يتبع العلاج النفسي الغشتالتي نهجًا يتمحور حول المُراجع، إذ يوجهه نحو صب تركيزه على الحاضر وفهم أحداث واقعه الحالي، بدلاً من استناد الفرد إلى تجاربه السابقة لتفسير ما يدور من حوله. يعتمد هذا النوع من العلاج النفسي على إحياء المواقف السابقة من جديد عن طريق إعادة تمثيلها عوضًا عن الحديث عنها فقط، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق أهداف العلاج المتمثلة فيتحسن إدراك المُراجع للآليات التي تؤثر بها أنماط تفكيرهم وسلوكياتهم السلبية على حياتهم فتبني حاجزًا بين الفرد ووعيه الذاتي الحقيقي وتصبغ حياته بالحزن المستمر.

متى يُستخدم؟

يساعد العلاج الغشتالتي المُراجعين الذين يعانون مشكلات متنوعة مثل القلق والاكتئاب والخلل في تقدير الذات، وصعوبات في العلاقات، إضافةً إلى المشكلات الجسدية مثل الصداع النصفي والتهاب القولون التقرحي وتشنجات الظهر. تتضمن قائمة المرشحين للاستفادة من العلاج الغشتالتي أولئك المهتمين بتحسين وعيهم الذاتي لكنهم قد واجهوا صعوبات في فهم آلية تسبّبهم في جزء من تعاستهم وعدم ارتياحهم. غالبًا ما تُستخدم تقنيات العلاج الغشتالتي جنبًا إلى جنب مع الأعمال الجسدية والرقص والفن والدراما وربما أنواع أخرى من العلاج النفسي.

العلاج النفسي الغشتالتي - يعتمد الشخص على صب تركيزه على الحاضر وفهم أحداث واقعه الحالي - القلق والاكتئاب والخلل في تقدير الذات

ماذا نتوقع من العلاج الغشتالتي؟

يركز المعالج الغشتالتي على الأحداث الحالية وإيجاد الحلول في الزمن الحاضر، إذ سيشجعك المعالج على إعادة تمثيل حدث سابق في حياتك ومناقشة شعورك الآني تجاه هذه العملية، عوضًا عن الاكتفاء بمناقشة سبب حدوثه. بعبارة أخرى، سيُطلب منك إعادة اختبار مشاعرك بدلًا من مجرد التحدث عنها. قد يعمد المعالج أيضًا إلى توجيه أسئلة معينة، مثل «ما الذي يحدث في هذه اللحظة؟» أو «كيف يجعلك هذا تشعر الآن؟»، ولا ننسى لجوء بعض المعالجين إلى تجربة تقنيات أخرى، مثل عمل الحلم، والتخيل الموجه، ولعب الأدوار، والمواجهة، وغيرها من التقنيات والتي قد تساعد في إعادة إحياء صراعات الماضي والحاضر ضمن البيئة العلاجية، وعليه يتمثل هدف المُراجع، مع ارتفاع مستوى وعيه بنفسه وبحواسه في سياق العملية العلاجية، وتحمله مسؤولية نفسه تحملًا أكبر، وتقبله العواقب المترتبة على سلوكه وتصرفاته، وتعلمه تلبية احتياجاته الخاصة مع الاستمرار في احترام احتياجات الآخرين.

ما آلية العلاج الغشتالتي؟

من الجدير بالذكر أن كلمة «غِشتالت» تعني الكلّ، وأن المعالج النفسي فريتز بيرلز يقف وراء تطوير العلاج الغشتالتي مستندًا في عمله إلى المبدأ التالي: من الأفضل أن يُنظر إلى البشر على أنهم كيان كامل يتألف من الجسد والعقل والروح، ونستطيع فهمه فهمًا أفضل عند معاينته من منظوره الشخصي، دون العودة إلى الماضي بل عبر جلب الماضي إلى الزمن الحاضر. يؤكد العلاج الغشتالتي أن مناقشة المشاعر السلبية مثل الغضب والألم والقلق والاستياء لا تكفي للتخفيف من حدتها ووطأتها على الفرد، بل يجب التعبير عنها بفعالية في الوقت الحاضر، لأن الامتناع عن ذلك قد يتسبب في ظهور أعراض نفسية وجسدية.

آمن بيرلز أننا لم نوجد في هذا العالم للارتقاء إلى مستوى توقعات الآخرين، ولا لأن نتوقع من الآخرين الارتقاء إلى مستوى توقعاتنا. يساعد العلاج الغِشتالت المُراجعين على فهم أنفسهم فهمًا أفضل عبر بناء الوعي الذاتي، إضافةً إلى إدراك تأثير الخيارات التي يتخذونها على صحتهم وعلاقاتهم. يبدأ المُراجع بفهم العلاقة بين ذاته العاطفية وتلك الجسدية متسلحًا بمعرفة الذات هذه، إلى جانب تعزيز ثقته بنفسه لبدء عيش حياة أغنى والتعامل بفاعلية أكبر مع المشكلات.

ما صفات المعالج الغشتالتي الذي يجدر بك البحث عنه؟

ابحث عن معالج نفسي مرخَّص وخبير ويتبع النهج الغشتالتي في العلاج النفسي، واستوفى متطلبات التعليم العام والترخيص. بعد تأكدك من امتلاك المعالج المؤهلات المطلوبة، احرص على فهمك العملية العلاجية التي يشرحها المعالج وارتياحك لها.

اقرأ أيضًا:

العلاج النفسي النسوي

العلاج النفسي بالفن

ترجمة: حسام شبلي

تدقيق: سمية المهدي

مراجعة: آية فحماوي

المصدر