مضى على وجود العلاج من بعد (أو المعالجة البعادية) بعض الوقت، لكن تأقلم المعالجون النفسيون في كل مكان مع هذا النوع من العلاج خصوصًا في فترة انتشار جائحة كوفيد 19، وعدّوه جزءًا من ممارستهم لضمان السلامة للجميع.

العلاج النفسي من بعد في أبسط أشكاله علاجٌ نفسي يُجرى عبر الهاتف أو إحدى منصات الاتصال عبر الفيديو، ويمكن استخدامه لتطبيق أنواعٍ عديدة من العلاج النفسي، وقد أثبت فاعليته بقدر فاعلية العلاج النفسي وجهًا لوجه.

ما العلاج النفسي من بعد؟

العلاج النفسي من بعد علاجٌ نفسي أو استشارة متعلقة بالصحة النفسية ويُجرى من بعد بدلًا من اللقاء الشخصي.

كيف يُجرى العلاج النفسي من بعد؟

يُجري المعالج النفسي جلسة العلاج من بعد عبر الهاتف أو محادثات الفيديو أو عبر منصة مصممة لتقديم الخدمات الصحية من بعد، إضافة إلى وجود تطبيقاتٍ مخصصة تقدم خدمة العلاج النفسي من بعد للوصول إليها باستخدام الهاتف المحمول.

يجب أن تكون المنصات التي يستخدمها المعالجون خاصة وغير موجهة للعامة مثل البث المباشر عبر فيسبوك أو ما يشابهه، فالمنصات غير الموجهة للعامة والمشفرة تحديدًا هي الخيار الأفضل لتكون منصات للعلاج النفسي.

سُمِح للمعالجين الذين يتّبعون طريقة العلاج من بعد استخدام منصات غير موجهة للعامة مثل Zoom و Google Hangouts أثناء فترة انتشار جائحة كوفيد-19.

يستخدم المعالجون أيضًا منصات توافق عليها الهيئات الرسمية لضمان أمان وخصوصية المحادثات، إضافة إلى وجود روابط خاصة لدخول محادثة الفيديو مع كلمة مرور أحيانًا.

مجريات الجلسة مماثلة لجلسة العلاج النفسي وجهًا لوجه، وتبدأ بالتعرّف على المعالج النفسي ثم طرح بعض الأسئلة والحديث عن المشكلات والمضايقات.

قد يكون التحدّث مع المعالج النفسي عبر الشاشة أو الهاتف غريبًا في البداية، لكن هناك بعض النصائح التي يمكن اتباعها لتزيد سهولة الأمر مثل:

  •  الحفاظ على الخصوصية باختيار مكانٍ حيث لا يستطيع أحد سماع المحادثة.
  •  إيجاد مكانٍ خالٍ من المشتتات للمساعدة في التركيز على الجلسة.
  •  قد يساعد ارتداء سماعات الأذن في التخلص من الضجيج الموجود في الخلفية.
  •  إبقاء دفتر قريب لتدوين الملاحظات عند الحاجة، فقد يجد البعض صعوبة في تذكر ما يقال عبر شاشة أحيانًا.
  •  سؤال المعالج النفسي أي أسئلة تتعلق بكيفية سير العلاج وما الذي يمكن توقعه في النهاية وإمكانية اختلاف أهداف هذا العلاج عن أهداف العلاج وجهًا لوجه في حال المتابعة.
  •  محاولة الحفاظ على حس الدعابة، فالمعالج والعميل يتعلمان معًا كيفية سير هذا العلاج بالتدريج.

إيجاد معالجٍ يمارس العلاج النفسي من بعد

قد تكون عملية إيجاد معالج مرهقة أحيانًا، وهناك بعض الوسائل لجعلها أكثر تنظيمًا وراحة.

من المفيد تدوين ما تبحث عنه قبل البدء مثل: هل تبحث عن معالجٍ يمارس نوعًا معينًا من العلاج مثل العلاج المعرفي السلوكي؟ أتفضّل معالجًا نفسيًا ذكرًا أم معالجة أنثى؟ هل تبحث عن معالج نفسي مختص في مجال محدد؟

وهناك بعض الاقتراحات الأخرى أيضًا:

  •  الاتصال بشركة التأمين والاستفسار عما يمكن الاستفادة منه، فمن المهم فهم ما يغطيه التأمين.
  •  طلب قائمة من المعالجين الذين يمارسون العلاج من بعد ضمن المنطقة من شركة التأمين.
  •  سؤال الأصدقاء والعائلة في حال تجربتهم للعلاج من بعد أو في حال معرفتهم لمعالجين يفضّلونهم.

كيف يُستخدَم العلاج النفسي من بعد؟

يمكن استخدام المعالجة البعاديةفي معظم الحالات التي يعالجها العلاج النفسي وجهًا لوجه، وحسب بحث مرجعي من عام 2013 فالعلاج النفسي من بعد موازٍ للعلاج النفسي بالمقابلة الشخصية.

يمكن استخدامه جزءًا من العلاج في حالات الاكتئاب والقلق واضطراب الكرب التالي للصدمة وغيرها.

يزيد العلاج النفسي من بعد من فرصة إيصال العلاج للمرضى ذوي الحالات الصحية المزمنة، والمرضى الذين يخوضون رحلة التعافي من أمراض مثل السرطان، فقد يصعب التنقل إلى مكتب لتلقي العلاج النفسي، وقد تجعلهم المعالجة التي يتلقونها أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والإنتانات ما قد يجعل بقاءهم في المنزل أكثر أمانًا لصحتهم.

إضافة إلى ما سبق، يوفر العلاج النفسي من بعد لسكان المناطق الريفية الصلة بالمختصين بالصحة النفسية ومجموعات الدعم الافتراضية، وقد يكون خيارًا لخدماتٍ صحية خارج إطار الصحة النفسية مثل العلاج المتعلق باللغة والنطق والعلاج الوظيفي المهني.

قد يكون العلاج النفسي جزءًا من خطة العلاج لبعض الحالات مثل:

  •  التوحد.
  •  اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
  •  الحبسات.
  •  القلق.
  •  صعوبات التعلم.
  •  الحالات التي تؤثر في النطق.
  •  الحالات التي تؤثر في التفكير.

ما إيجابيات العلاج النفسي من بعد؟

يقدم العلاج النفسي من بعد فوائد عديدة، وقد تتنوع اعتمادًا على حاجة كل شخص وظروفه، لكن يمكن أن نذكر بعضها:

  •  من السهل أكثر الوصول للعلاج النفسي من بعد من قِبل المصابين بمرضٍ جسدي، أو المرضى غير القادرين على مغادرة المنزل، أو في حال وجود أطفال صغار في المنزل مع عدم القدرة على توفير جليسٍ للأطفال.
  •  تعرض بعض المنصات هذه الخدمة بتكاليف أقل من شركات التأمين أو عند الدفع الخاص لأحد المختصين للعلاج وجهًا لوجه مثل Talkspace أو Betterhelp.
  •  العلاج النفسي من بعد ملائم أكثر من التنقل لإجراء العلاج وجهًا لوجه، وأكثر مرونةً لاختصاره القلق المرافق للتنقل أو الانتظار.
  •  توفر المعالجة البعادية خصوصية أكبر لعدم الحاجة للجلوس في غرف الانتظار، وبدلًا منها يبقى الفرد متمتعًا بخصوصيته في منزله.

ما مساوئ العلاج النفسي من بعد؟

توجد بعض المساوئ للعلاج النفسي من بعد مثل أية طريقة من طرق تقديم الرعاية الصحية، وقد يختلف الأمر كثيرًا من شخصٍ لآخر باختلاف طريقة الحصول على الرعاية التي يفضلونها.

من مساوئ المعالجة البعادية:

  •  قد يفتقد البعض التواصل الشخصي.
  •  تختلف الإشارات المتبادلة بين المعالج والعميل في العلاج النفسي من بعد عن تلك الموجودة عند العلاج وجهًا لوجه بسبب تفاعلهما عبر شاشة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت للاعتياد على ذلك.
  •  قد يكون هناك بعض التشتيت في أثناء إجراء العلاج النفسي من بعد من الضوضاء في الخلفية أو بسبب وجود أشخاصٍ آخرين أو حيوانات أليفة.

الخلاصة:

المعالجة البعادية أداة هامة في مجال الصحة النفسية، ويستطيع أن يقدّم فعالية مماثلة للعلاج وجهًا لوجه.

رغم الحاجة إلى بعض الوقت إلى حين الاعتياد عليه فإنه ذو قيمة هامة للعديد من الأشخاص خصوصًا أولئك الذين يتعافون من مرضٍ ما أو يتعايشون مع مرضٍ ما إضافة إلى المقيمين في المناطق الريفية.

يزيد العلاج النفسي من بعد من سهولة الحصول على الرعاية اللازمة، ويمكن إجراؤه في المنزل بخصوصية تامة.

اقرأ أيضًا:

ما هو العلاج النفسي وأنماطه المختلفة ومتى يجب بدء العلاج؟

العلاج النفسي: كيف تتحضر لجلسة العلاج الأولى وما يجب توقعه؟

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: نايا كركور

المصدر