العلماء أقرب من أي وقت مضى لإيجاد لقاح عالمي ضد الإنفلونزا

ويمكن الاستغناء به عن الحاجة للحقن السنوية 

أظهرت الدراسات أن لقاحًا عالميًا جديدًا ضد الإنفلونزا يمكن أن يقي من الموت، ويقلل من الأعراض لمختلف السلالات من الإنفلونزا على حيوانات التجارب المخبرية.

تم تطوير اللقاح بواسطة فريقين مستقلين من الباحثين، ويعمل اللقاح على استهداف المنطقة المستقرة والثابتة في فيروس الإنفلونزا، ما يعني أن حقنة واحدة يمكن أن تحل محل لقاحات الإنفلونزا الموسمية التي لدينا الآن، شاملة الإنفلونزا الوبائية المتفشية كإنفلونزا الطيور والخنازير.

حاليًا، ليس لدينا أي خيار إلا إعادة تفعيل لقاح الانفلونزا كل سنة، لأن اللقاح الحالي يستهدف الجزء المتغيّر من الفيروس والذي يتبدل باستمرار-الجزيء بشكل “رأس” حلوى المصاصة والذي يغلّف سطح الفايروس.

هذا الجزء لا يتغيّر أو يتبدّل بين كل موسم وآخر فحسب؛ بل في نفس السلالة من الفيروس، لذا عليك أن تحصل على حقنة من لقاح أُعيدت صياغته كل سنة، ليناسب هذا التغيير كي تبقى محميًا، ويختلف ما بين سلالات فيروسات الإنفلونزا المتواجدة حاليًا وبين السلالات الناشئة منها. هذا يعني أن اللقاح الحالي ليس فعالًا دائمًا -العام الماضي قلّل لقاح الإنفلونزا نسبة الحاجة لرؤية الطبيب بنسبة 23% فقط- كما أن اللقاح لا يتماشى مع السلالات القوية والمميتة التي تم انتقالها من حيوانات المزرعة للبشر.

«خلال موسم الإنفلونزا الأخير، التغيير في جزيء الـ(HA) على واحد من أكثر السلالات شيوعًا وانتشارًا (H3N2)، كان يعني أن اللقاح الموسمي ضد الإنفلونزا لم يقدّم الا القليل من الحماية»، هذا ما كتبته إيان سامبلIan Sample» » لصحيفةThe Guardian . وأضاف: «قالت الصحة العامة في انجلترا في فبراير، أن اللقاح الأقل فعالية من المرجّح أنه هو السبب وراء الارتفاع الشديد للوفيات جراء الانفلونزا».

يستهدف هذا اللقاح الجديد من جهة أخرى، جزيء من الـ (HA)والذي يتغيّر بسرعة أقل بكثير من الرأس. هذا ما تم نشره في صحيفة مستقلة للعلوم والطب الطبيعي، يستهدف اللقاح جذع الجزيء، والذي يتغيّر ببطء أكثر من الرأس خلال المواسم والسلالات.

يبدوا هذا حلًا واضحًا، لكن تطوير اللقاح الذي يستهدف الجذع عمل لا يستهان به. الأجسام المضادة التي ترتبط بجذع جزيء الـ(HA) بدلًا من الرأس قد تم اكتشافها عام 2008 فقط، وعندما قام العلماء بجمع هذه الأجسام المضادة وتحويلها إلى لقاح؛ لم يستطيعوا إيجاد طريقة يجعلون بها جهاز المناعة في الجسم يتجاهل الرأس ويذهب إلى الجذع.

أحد الفريقين من المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة (US National Institutes of Health)، قام بمحاولة حل هذه المشكلة عن طريق إلصاق أجزاء من الجذع على بروتين يسمى الفريتين (ferritin). عندما تم حقن اللقاح؛ قدّم البروتين نوعًا من “الغراء” والذي أبقى الجذوع مع بعضها البعض، كذلك تم إبراز وجودها للجهاز المناعي في الجسم حتى يتم استهدافها.

 

أما الفريق الآخر، من مركز كروسل للقاحات في هولندا (Crucell Vaccine Centre in the Netherlands)، فقد أدرج نسخة مغايرة من الإنفلونزا في اللقاح الخاص به عن طريق قطع الرأس من جزيء الـHA)) وتعديل الجذع حتى يتسنى للأجسام المضادة الارتباط به بشكل أكثر فعالية.

وجاء في تقرير ساره زانج «Sarah Zang» لمجلة Wired: »كلا البروتينين لجزيء الـ(HA) والمعدّلين من فيروس إنفلونزا الخنازير؛ تمكنت من حماية الفئران المصابة بسلالة ثانية (H5N1 أو انفلونزا الطيور) من خسارة الوزن خلال المرض».

وأضافت قائلة: «أنقذت جزيئات النانو كذلك أربعة من خمسة نموس (جمع نمس وهو حيوان شبيه بابن عرس) من الموت من إنفلونزا الطيور. (الذين لم يتلقوا العلاج ماتوا جميعهم). الـHA)) “المصغر” خفّض من الحمى لدى خمسة قرود مصابة بإنفلونزا الخنازير، وحثّ على استخراج أجسام مضادة من الممكن أن ترتبط بفيروس إنفلونزا الطيور».

الخطوة القادمة هي إحضار النسختين من اللقاح للتجارب البشرية، لنرى إذا ما كان من الممكن إعادة النتائج، ومع الأسف، يمكن أن يأخذ هذا العديد من السنوات. بعد ذلك سيفكّر الباحثون بطريقة يمكن تطبيقها على أغلبية سلالات الإنفلونزا لجعلها “عالمية” بالفعل، كما قالت زانج شارحة:

»أعلى مرحلة للتقسيمات قسمت الفيروسات إلى إنفلونزا A، B، C؛ إنفلونزا (A) تتضمن أكبر الفيروسات “المثيرة للشغب”. داخل تقسيمة (A) يوجد مجموعة (1) ومجموعة (2)، تم تقسيمهم بناءً على نوع الـHA)) الذي يظهر أو يتجلّى على سطح الفيروس. علاوة على ذلك، هناك 16 نوعًا فرعيًا مختلفًا من الـ(HA) تمتزج وتتصل بـ 9 أنواع فرعية من بروتين آخر يسمى نيورامينايديز (neuraminidase) ليستحدثوا سلالات كـ H3N2 أو H5N1».

حتى الآن، قام الفريقان بالعمل على سلالات المجموعة 1 من فيروس الإنفلونزا مجموعة A))، لكن هذه المجموعة هي الأسوأ بينها، والعثور على لقاح يغطي هذه المجموعة فقط سيكون رائعًا. فقط سيكون علينا أن ننتظر ونرى إذا كان من الممكن الوصول إلى هذا.