما يزال غامضًا، وقد نتمكن من استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للتحكم بالعربات الحقيقة أفضل من السائقين البشر الخبراء، بعد أن تحقق ذلك في العالم الافتراضي.

أكّد الباحثون على أن محاكاة سباقات السيارات تتطلب اتخاذ قرارات آنية ضمن بيئة فيزيائية واقعية معقدة. وقد نجح GT Sophy في هذه البيئة من خلال تدريب أدوات الذكاء الاصطناعي -وهي أفضل من جميع المتسابقين البشريين- على مختلف السيارات والحلبات.

نُشرت النتائج في مجلة نيتشر.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن للبشر التفاعل مع الروبوتات وتعليمها المهارات الاجتماعية؟

تقنية جديدة تمنح الحواسيب الكمومية القدرة على إصلاح الأخطاء بنفسها

ترجمة: أحمد عضيم

تدقيق: آلاء رضا

المصدر