إنَّ البشر بنصف حجم الذين عاشوا قبل حوالي 700000 سنة تقريبًا، حيث من المؤكد أنَّهم كانوا أسلاف ( الهوبيت – Hobbits) الغامض الذي وُجِدَت أحافيره في جزيرة إندونيسية عام 2013، وقد ذُهِلَ العلماء باكتشافهم هذا.

وقد نُشِرَت دراستان في مجلة الطبيعة، ملئتا ثغرة كبيرة في فهمنا لهؤلاء البشر صغيري الحجم الذين انتهت ملحمة تطورِهم الشاقَّة قبل حوالي 50000 سنة.

وعزَّز وجود المسافات الصغيرة لأسنان وعظام بالغ وطفلين نظرية أنَّ الهوبيت، المعروف لدى العلماء باسم (إنسان فلوريس-Homo floresiensis)، قَدِمَ لجزيرة (فلوريس- Flores) كنوعٍ مُختلف وأكبر حجمًا لأشباه البشر أو الرجل البدائي وعلى الأرجح قبل حوالي مليون سنة.

وبعدها حدث شيءٌ غريب. فقد تقلَّص هذا الكائن جيلًا بعدَ جيل إلى أن أصبح بالكاد نصف وزنه وطوله الأصليين.

وفي عمليةٍ يُطلق عليها (تقزُّم الجزيرة- island dwarfism)، وهي ظاهرةٌ معروفةٌ لدى الحيوانات حيثُ يتقلَّص حجم الكائنات إلى سُدسِ حجمهم الأصلي تكيُّـفًا مع الظروف البيئيَّة ذات الموارد القليلة.

وفي الواقع فقد كانت جزيرةُ فلوريس أيضًا موطنًا لكائناتٍ تُشبه الفيلة الصغيرة والتي تم اصطيادها إلى حد الانقراض من قِـبَـل بشر صغيرو الحجم يُدعَون بـ (Stegodons)*.

وهذا هو أولُ دليلٍ دامغٍ على أنَّ البشر قد تقلَّص حجمهم بعد أن تقطَّعت بهم السُبل بقطعة من الأرض تحوَّلت إلى جزيرة بارتفاع منسوب مياه البحار.

وقد تم مناقشة أصل الصنف البشري الذي يُعرف بالهوبيت، وهو مُشابهٌ للإنسان الطبيعي باختلاف طول القامة، منذ اكتشافه في عام 2004. وقد كشفت الأحافير عن أسلاف الهوبيت وساعدت على فهم تاريخهم.

ويقول (آدم برام- Adam Brumm)، عالِم آثارٍ في مركز أبحاث تطوُّر الإنسان في (جامعة جريفيث- Griffith University) في ولاية كوينزلاند- أستراليا والمؤلف الرئيسي لأحد الدراسات: «الهوبيت حقيقيون».

وأضاف: «كان الهوبيت من الأصناف القديمة للبشر والتي انقسمت إلى ما نحن عليه الآن، وإلى صنفٍ آخر لم يعد موجودًا على الأرض اليوم».

وقد عُثِرَ على أحافير جديدة في وسط فلوريس في عام 2014، تَبعدُ نحو 100 كيلو متر (70 ميلًا) عن تلك الأحافير الأخرى التي اكتشفت في عام 2003.
وقد قدَّم هذا الاكتشاف إجاباتٍ جزئيَّةٍ لأسئلة رئيسيَّة: من أيّ صنفٍ تطوَّر الهوبيت؟ وكم هي المُدة الزمنيَّة التي استغرقها للتقلُّص؟

يقول برام: «لا يزالُ هناك اثنين من سيناريوهات التطوُّر المعقولة بشأن أُصولهم».

كما قال لوكالة فرانس برس: «الأول، أنَّ الهوبيت يُمثِّـل نوعًا من صنفِ البشر مُنتصب القامة مُتضائل الحجم من جزيرة (جاوة- Java)».

يَبلغُ الإنسانُ مُنتصبُ القامةِ ما يصل إلى 1.8 متر (ستة أقدام) من طول القامة، ويصلُ وزنه إلى 70 كيلو غرامًا (154 باوندًا)، ويُعتقد أنَّه أول جِنسٍ بشري تجرَّأ على الخروج من إفريقيا.

مُفاجأة هائلة:

تمَّ العثور على عينة تعودُ إلى نحو 1.2 مليون سنة ماضية، عندما كان معظم الأرخبيل الإندونيسي أرضًا واحدة، والتي وُجِدَت على جزيرة جاوة في أواخر القرن التاسع عشر.

وقال برام: «التشابهُ في الأسنان يُشير إلى أنَّ أصلها يعودُ إلى إنسان فلوريس».

«وتُفيدُ النظريَّة البديلةُ بأنَّ هذه الكائنات التي قد انحدرتْ منذُ زمنٍ طويل قد عانتْ من إشعاعِ كائناتٍ أقدمُ منها ذاتُ عِظامٍ صغيرةٍ شبيهةٌ بالإنسان من إفريقيا».

وذكرَ الباحثون أنَّهم الآن قد وضعوا جانبًا نظريةً تُفيدُ بأنَّ إنسان فلوريس كان في الواقع من البشر المُعاصرين الذين تضائلوا في الحجم بفعلِ المرض أو الاضطرابات الوراثــيَّة.

وقد صرَّح (جيرت فان دي بير- Gert van der Bergh)، الذي ترأَّس عملية التنقيب وأستاذٌ في مركز العلوم الأثريَّة في (جامعة ولونغونغ- University of Wollongong): «قام هذا الاكتشاف بإبطال أيّ شُكوكٍ وبشكلٍ نهائي حول كون إنسان فلوريس مَحضُ إنسانٍ عاقلٍ مريض».

وقد كان الشيءُ الأكثر دَهشةً أنَّ العينات التي اُستخرجت مؤخرًا لم تكن أكبر حجمًا من تلك التي لا زالت تعيش على الجزيرة منذ أكثر من 600 ألف سنة.

كما وذكر (يوسوك كايفو- Yousuke Kaifu)، عالمٌ في المتحف الوطني للطبيعة والعلوم في طوكيو والذي شاركَ في تأليف البحث، «لقد دُهِشتُ عندما رأيتُ هذه الأحافير الجديدة لأول مرَّة».

وأضاف: «إنَّ من المُتوقع تشبيه أيّ شيءٍ بهذا القِدَم للإنسان المُنتصب أو بعض الأنواع الأخرى الأكثر بدائية».

كما وقال برام مُضيفًا: «إن ما عثرنا عليه كانَ مُفاجأةً كبيرة».

«وهذا يُشير إلى أنَّ إنسان فلوريس هو نوعٌ قديمٌ جدًا وقد تطوَّر إلى حجمه الصغير على جزيرة فلوريس في وقتٍ مُبكرٍ جدًا، ومن المُحتمل أن تكون بعد وصوله إلى الجزيرة قبل حوالي مليون سنة».

* Stegodons: هي كائنات مُنقرضة


إعداد: شيرين نزار – رزان بن سلمان – زينب الانصاري

تدقيق: هبة فارس

المصدر