كيف تبدأ حساسية الأطفال تجاه بعض الأطعمة؟

العلماء ليسوا متأكدين تمامًا، ولكنّ الدراسات الحديثة على الفئران تُوضّح مزيجًا معقّدًا من العوامل التي قد تشكّل أحد الأسباب، وتشمل الشفرة الجينية بالتزامن مع التّعرض للأتربة، وحتّى مناديل الأطفال..

وإذا استطعنا معرفة سبب ظهور هذه الحساسيّة، فبإمكاننا اتخاذ الخطوات لمنعها في المقام الأول، وقد لاحظ الخبراء ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأشخاص الذين يعانون من الحساسيّة في العقدين الأخيرين، وعلى ما يبدو أنَّ المشكلة تزداد سوءًا..

قامت الدراسات الحديثة على اختبار مسبّبات الحساسيّة (مثل الفول) على الفئران، وأشارت إلى أنّ التعرّض للأتربة ومسببات الحساسية على الجلد قد يُحفّز – في النهاية- ردود الفعل تجاه الحساسيّة (تفاعل الجهاز المناعي مع مسبّبات الحساسيّة)، وأيّ شيء يكسر الحواجز الطبيعية للجلد (مثل الصابون في مناديل الأطفال) فقد يكون ذا تأثير.

قالت الباحثة الرئيسية وأستاذة علم المناعة (چوان كوك ميلز) من جامعة نورث ويسترن في إلينوى: «هذه وصفة لتطور الحساسية تجاه الطعام».

وأضافت : «إنّه تقدّم كبير في فهمنا لكيفية بدء الحساسية تجاه الأطعمة في وقت مبكّر من الحياة».

هناك الكثير لنستفيد منه في هذه الأبحاث، وإنّه لمن المهم أيضًا الأخذ بالاعتبار أنّ هذه العوامل المختلفة هي مجرد احتمالات، فليس من الواضح أنّ أيًّا منها سيحفّز الحساسيّة تجاه بعض الأطعمة حتمًا، ولكن من المحتمل أنّها قد تكون السّبب، فيجب إعطاء الظروف الصحيحة في كل مكان.

واحدة من هذه الظروف هي الجينات التي وُلْدنا بها، فقد وجد العلماء أدلّة سريريّة تشير إلي أنّ ٣٥% من الأطفال الذين لديهم حساسيّة تجاه بعض الأطعمة يعانون أيضًا من التهاب الجلد التأتبي (نوع من الالتهابات الجلدية ينتج عنه حكة واحمرار الجلد وهو نوع من الإكزيما)، والطفرات الجينية في هذه الحالات هي التي تسبّبت في انهيار الحواجز الطبيعية للجلد في أماكن الإصابة.

لقد طوَّرت كوك ميلز مع فريقها الفئرانَ بطفرات جينيّة مشابهة ،وبعدها عُرّضت لأنواع مختلفة من مسببات الحساسية في طريق معرفة إذا ما كان هنالك صلة بين الإكزيما وتطور الحساسيّة تجاه الأطعمة.

لم يكن هناك أيّ تأثير حتى عُرّضت الفئران للأطعمة والمواد المسببة للحساسية تجاه الأتربة بشكل منتظم وعلى مدار أسبوعين في سنٍّ مبكرة، وبعد ذلك تفاعلات من الممكن أن تُحَفِّز عن طريق إطعام الحيوانات البَيضَ أو الفول ،وذلك قبل ظهور أي أعراض خارجية لالتهاب الجلد التأتبي في الفئران.

تقول كوك ميلز : «فكرت في ما يتعرّض له الأطفال، فهم يتعرضون لعوامل بيئيّة مسببة للحساسيّة في الغبار في المنزل، فقد لا يأكلون الأطعمة المسبّبة للحساسيّة بالفعل، إلّا أنّ جلودهم تتعرض لها.

فبفرض أنَّ الأخت قبَّلت الطفل وعلى وجهها زبدة الفول السوداني ،أو أنَّ أحد الوالدين يُعدّ طعامًا أحد مكوناته الفول السّوداني، ومن ثَمَّ يتعامل مع الطفل ».

وبطرقة أخري فإنَّ تعرض الجلد (لأي من الأشياء السابقة مثلًا) قد يكون من الأسباب الرئيسة المحفّزة، مثل مناديل الأطفال فبعضها يحتوي علي مقدار مت الصابون الذي يُعرف بكبريتات لوريل الصوديوم، والتي تبقى علي الجلد وتكسُر الحاجز الدّهني الطبيعي الواقي للجلد.

وعلينا الأخذ بالاعتبار أنَّ بعض ماركات مناديل الأطفال لا تحتوي علي هذا النوع من الصابون، فهذه مجرد دراسة محدودة على الفئران، وإنَّه لمن المبكّر جدًّا فرض حظر عالميّ على تنظيف طفلك بهذه الأشياء اليدوية.

لكنّها بالتأكيد نتائج مفيدة وجديرة بالاهتمام، ومن الممكن استخدامها كأساس للأبحاث في الأطفال الرضع.

كما أنّ هذه الأبحاث تعتمد أيضًا على أبحاث أخرى، فقد أشارت دراسات سابقة إلي أنَّ التعرض لبروتينات الفول السّوداني في غبار المنازل، من الممكن أن يحفز الحساسية تدريجيًّا، وها قد أصبحت الصورة واضحة إلى حدٍّ ما.

يقول الباحثون في الوقت الحالي إنّ غسل اليدين قبل التعامل مع الأطفال يَحِدّ من استخدام مناديل الأطفال، وإنّ غسل مناديل الأطفال بالماء للتخلص من الصابون الموجود بها قد يقلّل من خطر تطوّر الحساسيّة.

يعاني أطفال الولايات المتحدة بما يقارب نسبة 6%، من حساسيّة تجاه بعض الأطعمة _تبعًا لآخر الإحصاءات_ وفي الوقت الحالي لا يوجد علاج لهذه الحالة، إلّا أنّها مجرّد محاولات لتجنّب المواد المسبّبة للحساسيّة، ولنأمل أن الأبحاث الحديثة قد تساعد الخبراء في معرفة كيفيّة بدء حدوث ردود الفعل تجاه الحساسيّة.

وقد لخَّص الباحثون هذه المعضلة بقولهم : «نحتاج لدراسات أكثر على البشر لفحص آليّات تطور الحساسيّة تجاه الأطعمة، والآليات المتّبعة لتحفيز قابلية التّحمل للأطعمة المسبّبة للحساسيّة في وقت مبكّر من الحياة».


  • ترجمة : محمود مرزوق.
  • تدقيق: سهى يازجي.
  • تحرير: ندى ياغي.
  • المصدر