وجد العلماء حيوانًا آخر غير الأسماك يمكنه تنظيم طفوه على الماء باستخدام مثانات السباحة أو نفاخات العوم، وهو أمر بعيد عن التوقعات. الذبابة الوهمية الشفافة هي نوع من أنواع ذباب البحيرة، تنمو يرقاتها في الماء أولًا قبل أن تستطيع التحليق في الهواء، وقد اكتُشف في عام 1911 أن لهذه اليرقات الشفافة زوجان من الأكياس المملوءة بالغاز على طرفي جسمها.

لم نمتلك أي فكرة منذ أكثر من قرن عن كيفية سيطرة الحشرات على تلك الأعضاء الغريبة، أي الأكياس الهوائية، أما الآن فقد كشفت خدعة بصرية مصادفةً عن الإجابة.

لاحظ عالم الحيوان فيليب ماثيوز في عام 2018 مجموعة من اليرقات تسبح في خزان شرب ماشية مُلئ من ماء المطر.

يقول ماثيو: «وجدت هذه الحشرات الغريبة تطفو على الماء طفوًا محايدًا، وهو ما لا نرى الحشرات تفعله عادةً».

يمكن أن تطفو بعض الحشرات طفوًا محايدًا فترة قصيرة في أثناء الغوص، لكن يرقات الذبابة الوهمية الشفافة هي الحشرات الوحيدة القريبة من العوم المحايد.

على عكس الأسماك، لا يمكن نقل الأكسجين بفعالية إلى الأكياس الهوائية للذبابة الوهمية، لأن الحشرات لا تمتلك جهاز دوران مغلق يحوي خلايا الدم الحمراء الناقلة للأكسجين مثل الفقاريات.

كيف تنتفخ أعضائها وتنكمش لتحقق طفوًا محايدًا؟

أخذ ماثيوز مدفوعًا بفضوله بعض اليرقات إلى المختبر ووضعها تحت المجهر، ولاحظ عندما أسقط عليها الأشعة فوق البنفسجية لإضاءة المجهر أن الأكياس الهوائية بدأت تتوهج باللون الأزرق الساطع.

يشير اللون إلى أن الأكياس مصنوعة من بروتين يعرف باسم ريسيلين، يتميز بمرونة تشبه مرونة المطاط، ومن المعروف أن الريسيلين يتضخم في الوسط القلوي، وينكمش في الوسط الحامضي.

بدأ طالب الدكتوراه لدى ماثيوز، والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، إيفان ماكنزي تجربة جدية على الأكياس الهوائية عند اليرقات في المختبر لغرض المزيد من البحث، فبدأ بتضخيمها وتفريغها صناعيًا بتعريضها لظروف حمضية أو قلوية.

يستطيع ماكنزي بهذه الطريقة دفع الهواء بطريقة غير مباشرة داخل الأكياس وخارجها.

يقول ماثيوز: «هذا تكيف غريب حقًا لم نبحث عنه، لقد حاولنا فقط معرفة كيف تستطيع هذه الحشرات الطفو على الماء دون أن تغرق».

بدلًا من ذلك، وجدوا أن يرقات الذبابة الوهمية يمكن أن تغوص أو ترتفع أو تطفو ببساطة عن طريق التلاعب بدرجة حموضة جدران الأكياس الهوائية، ما يسمح للغاز بالانتشار السلبي للداخل والخارج دون الحاجة إلى الدم الحامل للأكسجين لتضخيم الأعضاء أو تفريغها.

يقول المؤلفون إن العملية برمتها تشبه عمل محرك ميكانيكي كيميائي، أي تحويل تغيرات درجة الحموضة إلى عمل ميكانيكي ضد الضغط الهيدروستاتيكي.

لا يشبه هذا المحرك أي شيء آخر وجدناه في المملكة الحيوانية، وهو سهل الاستخدام لدرجة أن بعض الذبابات الوهمية يمكن أن تغوص في عمق الماء.

عُثر في بحيرة ملاوي في شرق أفريقيا مثلًا على نوع واحد من الذبابة الوهمية (C. edulis) على عمق أكثر من 200 متر في بيئة منخفضة الأكسجين، ومثالية للهرب من الحيوانات المفترسة.

يشير البحث الجديد إلى أن هذه اليرقات لا تضطر حتى إلى السباحة للوصول إلى هناك، كل ما عليها فعله هو الذهاب عميقًا فقط.

اقرأ أيضًا:

ربما تطورت أجنحة الحشرات من أرجل القشريات

العلماء يحذرون: يجب أن نكف عن قتل الحشرات قبل فوات الأوان!

ترجمة: يمام دالي

تدقيق: سمية بن لكحل

المصدر