تعرف الرافعة المالية ببساطة بأنها استخدام الأموال المقترضة للاستثمار، ويسمح استخدام الرافعة المالية بعدة أشياء من شراء المنازل إلى المضاربة في سوق الأسهم.

تستخدم الشركات الرافعة المالية على نطاق واسع لتمويل نموها، وتستخدم العائلات الرافعة المالية على شكل قروض الرهن العقاري لشراء المنازل، ويستخدمها المستثمرون المحترفون لتعزيز استراتيجياتهم الاستثمارية.

سنعرض فيما يلي الأنواع المختلفة للرافعة المالية، إذ يختلف معنى الرافعة المالية اختلافًا طفيفًا عند ذكرها في مجالات التمويل والاستثمار والأعمال التجارية، ولكن الرافعة المالية في كل الحالات هي استخدام الدين للمساعدة في تحقيق هدف مالي أو تجاري. وتوجد أربعة أشكال للرافعة المالية.

1- الرافعة المالية في الأعمال التجارية

تستخدم الشركات الرافعة المالية لإطلاق مشاريع جديدة أو لتمويل شراء مخزون أو لتوسيع عملياتها. يُعد اقتراض الأموال بالنسبة إلى العديد من الشركات أكثر نفعًا من إصدار الأسهم أو بيع الأصول من أجل تمويل عملياتها، فلا تحتاج الشركات إلى التخلي عن حصص في ملكية الشركة عندما تستخدم الرافعة المالية (بإصدار سندات أو أخذ قروض)، وذلك ما يحدث عندما تُدخِل الشركة مستثمرين جددًا أو عندما تصدر المزيد من الأسهم.

كثيرًا ما تفيد الرافعة المالية الشركات الصغيرة والشركات الناشئة التي قد لا تملك رأس المال، وذلك بقروض الشركات الناشئة وبطاقات الائتمان التجارية التي تسمح بتمويل عمليات تجارية وإطلاق الشركة لكسب الأرباح، وعند الحصول على قرض أو أي نوع من الائتمان تكون مدفوعات الفائدة معفاةً من الضرائب ما يجعل استخدام الرافعة المالية عمليًا جدًا.

عندما يقيّم المستثمرون الأعمال التجارية فهم دائمًا ما يأخذون الرافعة المالية والرافعة التشغيلية بالحسبان.

إذ تشير الرافعة المالية إلى العلاقة بين ديون الشركة وكمية الأموال التي يستثمرها المساهمون. يعد هذا الرقم مهمًا جدًا لأنه يعطي مؤشرًا على قدرة الشركة على سداد ديونها بالأموال التي جمعتها، وتعد الشركة التي تملك نسبة دين مرتفعة أكثر خطورة للاستثمار من تلك التي تملك نسبة ديون منخفضة.

أما مصطلح الرافعة التشغيلية فلا يشير إلى نسبة الدين وإنما يقصد به نسبة التكاليف الثابتة إلى التكاليف المتغيرة، فالشركات ذات النفقات المستمرة العالية (كالشركات التي تعتمد على التصنيع) لديها رافعة تشغيلية مرتفعة، وتشير الرافعة التشغيلية المرتفعة إلى أن الشركة ستواجه صعوبة في جني الأرباح في حال واجهت بعض المشكلات، ذلك لأن التكاليف الثابتة مرتفعة نسبيًا.

2- الرافعة المالية في التمويل الشخصي

عندما يتعلق الأمر بالأموال الشخصية فمن المذهل معرفة عدد الحالات التي تُستعمل الرافعة المالية فيها، فعند اقتراض أموال للاستحواذ على أحد الأصول أو لزيادة الأموال فهو استخدام للرافعة المالية، ومن الممكن استخدامها في الحالات التالية:

شراء المنزل: شراء منزل برهن عقاري هو استخدام للرافعة المالية لشراء العقار، وبمرور الوقت تُكتسب حقوق ملكية العقار بسداد دفعات الرهن العقاري.

القروض الطلابية: عند اقتراض المال لدفع تكاليف الجامعة فهو دين للاستثمار في التعليم والمستقبل، وبمرور الوقت تعزز الشهادة الدراسية القدرة على كسب المال، ما يتيح راتبًا أعلى ومن ثم القدرة على استرداد الاستثمار الأولي بسرعة.

شراء السيارة: يُعد قرض السيارة أحد أشكال الرافعة المالية الذي يجب استخدامه بحذر، لأن السيارات تصنف ضمن الأصول التي تفقد قيمتها مع مرور الوقت.

لكن الحاجة إلى شراء سيارة تكمن في تخفيف تكاليف النقل بغض النظر عن عائد الاستثمار النهائي وراء عملية الشراء، فقد يكون شراء السيارة ضروريًا لكسب المال.

من المهم معرفة إيجابيات الرافعة المالية وسلبياتها قبل استخدامها في الحياة الشخصية، فقد يؤدي الدخول في الديون إلى عواقب وخيمة خاصة عند عدم القدرة على سداد الديون، ما قد يعرض الشخص للحجز العقاري أو لسحب الملكية.

3- الرافعة المالية في مجال الاستثمار

مع أن استخدام الرافعة المالية في الاستثمار قد يعرض المستثمر لمخاطر كبيرة، فإنها تعد من الأدوات القوية التي تساعد المستثمرين لزيادة عائداتهم، وتسمى الرافعة المالية في مجال الاستثمار بالشراء بالهامش، وهي تقنية استثمارية يجب استخدامها بحذر خاصة عند المستثمرين عديمي الخبرة نظرًا لاحتمالية الخسارة الكبيرة.

 الشراء بالهامش:

استخدام الأموال المقترضة لشراء الأوراق المالية، وذلك بإنشاء حساب هامش وهو أحد الأنواع الشائعة للحسابات الاستثمارية.

من الممكن اقتراض الأموال في حساب الهامش للدخول باستثمارات أكبر من الممكنة باستخدام كمية قليلة من الأموال الشخصية. تعمل الأوراق المالية والسيولة في الحساب ضمانًا على القرض، ويفرض الوسيط عادةً فائدة. يؤدي الشراء بالهامش إلى تضخيم المكاسب أو الخسائر التي ستقع مستقبلًا، فالشراء على الهامش حين يكون أداء الاستثمار سيئًا قد يخفض قيمة الأوراق المالية إضافةً إلى الدين بقيمة الهامش والفائدة أيضًا.

من الممكن عمومًا اقتراض ما يقارب 50% من قيمة استثمارات الهامش، ما يعني أنه من الممكن عمليًا مضاعفة القوة الشرائية.

قد يطلب الوسيط إيداع المزيد من الأموال في الحساب إذا انخفضت قيمة الأسهم، وذلك لتلبية الحد الأدنى للاستثمار، ويستطيع أيضًا أن يبيع الأسهم الموجودة في الحساب دون الرجوع إلى صاحبه وذلك لإعادة الحساب إلى وضع جيد.

 صناديق الاستثمار التي تتداول بالرافعة المالية ETFs:

تسمح هذه الصناديق باستخدام الرافعة المالية في الاستثمار دون الحاجة لاستخدام حساب الهامش، تستخدم صناديق الاستثمار التي تتداول بالرافعة المالية الأموال المقترضة لمحاولة مضاعفة المكاسب في مؤشراتها المرجعية، هذا يعني أنه إذا ارتفع المؤشر بنسبة 1% فقد تكسب 2% أو 3% والعكس صحيح، من الممكن أن تتضخم الخسارة من 1% إلى 2% أو 3%. من المهم ملاحظة أنه في معظم الأيام تتحرك المؤشرات الرئيسية مثل S&P 500 بنسبة أقل من 1% في الاتجاهين ما يعني أنه غالبًا لن تشهد مكاسب أو خسائر ضخمة مع هذا الشكل من الاستثمار.

تعد صناديق الاستثمار التي تتداول بالرافعة المالية (ETFs) مؤسسة قائمة بحد ذاتها، ما يعني أن رسوم الاقتراض والفائدة تحدث داخل الصندوق نفسه، لذلك لا داعي للخوف من تكبد خسارة أكبر من قيمة الاستثمار الأساسي، وهذا ما يجعل هذه الصناديق نهجًا أقل خطورة من حسابات الهامش، لكن صناديق الاستثمار بالرافعة المالية مناسبة للاستثمار القصير الأجل، فمعظم المستثمرين يحتفظون بالاستثمارات في هذه الصناديق لمدة لا تتجاوز عدة أيام.

 استخدام الديون للاستثمار:

يشير مصطلح الرافعة المالية في الاستثمار الشخصي عادةً إلى الشراء بالهامش ولكن بدلًا من ذلك يحصل البعض على قروض أو خطوط ائتمان للاستثمار في سوق الأوراق المالية، لأنه قد يتطلب الكثير من الوقت لتوفير ما يكفي من المال لتأمين الحد الأدنى من الاستثمارات، وبالوسع الحصول على المبلغ المطلوب للبناء المحفظة على الفور باستخدام هذا الأسلوب.

من أكثر الاستراتيجيات الاستثمارية القائمة على الديون شيوعًا:

  •  قرض شراء المنزل: يستفيد بعض الأشخاص من ملكية منازلهم فيأخذون قرضًا بضمان منزلهم للحصول على المال اللازم للاستثمار، مع هذا النهج يستطيعون الحصول على مبلغ نقدي مقطوع للاستثمار كما يحلو لهم، لكنه يُعد نهجًا محفوفًا بالمخاطر، لأنه لا يخاطر بخسارة أموال الاستثمار وحسب، بل يعرض المنزل للخطر إذا تأخر سداد الدفعات.
  •  قرض شخصي: يؤهل الائتمان الجيد صاحبه للحصول على قرض منخفض الفائدة، عادة ما تكون القروض الشخصية مضمونة دون الحاجة إلى استخدام الأصول ضمانةً، لكنهم عادة ما يتقاضون فائدة مع شروط سداد قصيرة نسبيًا، ما يعني أنه يجب أن يربح الاستثمار بنسبة أعلى من نسبة الفائدة المفروضة لتحقيق الربح.
  •  استخدام سلفة نقدية من بطاقة الائتمان: من الممكن الحصول على سلفة من البطاقة الائتمانية واستثمار الأموال في حال كانت البطاقة منخفضة الفائدة، ولكن عادة ما تخضع السلف النقدية لمعدل فائدة أعلى من تلك التي تخص الشراء، وغالبًا ما تخضع إلى رسوم إضافية، ما يحتاج إلى كسب عوائد كبيرة لجعل هذا النهج يستحق العناء.

4- الرافعة المالية في التداول الاحترافي

يأخذ المستثمرون والمتداولون المحترفون مستويات أعلى من الرافعة المالية للحصول على أرباح أعلى على استثماراتهم.

تمنح الرافعة المالية للمستثمر مرونة أكبر في إدارة الأموال المستثمرة وتوجيهها، فيستطيع المستثمر باستخدام الرافعة المالية زيادة قوته الشرائية والاستثمار في المزيد من الشركات في وقت واحد باستخدام مبالغ مالية صغيرة.

لا يخضع المتداولون لنفس المتطلبات التي يخضع لها المستثمرون العاديون، فيستطيع المتداولون في سوق العملات الأجنبية مثلًا الاستثمار بقيم تعادل 500 ضعف حجم الإيداع. قد يؤدي هذا الفرق بين حجم الإيداع والهامش إلى خسائر كبيرة، لذا من الأفضل ترك هذه الاستراتيجية للمتداولين الخبراء.

الخلاصة

يتيح اقتراض الأموال للشركات والأفراد عدة استثمارات قد تكون بعيدة المنال، وقد تكون الرافعة المالية الطريقة الوحيدة لشراء السلع والأصول المرتفعة الثمن كالمنازل والتعليم الجامعي.

ومع أن الرافعة تتيح الكثير من الفرص، فقد تكلف أكثر مما نفترض، خاصة عند عدم القدرة على مواكبة مدفوعات الفائدة.

اقرأ أيضًا:

الركود الكبير عام 2008: كيف حدث؟ ولماذا؟

الإقراض بالفائدة

ترجمة: نور اتش اوغلي

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر