من الصعب عدم تشكيل صور أو مفاهيم حول الناس بناءً على الآراء السياسية. ومن ثم قد تشتد حدة الكلام قليلًا عند التطرق لموضوع الهجرة عند التحدث مع صديق محافظ، أو التحدث عن استعراض الأسلحة مع صديق ليبرالي. لكن الاستنتاجات -الفضفاضة للغاية- حول الآخرين قد تكون مكلفة.

تظهر ورقة بحث جديدة أن معرفة الآراء السياسية لشخص ما قد تؤثر في الطريقة التي نقوم بها بتقييم المعرفة غير السياسية لهذا الشخص. في عدد من التجارب الإلكترونية، استجاب المشتركون لبعض من الأسئلة حول قضايا سياسية وتعلموا عن مواقف العديد من “المصادر” غير المرئية، وأجروا تجربة تتضمن مهمة تصنيف الرموز، وراقبوا ما إذا أعطت المصادر الاستجابة الصحيحة لها.

سعى لاحقًا المشاركون للفوز بمكافأة صغيرة عبر إكمال مهمة الرمز بشكل صحيح. سُمح لهم بالاطلاع على أحد المصادر التي أمنت الإجابة لهم، وكان عليهم ببساطة أن يستعينوا بالمصادر التي كانت أفضل اختيار للمهمة لتحقيق النجاح. لكن بدا أن السياسة شكلت ميولهم ولطخت اختياراتهم.

بشكل نسبي، فإن أولئك الذين كانوا أقل ميلًا للاستعانة بمصدر سياسي غير متوافق مع آرائهم، كانوا أكثر ميلًا للاستعانة بمصدر مشابه لآرائهم السياسية يُعطي أجوبة عشوائية.

السياسة أعمت عيونهم: كيف تؤثر الآراء السياسية على علاقتنا مع الآخرين تقييم آراء الأشخاص الآخرين المحافظون والليبراليون النقاشات السياسية

تقول تالي شاروت Tali Sharot، عالمة الأعصاب المعرفية في University college of London وإحدى مؤلفي الدراسة: «عندما نظن أو نشعر بأن الشخص مشابه لنا فقد نعطي ثقة بمصداقيته “نقاط المكافأة”». تشتبه شاروت أن ما وجدته يعكس تأثير الهالة Halo Effect، وأضافت: «إن ظننت أن أحدهم لديه إحدى الصفات التي تقدرها أو تعتبرها ثمينة، فإن ذلك يمتد أو ينطبق على بقية صفاته».

قد يمتلك هذا الانحياز عواقب حقيقية، إذ يقترح الباحثون أنه يقودنا إلى حذف المعلومات القيمة من الخبراء أو وسائل الإعلام بناءً على آرائهم السياسية.

يفسر رايان مكاي Ryan McKay -عالم نفس في جامعة رويال هولواي في لندن Royal Holloway University of London- الذي اطلع على الدراسات: «قد نشعر بأننا بنينا أسبابنا وحللنا بشكل منطقي المشاكل أو الأشياء بطريقة تجعلنا نخمن أو نظن أن الشخص منطقي مثلنا إذا وصل لنفس أسبابنا وتحليلاتنا، لكن هذا التخمين قد يكون خاطئًا».

وربما تكون الاستنتاجات أو الاستدلالات الاجتماعية التي تبدو آمنة مضللة. ففي دراسة أجريت بعد الترشحات الانتخابية الأميركية عام 2016، ظن ناخبو هيلاري كلينتون أن الهجرة -وهو الموضوع الذي تكلم عنه ترامب كثيرًا بشكل واضح ومحدد- موضوع بالغ الأهمية بالنسبة لناخبي ترامب أكثر من مؤيديه. قد تمنعنا الأحكام المتسرعة من معرفة ما يهم الأشخاص الذين يختلفون في التصويت حقًا.

تقول الباحثة في مدرسة إدارة الأعمال IESE Business School كيت باراسز Kate Barasz التي شاركت في الدراسة: «أظن أن زيادة الثقة بالنفس عامل خطير، إذ يسمح لنا بالتهرب من النقاش».

اقرأ ايضًا:

ما هي دورة الأعمال التجارية ؟

ما هي الليبرالية الكلاسيكية ؟

العلم يحذر، يجب أن نعيد التفكير بأنظمتنا الاقتصادية لإنقاذ أنفسنا

هذه البلدان العشرة في طريقها لتصبح قنابل سكانية موقوتة

ترجمة: إيلي عساف

تدقيق: مينا خلف

المصدر