لا نعلم ما إذا كان أحدٌ قد اضطر سابقًا لغسل الأطباق في مطبخ مطعمٍ ما أو التخلص من أكياس القمامة تعويضًا عن عدم دفع فاتورته في المطعم، أم أنه مجرد مشهد في الأفلام لا أكثر.

نؤكد أن هذا لن يحدث في أيامنا هذه، وتحديدًا في مطابخ المطاعم الفاخرة التي تدرب عمالها المشمولين بالتأمين بحرفية عالية.

إذا استبعدنا فكرة غسل الأطباق، فكيف تتعامل المطاعم مع الزبائن الذين لا يستطيعون دفع فواتيرهم؟

تحدثنا مع اثنين من مالكي المطاعم العريقة للحصول على الجواب الشافي حول كيفية تعامل مالكي ومديري المطاعم مع تلك المواقف غير المألوفة.

قال ماثيو بريت أستاذ في جامعة جونسون وويلز وصاحب الخبرة الكبيرة في إدارة المطاعم والمالك الجزئي للعديد من مطاعم واشنطن الراقية إن 99.9% من الحالات تُدفع بواسطة شخص آخر يتناول العشاء في المطعم، لكن عند عدم تمكن الزبون من دفع فاتورته حقًا، ينظر المديرون عادةً للأمر بحسن نية، لأن الزبون الذي يخطط مسبقًا لتناول عشائه والهروب، سيفعل فعلته هذه قبل وصول الفاتورة غالبًا.

يضيف بريت: «بصفتنا متخصصين في مجال الضيافة، فإننا نبذل قصارى جهدنا لنشعر الزبون غير القادر على دفع فاتورته ببساطة الأمر، بل نعده بأننا سنحاول حله سويةً. مع ذلك، يبقى الموقف محرجًا بعض الشيء بالنسبة له».

يعي بريت جيدًا موقف الطرف الآخر، إذ إنه سافر مرةً بقصد العمل إلى الدنمارك دون إخبار البنك الذي يتعامل معه بذلك، وحين همّ بدفع فاتورة باهظة الثمن في أحد المطاعم، رُفضت بطاقته وهو على بعد آلاف الأميال من بلده. يصف بريت الموقف بقوله: «لم أنوِ التهرب من دفع فاتورتي على الإطلاق. كدت أفقد صوابي يومها، لكن لحسن الحظ استطعت التواصل مع البنك للسماح لي بالدفع ببطاقتي خارج البلاد».

إذا كان مبلغ الفاتورة صغيرًا فسيدفعه المطعم نفسه

يقول شون بوشر المؤلف في مجال الطبخ وصاحب الخبرة الكبيرة في المطاعم وإدارتها الذي كان آخرها مطعم بوريتو للوجبات السريعة إن وجود زبون غير قادر على دفع فاتورته لا يعد أمرًا متكرر الحدوث، لكنه قد يحدث بالتأكيد. في معظم الحالات، يتكفّل المطعم نفسه بدفع فاتورة الزبون غير القادر على ذلك.

يضيف بوشر: «تتصرف إدارة المطعم عمومًا بالطريقة الأنسب التي تحفظ ماء وجهها، فتشطب الفاتورة وتلغيها، إذ إن تحمل المطعم لتكاليف العشاء أقل خسارةً من الدخول مع الزبون في جدل بيزنطي أو إرسال الفاتورة إلى بريده الشخصي، تحديدًا إذا ما كنت الفاتورة قليلة نسبيًا».

يقول بريت بهذا الصدد: «يضع كل مطعم هامش تكاليف إضافية في الميزانية، تذهب عادةً إلى عمال المطعم أو الأصدقاء أو الشخصيات الهامة. تسعى إدارة المطعم عمومًا إلى عدم المساس بهذا الهامش، لكن إذا تخلف أحد الزبائن عن دفع فاتورة عشائه التي لا تزيد عن 20 دولارًا فقد يلجأ المدير لدفعها وتُسجل على هامش التكاليف الإضافية، فالأمر لا يستحق الأخذ والرد مطولًا».

الضمانات بدل النقود

يقول بريت إن تكفل المطعم بدفع وجبة لا تزيد قيمتها عن 20 دولارًا لن يضر بميزانيته طبعًا، لكن إذا ما أحب الزبون أن يستمتع بوجبته دون أن يدفع فاتورته البالغة 75 دولارًا، فستتغير نبرة الحديث معه بكل تأكيد.

إذا تعرف موظفو المطعم على العميل لكونه زبونًا دائمًا للمطعم، من المحتمل حينها أن يُترك ليذهب إلى أن يُحل الأمر بينهما لاحقًا. أما إذا كان العميل غير القادر على دفع فاتورته زبونًا جديدًا يتناول العشاء للمرة الأولى، فقد يطلب منه رهن أحد مقتنياته الشخصية ضمانًا يجبره على العودة لدفع الفاتورة لاحقًا.

يؤيد بريت الفكرة، فبحسب رأيه أن الناس يحملون الكثير من المقتنيات التي تصلح لأن تكون ضمانًا في أيامنا هذه، مثل أجهزة الأيفون وساعات أبل، التي غالبًا ما تزيد في قيمتها عن قيمة العشاء الذي تخلفوا عن دفع فاتورته، ما يجبر العميل على العودة لدفع الفاتورة بكل تأكيد.

يقول بريت إن الاتصال بالشرطة هو الحل الأخير بالنسبة لإدارة المطعم، ويجب تجنبه قدر الإمكان، إذ إن وجود ضباط بزي الشرطة الرسمي في المطعم قد يخلق جوًا من عدم الارتياح في مكان يقصده العامة بغرض الاستمتاع والترفيه.

لماذا لا يستطيع العميل غسل الأطباق في المطبخ بدلًا من دفع فاتورته؟

بسبب رفض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لذلك في المقام الأول، التي تنص على عدم السماح لغير المختصين في إعداد الطعام بتحضير الطعام أو تخزينه أو غسل المعدات التي يوضع بها، وهي خطاب صريح للغاية للدلالة على عدم التصريح بدخول المطبخ للأشخاص غير المؤهلين.

من جهة أخرى، تُصمم مطابخ المطاعم الحديثة بدقة في يومنا هذا، مع تحديد المكان المخصص للسكاكين والأفران الحارة والسوائل الساخنة. يعد دعوة أحد الأشخاص غير المؤهلين للدخول إلى مطبخ المطعم مؤهبًا لوقوع حادث يجر الموقف إلى التورط في دعوى قضائية لم تكن بالحسبان.

يقول بوشر إن هذا لن يحدث أبدًا في المطاعم الفاخرة، التي تتفادى الكثير من المتاعب التي قد تحصل بسبب تعرض العميل لأذية ناتجة عن دخوله إلى المطبخ.

يشمل تأمين المطعم عادةً الموظفين العاملين لديه والزبائن الذين قد يتعرضوا لوعكة صحية ناتجة بسبب الطعام، في حين لا يشمل التأمين زبونًا علقت يده في آلة غسل الأطباق على سبيل المثال.

اقرأ أيضًا:

روبوت يطهو الطعام، ويتذوقه أيضًا!

هل يغير تصميم السوبرماركت طريقة تسوق الأفراد؟

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر